Pages

Sunday, September 27, 2015

ماذا يمكن للبحث العلمي أن يفيدنا به عن "التدافع" البشري؟ بقلم راشيل فيلتمان - ترجمة أ/حمزة المزيني (4)

 ماذا يمكن للبحث العلمي أن يفيدنا به عن "التدافع" البشري؟
بقلم راشيل فيلتمان
The Washington Post
 By Rachel Feltman 
September 24 at 1:59 PM



ترك حادثُ تدافعٍ وقع يوم الخميس في [منى] وفاة أكثر من 700 شخص، ومئات من الجرحى، ولا تزال أعداد المتوفين تتزايد. وليس التدافع الذي حدث خلال ما يمثل قمة فترة الحج السنوي إلا الحادث الأخير في سلسة مألوفة من مثل هذه الحوادث ـــ وإن كانت [هذه الحادثة من] أكثرها في عدد المتوفين في الخمس والعشرين الماضية.
ومن الصعب أن نتخيل كيف يمكن أن يتحول جمع إلى أن يكون على هذه الدرجة من الحالات القاتلة ـــ خاصة إن كان القصد منه أن يكون جمعا سلميا. لكن هذه الظاهرة مألوفة جدا حتى إن [تكرار حدوثها] ليدعو إلى استشارة الخبراء بالتحكم في الحشود من أجل المناسبات الأعلى ازدحاما [تشير الكاتبة هنا إلى رابط لمقال في الصحيفة نفسها عن الاستعدادات لزيارة البابا إلى أمريكا ومنها التحوُّط من وقوع حالات تدافع في التجمعات التي سيشارك فيها].
ومع أن أكثر الباحثين يركزون على كيفية منع هذه الكوارث التي تسمى بالتدافع عن طريق الحيلولة دون حدوث ازدحام في أماكن التجمعات إلا أنه لم يُنجز إلا قدر قليل من البحث [العلمي] عن الكيفية التي يبدأ بها التدافع ــــــــــ أو السبب وراء بدايته.
يقول أحد الناجين من التدافع في [منى] إن الناس كانوا يتساقطون كما تتساقط "أحجار الضامنة" قبل أن يُداسوا ويختنقوا.
وكثيرا ما أدت أحداث التدافع القاتلة إلى تعكير أجواء المناسبات السياسية والاحتفالات الموسيقية والمباريات الرياضية والمناسبات الدينية في العالم أجمع.
فقد توفي مائة شخص تقريبا سنة 1989م في مدينة شيفيلد البريطانية، في واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ كرة القدم، حين دُفَع الحشد ليدخل إلى ملعب هيلزبورو لحضور إحدى المباريات.
وفي سنة 2005م لقي أكثر من 960 شخصا حتفهم نتيجة لتدافع على جسر [الأئمة] فوق نهر دجلة في بغداد حين انتشرت شائعات عن وشوك هجوم انتحاري بقنبلة مما تسبب في ذعر زوار أحد الأضرحة هناك. وكانت تلك الحادثة، وقتها، أعظمَ كارثة من حيث عدد المتوفين تقع في يوم واحد [في العراق] منذ الغزو الامريكية قبل سنتين.
وفي سنة 2010م خلَّف احتفال بإحدى الإجازات في العاصمة الكمبودية فنوم بنه 353 ضحية في الأقل نتيجة لدعسهم حتى الموت بعد أن بدأ جسر معلق في التحرك مما جعل آلاف المحتفِلين يحاولون الفرار.
وفي تلك السنة نفسها أظهر استقصاء لما كُتب [من تقارير] عن أحداث التدافع أنه على الرغم من الجهود التي تُبذل لمنع تلك الكوارث إلا أنها آخذة في التزايد. ومما لاحظه الباحثون أنه لا يعرف إلا القليل جدا عن المسببات الحقيقية لهذه الكوارث. كما لاحظوا أن أوائل المباشرين لتلك الحوادث يجعلون همهم الأول، وهو تركيز صحيح، العثورَ على الجرحى ومعالجتهم، لا تدوين ملحوظات تفصيلية عن التدافع نفسه.
ومما قاله أستاذ طب الطوارئ المشارك في جامعة جون هوبكنز الدكتور إيدبرت هسو، في تصريح نشر حين ذاك [سنة 2010]: "إنه يجب على منظمات الصحة العالمية أن تعترف بأن هذا نوع مهم من الكوارث. وإذا ما جعلوا من تقاليدهم أن يبعثوا أحدا بسرعة لكارثة من كوارث التدافع من أجل أن يرى ما حدث فربما نحصل على تقارير تفصيلية يمكن أن نستخدمها للمقارنة والتقابل. إننا لن نتمكن من فهم الكارثة التي نتعامل معها فهما حقيقيا من غير تلك التقارير ".
ويقول [البروفيسور] ج. كيث ستل، المتخصص في دراسات أمن الحشود ومخاطرها، في رسالة إليكترونية لصحيفتنا، إن حالات "التدافع" البشري الفعلية قلَّما تلاحظ. والحوادث التي يشير إليها الناس على أنها حالات تدافعٍ مختلفةٌ إلى حد بعيد عن حالات التدافع الحيواني المشابهة لها، ويمكن أن يشار إليها بشكل أكثر دقة على أنها حالات من "سقوط الحشود ودهسها".
ويقول ستل: إنه يبدو أن ما "يبدو أنه سقوطُ حشود ودهسُها ينشأ عن طريقتين من الحركة في مكان مغلق". وهذا [نوع من] التضاغط ــ لا التدافع. وحالات سقوط الحشود وتداهسها [أي أن يدهس بعضهم بعضا] بسيطة من حيث العملية الميكانيكية، مع الأسف: فإذا ما دُفع الناس دفعا شديدا بعضهم ضد بعض (أي 7 أشخاص في فضاء مساحته [ثلاثة أمتار مربعة تقريبا] كما تقول إحدى الدراسات) فمن الضروري إلى أقصى أحد أن يستمر الذين في مقدمة الحشد في التحرك بسرعة تماثل السرعة التي يتحرك بها الذين يسيرون وراءهم. أما إذا لم يحدث ذلك فسوف يتحرك الذين في الخلف إلى الأمام ــ حين لا يستطيعون رؤية مقدمة الحشد ـــ بحثا عن مزيد من الفراغ المكاني، مفترضين أن الذين أمامهم سوف يستمرون في إفساح الطريق لهم. فإذا صار الفراغ أقل تناسبا لسبب ما ـــــ إما لأن شيئا ما اعترض المجموعة التي في المقدمة، أو لانتشار إشاعة بين الذين في الخلف عن تعرض الناس للسقوط والدهس، وهو ما يجعل الحشد يزيد من سرعته ــ وهو ما يؤدي إلى [عَصْر] الذين في المقدمة، فسوف ينشأ عن ذلك إنتاج قوة تكفي لسقوط االناس ودهسهم في المكان الذي يقفون فيه.
ويقول ستل إن "الصورة التي أَستخدمها لتصوير هذا الحدث في أثناء تدريسي [لهذه الظاهرة] هي دفع بيضة في [مؤخرة] دجاجة" [لصعوبتها واستحالتها].
وأكثر الاحتمال أن تبدأ أكثر حالات السقوط والدهس القاتلة بحالة وفاة واحدة أو بعدد قليل من الوفيات التي تنشأ عن القوة الهائلة للجماعة المتلاحمة، وهو ما يتسبب في ذعر جماعي. وربما لا تنشأ حالات الاندفاع عن تحرك قوي واع إلى الأمام. بل يجادل الخبراء أن إلقاء اللوم على سلوك "الحشد" خطأ، إذ يمكن أن تنشأ أكثر حالات السقوط والدهس عن محدودية المكان الذي يقفون فيه. بل حتى حالات السقوط والدهس أو التدافع التي تحدث في حالات الكوارث الصاخبة كالمباريات الرياضية ومناسبات البيع المخفَّض أو الاحتفالات الموسيقية ربما تعود إلى الإجهاد البدني بدلا من كونها نتيجة لأي سلوك بشري محدد.
ويقول ستل الذي درس في السابق حركات معينة من حركة الحشود خلال الحج من أجل تقديم بعض الاستشارات الخاصة بالتحكم في الحشود إن من الصعب تحديد ما حدث للحشد في يوم الخميس [الذي وقع فيه التدافع في منى] بصورة دقيقة. لكنه يظن أنه لابد أن قدرا هائلا من الذعر قد حدث.
ويفسِّر ذلك قائلا: "يبدو كأن هذا الحادث كان نتيجة للتضاغط بين تيارين متقابلين [يسيران] بسرعة تجاوزت قدرة النظام الآمنة [على استيعابه]. وحالما يحدث ذلك فسيكون الوقت متأخرا حينها لإيقاف الحادث عن التصاعد. 
وحين يُصاب الناس بالذعر يزداد الأمر سوءا. ذلك أننا [بوصفنا بشر] ضحايا لنظامنا الأحيائي [البيولوجي] حين نكون داخل حشد متضاغط بقوة. لذلك لن تكون الاستجابة المعهودة المتمثلة بمبدأ "إما أن تقاتل أو تهرب"، حين يندفع الإدرينالين، عاملا مساعدا أبدا. ذلك أنه إذا استطاع المتضاغطون الذين يتصارعون للبحث عن متسع من المكان تهدئة أنفسهم والعودة إلى وعيهم، فلن تحدث حالات السقوط والدهس هذه. لكن أكثر الناس سيكونون عبيدا لتسارع ضربات القلب والشعور بالحاجة الفائقة للتنفس حين يواجهون الموت ــ وعندها تحدث الرغبة الجامحة في الهرب إلى مكان آمن مهما كلف الثمن. 
ولمنع السقوط والدهس من النوع الذي حدث [في منى]، يعمل ستل وباحثون مثله على التنبؤ بالحركة التي ربما يرغب الحشد أن يقوم بها. فهو يقول لصحيفتنا في مقابلة سابقة عن التحكم بالحشود: "إن [فهْم] ذلك كله يكمن في الرياضيات والتنظيم وعلم النفس". فيحتاج القائمون على تنظيم الحشود، حين يشارك الناس في مناسبة دينية، إلى أن  يتنبهوا إلى سرعة هؤلاء الأفراد والاتجاه الذي يحتمل أن يتخذوه، تبعا للهدف من ذلك التجمع. فإذا لم تستطع أن تجتهد على تيسير [تلك السرعة والاتجاه] فسوف تنتهي إلى إثارة أنواع من السلوك المؤدية إلى الإحباط". ويمكن أن تؤدي تلك الأنواع من السلوك المحبَط إلى موجات من الرعب الذي يصيب الجمع المتضاغط بقوة.
وقد صار من الممكن جدا في العالم المعاصر لحشود هائلة أن تتجمع. إذ يمكن أن يطير الناس إلى أي مكان في العالم للاشتراك في مناسبة دينية أو اختطاف نظرة إلى أحد القادة. وستظل حالات سقوط الحشود ودهسها احتمالا مرعبا في أي واحد من مثل هذه التجمعات.
___


سأضيف تباعا مصادر أخرى لقراءة خلفية الحدث... (علم نفس- طب طواريء- علم كوارث-)

الجزء الأول: http://shayunbiqalbi.blogspot.com.eg/2015/09/blog-post_26.html
الجزء الثاني:  http://shayunbiqalbi.blogspot.com/2015/09/blog-post_59.html


مصادر متعلقة بالموضوع:

https://twitter.com/wwcrowds/status/647306732776095744

هام جدا:  لماذا يجب أن تخفف الحواجز الحديدية حول الخيام لتلقي المصادمات؟  

شاهد..ماذا فعل بعض الحجاج هرباً من الموت؟

"On the left side and the right side there were tents. They closed their doors and said sorry, we can't let anyone enter. I asked the question: if you'd only open your doors, people would only come into your tent just for five or 10 minutes. And I say then, no-one would have died."

في وجود جموع غفيرة، كيف نحافظ على سلامتهم؟. مقال النيويوركر



Crowd safety expert - 'Hajj is like a city on the move'
Blaming the victims?
 Hajj 'stampede'
Collection of news..what is the correct term..crush/ stampede?
((Please ignore all references to the words “Stampede”, this site condemns the use of this description of a crowd related incident as misleading to the reader. Please read the related research by professional and respected practitioners in the field of crowd safety management, risk analysis and phycology to better understand the events of today)) 

Social identification moderates the effect of crowd density on safety at the Hajj


Sunday, September 06, 2015

بين قتيل حلبجة، وغريق كوباني.. صغار قتلهم ظلم الأشرار، وصمت الأخيار

كتبت د/إيمان الطحاوي

بين قتيل حلبجة (العراق) وغريق كوباني (سوريا).. صغار قتلهم ظلم الأشرار وصمت الأخيار

كان الجد يحتضن حفيده لعله يحميه من زخات الغاز السام التي تتساقط على مدينة (حلبجة.. ھەڵەبجە).. وحين خارت قواه سقط محتضنا حفيده...لا أحد يعلم من مات أولا؛ الصغير أم الجد؟ ولم ظل الجد يحمي جثته؟ ربما ليستطيع دفنه إن نجا من الموت. ولا أحد يعلم ما الذي فعله تحديدا هذا الصغير وهذا العجوز (عمر خاور) ليصب عليهم الحاكم (صدام حسين) غضبه في صورة قصف بالأسلحة الكيماوية على مدينة حلبجة شمال العراق ربيع عام 1988...


صورة رمزية في متحف حلبجة للعجوز و حفيده
صورة رمزية في متحف حلبجة تجسيدا لبعض القتلى


(عندما كنت اقترب، كنت أرى الضحايا في وضع يشير إلى أنهم كانوا يحمون شخصا آخر، رضيعا أو طفلا أو زوجة، لكن الجميع فارقوا الحياة. وتوفى شيخ كبير وهو يقطع كسرة خبز، وكان آخر مبتسما وبدا أنه توفى أثناء ابتسامته...آخرون ماتوا ببطء وهم يعانون ألما شديدا. لقى الجميع حتفهم في غضون ثوان..) – جون سيمبسون محرر الشؤون العالمية عن مجزرة حلبجة لبي بي سي BBC


صورة هنا وهناك: احتاج الأمر في حلبجة 1988 إلى نحو 28 صحفيا قاما أولهم بتصوير آثار المجزرة بعد 40 ساعة...في حين لم يسمح للمصورين أن يتلقطوا الصور وأن يدخلوا (صبرا وشاتيلا) في 1982 إلا بعد عدة أيام حيث بدأت الجثث في التحلل..بينما في يوم 3 سبتمبر من العام 2015، كانت المصورة التركية (يلوفير دمير) تنظر إلى جثة الطفل (إيلان عبد الله شنو كردي) مبهوتة حين تراءت أمامها على رمال شاطئ مدينة (بودروم) السياحية جنوب غرب تركيا حيث توفى قبلها بيومين غرقا مع أخيه الأكبر وأمه. وقالت: لم يكن أمامي إلا أن أمسك (الكاميرا) والتقط الصورة. هكذا فعلت المصورة بضغطة زر، حركت فينا كل هذه المشاعر..   




لا فرق بين المجزرتين من حيث أركان المجزرة. قاتل ومسرح جريمة ومستضعفين. قديما، كنا نرى صورا أو مشاهد ضوئية لآثار ما بعد ايام من المجزرة حسبما تسمح الظروف. أما اليوم، فالتصوير صار مباشرا للمجازر وحصريا في بعض الأحيان. وربما يستبق إعلام القاتل أحداث ومسرح مجزرته ويصورها ثم يسندها لغيره مثلما يفعل نظام الأسد. الفرق بين مجزرة وأخرى ليس عدد الضحايا ولا وحشية القتل. لكنه ردة فعل هذا العالم. اعتدنا مؤخرا مشاهدة المآسي تتكرر يوميا دون أن تطرف لنا عين. تجلدت الأحاسيس. لهذا، اتساءل: هل تأثرنا حقا بصورة هذا الطفل (إيلان)؟ رغم ادعاء الجميع بأنهم بهتوا لصورة جثة الطفل المسجاة على شاطئ قد قذفها موج بحر (إيجه).. في حين علقت ضيفة على قناة العبرية (العربية) مبتسمة أن الصورة نظيفة من الناحية التصويرية التقنية! (كانت باردة وتتبسم في حين المذيعة متجهمة على غير عادة مذيعات العربية وربما ودت لو قالت للضيفة احترمي مشهد الموت قليلا وكفي عن الابتسام المصطنع. أو هكذا قرأت المشهد). 
(كأن الحياة تجمدت، أو توقفت تماما. مثل أن تشاهد فيلما وفجأة توقف الصورة في إطار واحد. كان نوعا جديدا من الموت بالنسبة لي، تخيل أن تذهب إلى مطبخ ما وترى جثة امرأة تحمل سكينا حيت كانت تقطع جزرة. (..) وما حصل عقب الهجوم كان أسوأ. بعض من الناجين استمروا بالقدوم لنقلهم من مكان الهجوم بالمروحية. كان لدينا 15 أو 16 طفلا جميلا توسلوا لنا كي ننقلهم إلى المستشفى. لذا جلسنا كلنا مع كل الصحفيين، وكل منا يحمل طفلا في يده. ما أن أقلعنا حتى بدأ سائل بالخروج من فم الفتاة الصغيرة التي كانت في ذراعي ولفظت أنفاسها الأخيرة وماتت.)  - كاوه جولستان مصور إيراني لفاينانشال تايمز عما رآه في حلبجة 1988.


لقد بهتنا لأن هذا الموت بعيد عنا ليس كموت الآلاف تحت البراميل والرصاص والمدفعية الثقيلة. موت غير مشهود لنا. فلم يشهده إلا من نجا منه في هذا القارب الذي ضم (12) لاجئا. ربما سمح القدر للأم المكلومة (ريحانة) أن تشاهد مع زوجها (شنو كردي) اثنين من أبنائهم يموتون ثم تحلق بهم. فيظل الأب أسير هذا المشهد لا يستطيع دفنه و هو يدفن ثلاثتهم في مقبرة أسرته في (كوباني). ونظل أسرى لمشهد الطفل المفاجئ يشي بموت بعيد عنا. لكن الموت قريب جدا ونحن لا نعلم. 



  الصور لم تعد تحرك الثورات. لكنها صارت للاستهلاك واستجلاب التعاطف وقليلا ما تؤثر على الرأي العام الفعال... انظر صورة الجثة التي تكاد أن تنقسم على سور في مجزرة سوق سراييفو قبل نهاية الحرب في التسعينيات. كانت ذريعة مقبولة لتحث الجميع على الانصياع لاتفاقية دايتون (نهاية 1995) وتدخل أمريكي (فعال). رغم أنه سبقها عشرات المجازر الأكبر عددا...ولن أقول الأكثر فظاعة، فعندي مقتل واحد أمر فظيع كمقتل المئات أيضا. إن توظيف الصور بطريقة ممنهجة لهو عمل إعلامي بامتياز كقوة مخملية..



قبل هذا الحادث بيومين، كانت هناك صور أخرى لأطفال آخرين لقوا حتفهم في البحر لكنها لم تلق هذا الرواج. كانوا أكبر سنا وكانت صورهم أكثر وضوحا لما حدث لهم في البحر.. هذه بعض الصور التي لم تنتشر، رحمهم الله جميعا. 

 كأنه ابني أو ابنك، كفى رعبا. تألمت وأنا أتخيل أن يكون هذا ابني وهذا مصيره. تخيلت اللحظات التي بدأ فيها قارب الموت في الغرق وكيف حاول الأب أو الأم أن ينقذ الصغير (إيلان) أو أخيه الأكبر ثم ينتهي المشهد بأن يفقد الأب ثلاثتهم بعد أن هرب قائد الزورق الصغير إلى البر. . هل كان عليه أن يختار وسيلة أكثر أمنا وماذا فعلت لهم سترات النجاة إن وجدت؟ لقد جمع مثل غيره نحو (2000 دولارا) كما قيل ليهرب. هناك الكثير ممن لم يجمع هذا المبلغ ليستطيع الهروب من الموت المحدق عبر براميل الموت في سوريا إلى موت آخر محتمل في قوارب اللجوء فقد ينجو أو يموت فيه.... تذكرت مأساة غرقى عبارة السلام. يمر الآن أما عيني مشهد مماثل لها تماما...الناس غرقى يصارعون الموت بينما مبارك وزوجه وولديه يلهون ويشاهدون مباريات كرة القدم وفي تلك الأيام، يصمت الشعب وربما يلهو معهم...على الجانب الآخر بفارق زمني تعدى العشر سنوات، يجلس بشار الأسد ووزوجه أسماء الأخرس وابناءهم (الثلاثة) في أمن ومرح وربما يتحدثون عن خطة المأفون (الأسد) في القضاء على الإرهابيين، بينما قلة /جزء من نفس الشعب يبارك أيضا هذه الحرب على بني جلدته ولا تؤثر فيه مشاهد المجازر ولا النقاش ليعود للحق. سؤال عابر: أو لم تشاهد أسماء الأخرس ومعها هذا الشعب أي من صور الأطفال القتلى بسلاح بشار الأسد؟

The child, identified as three-year-old Aylan Kurdi, is believed to be one of 12 Syrians who died when their boats sank trying to reach Greece.
 (AFP PHOTO / DOGAN NEWS AGENCY)

لا يشعر بنا إلا الإنسان المجرد..  رغم أن الإنسانية تتجلى في ديننا وعروبتنا لكن يؤسفني أن أقول ليسوا جميعا يتحلون بجوهر الدين أو العروبة، فلا تتوسموا كثيرا في بني جلدتكم. لا تظنوا أن الغرب سيدعمكم جميعه. لا تصدقوهم جميعا: حينها كانت أمريكا وإنجلترا لا تزال تدعم صدام حسين مادامت حربه مع إيران لكنها انقلبت على صديق الأمس حين تغول غربا. حينها صمتت أمريكا ولم تفتح الملف جديا إلا بعد نحو عقدين من الزمان. لا تنخدعوا بما تفعله أمريكا وتحالفها ضد بشار الأسد وداعش. فهم لا يعنيهم آلاف المهجرين والقتلى والمصابين. لا يهمهم إلا مصلحتهم. ومن باب استغلال الوقت حتى يتمكنوا من التحكم في الوضع بصورة أفضل، ومن باب تجميل صورتهم، فإنهم يتباكون وربما يستصرخون العالم بصورة ممنهجة دعما للاجئي سوريا رغم أن سياستهم هي التي حولت الدفة لهذا الوضع المأساوي على مر سنوات. (لا حظ ان أزمة قوارب وسفن الموت ليست وليدة اليوم، والاهتمام بها يظهر بصورة مقننة على دفعات).






لسنا مذنبين، لكننا مشاركين في المسؤولية:ولناا في كل صورة قصة تخصني وتخصك عزيزي القارئ،.. كل صوة تحكي لنا كيف خذلناهم ونحن أمة المليار. وكيف استكنا لحكامنا بدعوى أننا مستضعفين. وكيف شاركناهم إثم الصمت على المجازر اللهم إلا وقد استرضينا ضميرنا بعبارات الشجب وعبرات التباكي. أما اليوم فصور الظلم نراها عيانا بيانا حال وقوعها. وننشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني بسرعة فائقة. ثم ماذا نحن فاعلون؟ إن أردتم فشاركوني من باب (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا).. لماذا لا نضغط على حكوماتنا بكل السبل لنستقبل أعدادا أكثر من اللاجئين؟ هل تعلم أعداد اللاجئين السوريين وتوزيعهم في بلدك؟ هل تعلم كم الدعم الذي تقدمه ميزانية دولتك أو الجهات غير الحكومية لهم؟ إن هناك ميثاق لتشغيل هؤلاء اللاجئين يجب أن تلتزم به الحكومات وعليها أن تنسق (جيدا) مع المفوضيات لتسجيل اللاجئين وتحسين ظروف معيشتهم وعليك أن تراقب هذا. نعم أنت رقيب على حكومتك أو من يمثلك. فإن لم يفعل؛ فيجب أن يكون لك صوت. ربما يكون هذا الحديث ضرب من (الفانتازيا) حين أوجهه لعالمنا العربي الذي يئن تحت ظلم الاستبداد لكن المحاولة الجادة المنظمة لن تكلفنا حياتنا لمجرد أننا نكتب أو نتظاهر مثلا من أجل اللاجئين لتتحرك الحكومات بصورة أفضل...لسنا مذنبين، لكننا مشاركين في المسؤولية..و هذا هو الخيط الرفيع الفاصل بين جلد الذات المبالغ فيه وتأنيب الضمير الفعال...لا يجب أن نكتفي بأن نقول (وقد حدث بالفعل) إن دولتنا من أكبر المتبرعين أو المستقبلين اللاجئين مستكفيين بهذا الدور الهزيل. فما يقدم هو بسيط جدا أمام ما يجب أن يتلقاه اللاجئون والدليل هو المأساة التي تضطرهم للجوء إلى الغرب بدلا من اللجوء إلى الشرق بهذه الأعداد راكبين قوارب الموت. وما خفي كان أعظم من أعداد من يستطيعون الهروب من الموت. وآلمني مقال روبرت فيسك الأخير حيث قرأته وأنا أعد هذه المقالة وكأنه يلومننا بطريقة مهينة. 
  
معلومة هامة: ألاف الإعجابات (اللايكات) لا تحضر لهم بطانية في الشتاء ولا توفر لهم خيمة تقيم المطر أو حر الصيف في الأماكن التي ينزحون إليها. كونوا عمليين لا فيسبوكيين. ابحثوا عن الجهات الجادة والآمنة للدعم الفعلي. لم لا تشاركوهم بوقتكم وتعملوا أيضا معهم.  

عمليا، نعود ونتساءل: لماذا قضيت هذا الصيف في أوروبا أو ماليزيا أو في غيرهما بتكاليف باهظة؟ لماذا لا تتخلى عن الترف الذي طفا على السطح في عالمنا العربي والإسلامي وتقضي أجازتك في بلدك وتتبرع بما فاض عن حاجتك لأجل اللاجئين. . عفوالأجل إنسانيتك وحقهم عليك. فلنكن أكثر عملية، ولنبحث في بنود حياتنا اليومية عن كل ترف ونتركه لمن يستحقه.. لن أقول عيشوا حياة الكفاف لكن الحد المعقول والكريم. ونعلم أن لكل معوز حقا فيما يتنعم به آخرون حد التخمة وأننا صرنا (مترفين) وسيأتي يوم علينا. فلا أحد يعلم متى تدور دائرة البلاء عليه من حيث لا يتوقع. ربما يرسل الله لنا (تسونامي) سياسي أو أي كارثة كونية فلا أحد آمن. فلنكن أكثر جدية ومصارحة، إننا ننظر لما نعطيه طوعا كأننا نحسن به على غيرنا باعتباره (صدقة) وليس (حقا).. بينما يقول ربنا (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) سورة المعارج...ولنكن أكثر وضوحا لنصل للنقطة الفاصلة، وهي أن كثير منا لا يهتم إلا بأمر ابناءنا وأهلينا ولو كان جار لنا في محنة فلن نشعر به. وإن كان هذا الجار من غير جنسيتنا أو ديننا أو قومتينا (إن صح التعبير) كأن يكون أزيديا أو كرديا مثلا فلن يهتم به كثيرا. لا تنسوا أن نفس القوارب التي عبرت البحر لأوروبا تحمل مهاجرين أفغان وغيرهم الكثير من جنسيات مختلفة لكن معظمهم /جلهم من السوريين. ارتفع عدد اللاجئين المشردين رغم أن ديننا وعروبتنا يحملانا على الانسانية ويرتقيان بنا إلى مكارم أخلاق الانسانية دون تفرقة. كثير لم يلاحظ أن الطفل (إيلان) كردي سوري وكثير من المهووسين ب (الدولة الإسلامية) أو المعادين (للكرد) لم يلتفت لهذا إلا بعد أن عرف اسم وهوية الطفل...فتعاطفوا بدءا، ثم صمتوا. نعم، من قتل هذا الطفل هذه المرة ليس فقط (بشار الأسد) ونظامه لكنه (أبو بكر البغدادي) وتنظيمه. أنت أيها القارئ بتهليلك لأيهما شاركت في قتله. لك الحق أن تختلف مع توجهات الكرد السياسية والحزبية (فهم أيضا يختلفون مع أنفسهم)، لكن اتفق مع انسانيتك وضميرك قبل كل شيء.


 حكومات و أنظمة مسؤولة : تفاوتت سياسات الحكومات تجاه اللاجئين..وصل الوضع إلى مساواتهم في المعاملات (الطبية و الطواريء على سبيل المثال) كالمواطنيين..و بعض الحكومات أوصلت أوضاع اللاجئين لمواطنين درجة أخيرة..و الحمد لله أنها اعتبترتهم مواطنين بشرا لا حيوانات..راجع سياسة حكومات دول الجوار بخصوص اللاجئين الفلسطينيين على مر العقود، لأنها قد تتكرر مع السوريين لسنوات لا يعلمها إلا الله.

 ((إنني سألتك ماذا تنوي أن تفعل بأمر اللاجئين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم آمنوا يوما بتدجيل قادة العرب. لقد أجبتني أن الحكومة ستهتم بأمرهم. فماذا كان هذا الاهتمام؟إ ن اللاجئين يا سيدي لم يأتوا غرباء عندما نزلت ضربة القضاء بهم، ونحنمسؤولون مع الحكومات العربية الأخر عن النكبة التي حلت بهم..)). هذا ليس استجوابا من نائب عربي تجاه أزمة اللاجئين السوريين في 2015...كان هذا في شتاء العام 1951 حين تحدث النائب إميل البستاني، بالتزام إنساني وعربي، مخاطبا رئيس الحكومة اللبنانية عن اللاجئين الفلسطينيين: (13 ديسمبر 1951).


أدبيات الدعاية لأجل الدعم المادي لمفوضية اللاجئين.. (هل تستطيع أن تغلق الباب في وجه أينشتاين. أن تقول (لا) أستطيع أن استقبلك)؟ هكذا خاطبت المفوضية وغيرها من الجهات الأممية والعالمية قلوب وعقول المتبرعين لتوصل لهم أهمية التبرع للاجئين فيتبرعوا منذ سنوات.. حيث إن آينشتاين اليهودي الفار من نازية (أوروبا) كان لاجئا ودرس وعمل في غير بلده الأصل وخدم البشرية. الآن، انقلبت الصورة، حيث تتم هجرات أخرى من العالم الثالث والشرق الأوسط نحو أوروبا. لكن كيف استقبلتهم أوروبا؟ يكفي ما فعلته حكومة المجر لتبرهن لنا عن عنصرية أوروبا و عنجهيتها وأنهم يسوقون إعلاميا لما لا يفعلونه. تركت أوروبا وأمريكا المأساة تتفاقم لصالح بشار الأسد الذي يريد أن يحكم ولو ترابا وجماجم، فتحولت الثورة إلى حرب لا أحد يعلم من سينتصر إن كان هناك من ينتصر في الحروب حقا.  وللأمانة، كانت تصرفات بعض الأوروبيين أرقى من حكوماتهم حين أمدوا اللاجئين بما يستطيعون من طعام لأيام حيث سكنوا الأرض أياما قبيل ترحيلهم من بلد لآخر بالمئات في قطارات مزدحمة ريثما تقرر الحكومات حلا يرضي عنجهية كل دول الاتحاد الأوروبي ولا يؤثر عليها. وعلى وقع التأثير الوقتي المحمود، تبرعت بعض الأندية والمشاهير لهم.  



أيها العنصريون، لقد تعاطفتم مع كردي! هذه الرسالة أرسلناها لزميل طبيب من مهاويس (الدولة الإسلامية) نظريا فقط على فيسبوك وبالصدفة هو لا يعرف عن الكرد إلا أنهم أناس علمانيون يجندون نساءهم للحرب.. فقلت له من فترة وماذا تقول عن السيدة صفية ورفيدة بنت الحارث و غيرهن؟ صمت ولا يجيب. الآن أسأله لماذا تعاطفت مع الطفل الكردي الذي تقتله دولتك الإسلامية (داعش)؟ لا يجيب.. لن أضيف الكثير. فقط أريد أن أقول له أنت عنصري، ولا تمثل الإسلام في شيء. عد إلى تسامح ديننا الإسلام هداكم الله وإيانا. 

وأخيرا، أنا اكتب لأفعل لا لأبكي. أريد ترجمة عملية لهذا المقال. وأريد ترجمة لغوية إلى الكردية وربما لغات أخرى، أما الإنجليزية فأنا كفيلة بها إن سمح الوقت. 
                                                                          5 سبتمبر 2015 
__________

أرقام ومراجع:
UNHCR  : بلغ عدد المشردين من قراهم ومدنهم جراء الحرب، 7.2 مليون لاجئ. ووفقاً لأرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فقد اقترب عدد اللاجئين السوريين في تركيا من مليوني لاجئ، حيث بلغ عددهم حالياً 1938999 لاجيء. أما في لبنان، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين 1113941 لاجئاً، في حين بلغ عددهم في الأردن 629245 لاجئاً، أما في العراق فقد وصل عدد اللاجئين السوريين إلى 249463 لاجئاً. عدد السوريين الذين توجهوا إلى مصر بلغ 132375 لاجئاً، في حين توجه 24055 لاجئاً سورياً إلى باقي دول شمال إفريقيا.
 

Monday, August 10, 2015

تدمر..ِشاهد و مشهود

 
تدمر شاهد و مشهود: محمد سليم حماد

أقل من مائة صفحة تفعل بك كل هذا؟


أرهقتني هذه القصة الطويلة رغم صفحاتها التي لا تتعدى المائة لكنها جاءت في ظروف و تقلبات أمر بها جعلتني أتأثر بها أكثر مما قرأته من وثائق و روايات عن أدب السجون عامة و في سوريا الحبيبة خاصة...كنت أبحث عن استراحة محارب و خلاص من ألام استمرت لنحو خمس سنوات من العمل الدؤوب لأجل نصرة الحق و من ظلم استمر لسنوات أكثر..خدعنا في الربيع العربي و عدنا إلى عصر حافظ الأسد لكن هذه النوبة في مصر...كزقاء اليمامة أرى فيما أقرأ و أبصر سنوات عجاف تعيشها مصر..و أحذر بني جلدتي من القادم الذي نسير إليه بملء إرادتنا غير مدركين أنه الأسوأ في مصر و غيرها من الدول العربية...سنوات مليئة بمثل ما ستقرءونه الآن من (تدمر شاهد و مشهود). يمر بذهني أشخاص عرفت عنهم كانوا هناك لسنوات و نجاهم الله فأبكي حقوقهم و سنوات عمرهم التي ضاعت دون أن يستردوا شيئا من حقوقهم. فهل سيتكرر هذا في مصر؟ نعم، فكل مصري هو قاب قوسين أو أدنى من هذا المصير و ينجيه الله في لحظة..أنستطيع العيش في هذا الخوف و التربص؟ أي حياة هذه التي نترقب فيها القمع في كل لفتة و الاعتقال لأية فعل؟ سوداوية نظرتي اليوم و ربما لم تكن هكذا بالأمس..فالنفس تتنقل من نفس لوامة لأخرى مطمئنة و نعوذ بالله من الأمارة بالسوء. ثقتنا في الله كبيرة و لا نيأس من روحه..لكنه القدر الذي نحياه و أبثه إليكم..

يؤجل النشر حتى أخرج من القرية الظالم أهلها يوما ما..الله أعلم متى (8-8-2015).

بدأ الكاتب بنظام (الفلاش باك)  بمقدمة ليوم خروجه بعد نحو اثنا عشر عاما من السجن في سجن (تدمر). ثم سرد قصته و كيف انتظم و بدأ مرحلة السجن و التعذيب و الموت المحدق به كل لحظة و يراه حوله كل ساعة.



تتشابه الروايات التي تتحدث عن نظام (الأسد) في التعذيب و القتل و عدم اكتراث الطائفة الحاكمة لآدمية البشر فتقتلهم كما يقتل أحدهم الحشرات. و تمتليء نفوس و عقول هؤلاء الجلاوزة بأمر متشابه متفرد ألا و هو –الحقد- الذي يكنه هؤلاء المرضى النفسيون للمعتقلين جميعا...ينفثون حقدهم بطرق متباينة بشعة في التعذيب و القتل.



و لا يتعلم أحد الدرس حتى يومنا هذا أن كل نظام قمعي سيقوم بنفس الأفعال و بنفس الحقد في أي مكان داخل أو خارج سوريا..فلا تأمنوا أن تتكرر مجزرة تدمر و غيرها بطرق مختلفة قريبا أو بعيدا و لا أحد آمن في هذا الزمان. (تذكر تطمينات الساسة قبل انقلاب يوليو 2013 في مصر).

كنت قد انشغلت لنحو عقد من الزمان بهذه المجازر خاصة في سوريا- حلبجة العراق- البوسنة..و اعتكفت على دراستها عمليا كنوع من الثقافة و المعرفة فالتاريخ لا بد من أن يحفظه و يصونه عالم. و إذا بالربيع العربي ثم انقلاب (مصر) يفرز لنا مثل هذه المجازر مع اختلافات شكلية..و الاتفاق هو أنه أثناء حدوث هذه المجازر يتخذ العالم ستارا يحجبها عنه، و أحيانا يباركها بحجة القضاء على الإرهاب..ثم يعود ليتباكى على الضحايا..و الاتفاق الثاني هو رد فعل الضحايا و ذويهم من المستضعفين حيث يغلب عليهم الاستكانة -رغما عنهم-، و المقاومة الضعيفة غير المجدية، و انتظار القادم ظنا أنه الأفضل..ذلك، لأنهم لم يستعدوا لهذه المواجهة مع نظم قاتلة قوية، فلا يزيدهم الجلاد إلا إمعانا في الظلم قد يمتد لعقود.

و قد تملكني قلق مستمر على المجتمع فأخذت أكتب ما يوعي القاريء عن مجازر هنا و انتهاكات هناك لحقوق الإنسان...فلا يستجيب إلا القليل.حتى أثر هذا على صحتي مؤخرا. قرأت الكثير مما تقشعر منه أبدان الرجال. و عرفت الكثير مما أصابني بالأسى..اصطبغت حياتي لأيام بهذه المشاهد و تلك الصور و أثرت على مزاجي و بعض قراراتي..حتى أنني كتبت هذا الملخص الذي بين أيديكم، و قد تقيأت مرات عدة هذه الليلة حين تذكرت المشاهد التي ألخصها. يكفيني هذا الجهد لسنوات، و ربما لا أتمكن من استكمال أكثر مما قدمته للقاريء من سرد لهذه التفاصيل. و الحمد لله على كل حال.


عودة للكتاب...سبق أن كتبت عن رواية
(القوقعة)..و هنا سأنتقي فقط ما توقفت عنده.


أطباء قتلة:
الآن، أتذكر ملف التعذيب الذي أصره الكونجرس و دور أطباء نفسيين خاصة في مجال التعذيب أثناء حكم المجرم (بوش) بغرض استجواب المعتقلين و استنطاقهم حماية للأمن القومي الأمريكي..هناك مواقع تتحدث عن (احتمالية) محاسبة هؤلاء الأطباء نظرا لمخالفة و ضميرهم المهني..قارن بين دور (بعض/ و ربما الكثير) أطباء العالم العربي في المشاركة في بعض المجازر و القتل البطيء داخل المشافي و السجون..تجد أنه يتشابه..لكن هل تكلم أحد من مناهضي الظلم و الانقلابات عنهم( بوضوح ) و  ( بأسماء و دلالات)؟ هل تحدث أحد عن تجريمهم و محاسبتهم (صراحة) و ليس إيماءا؟ لا..و هذا من عوامل الفشل.

طبيب مشارك و شاهد على التعذيب:



يعود نفس السؤال.. السادية و التعذيب تتكرر يوميا، بينما بقية الشعب صامت لعقود يبارك الرئيس المفدى! الإهانات الجسدية و التعرية و معاملة غير آدمية للمساجين.

خوف و قشعريرة حين قرأت تفاصيل التعذيب و الحياة المريرة في السجن..كيف تحملوا كل هذا؟..انخلع قلبي حين ذكر أسماء أشخاص و قال أنهم أعدموا بعدها بل شهد الكاتب بنفسه إعدام بعضهم. تخيل -عزيزي القاريء- أشخاصا تعرفهم ثم تراهم يقتلون و يعدمون أمامك كل يوم!.


لسنوات، كانت الصلاة بالإيماء فقط. حيث يمنع النظام الصلاة في السجون.

اعترافات سالم تحت وطأة التعذيب الخرافي على مجموعته. الضربة القاضية لهم. 




 
كيف احتال نظام (الأسد) الماكر و زرع شخصا دسيسة وسطهم مدعيا أنه منهم. تكررت هذه الاختراقات في صفوف معارضي الظلم و لم يكترثوا و أحيانا كانوا يخطئون التصرف فيخونون الأمناء ممن معهم و يثقون في العملاء. و هذه مصيبة كبرى و من دواعي الفشل. 



عنصرية: 

هناك دوما حديث عن ظباط من طائفة النظام و آخرين من الشراكسة..و لا أحد من الشعب في هذه الأماكن..و هذا تكرر في نظامي البعث السوري و العراقي..يتكرر أيضا في دول الأخرى مع استبدال محور الاختيار فبدلا من الطائفة يكون الولاء و الانتماء للحزب أو للنظام الحاكم و الابتعاد عن أية صفات ضميرية.


كيف صمت الشعب لعقود و هل ستلحق مصر ما بعد الانقلاب بمصير سوريا الأسد؟ نفس فكرة التخويف بجماعات إرهابية و تخريبية و اعتقالات و تعذيب ثم إعدامات. بدأ الانتقام من المعارضين بأعداد قليلة و ربما تزدادا بعد سنوات. لم لا؟ الله يستر على مصر و أهلها. لا تعتقدوا أن 41 ألفا في السجون هو رقم كبير..لا تعتقدوا أن مقتل ألف أو ألفين في مجازر هو نهاية بطش النظام و (جاب أخره) كما ردد بعض السذج من معارضي الانقلاب يوم مجزرة رابعة بكل ارتياح..اعتقاد المعارضين أن هناك نهاية للظلم دون مقدمات هو بداية الفشل، و هدية للظالم لكي يستقوى أكثر.


·فطور بالإكراه..الحلاقة الجماعية عذاب يليها نوبات انطباح و ضرب....الطعام مقزز..استحمام جماعي يصحبه ضرب و تعذيب..كل خطوة تخطوها فيها ضرب و إهانة و بها يتسلى السجان و الظابط. 

مهجع لنساء في السجن.

مهجع الشيوعيون المدللون. 

من نعم الله! 





 أثناء القراءة، تأكد لنا أنه يجب أن نحمد الله على نعمة الأمن و سلامة الجسد و القدرة على أداء فروض العبادة. هذا من فرط ما أثر بنا وضع المساجين كأنهم تحت يد كفار قريش و ربما أشد تنكيلا.


 أوبئة و جروح..يعالجهم ليتمكنوا من استكمال تعذيبهم. و لئلا ينتشر الوباء (الكوليرا) للشرطة داخل السجون أو للبلدة عبرالمجاري .


نمط الإعدامات..المجزرة الأولى في تدمر (نحو ألف شهيد بفتح النار عليهم و إلقاء القنابل) هو انتقام وقتي منظم تلاه عدة إعدامات بطريقة منظمة كنوع من الانتقام البطيء. نفس الأمر حدث في مجزرة عربة ترحيلات أبو زعبل في مصر. 


كيف استقبلوا الإعدام؟
مشهد لا يحدث إلا في هذا العالم بسجون الأسد: يمر السجين و يعريف الشخص نفسه بصوت عال ليسجله زملاؤه المسجونون بالمهاجع التي يمر عليها قبل أن يصل لنهاية الردهة و يتم إعدامه! أخوكم فلان يوحد الله. فيسجلوه ليعرفوا من أعدم و ربما يعلمون أهله و لو بعد سنوات بطريقة أو بأخرى.

الطبيب القاتل الذي انتقم من زميله الطبيب المسجون لأنه فضل عليه في زواج من زميلة ملتزمة (نفس القصة في رواية القوقعة). هنا تم قتله و أظنها الرواية الصحيحة.


الظابط يأمر المساجين بالفاحشة (اللواط) حتى اضطر البعض للإذعان ثم نجاهم الله.


 كيف نجح النظام في التماسك؟:
(مافيا قوية من المجرمين المتآلفين يتحكمون في شعب مهلهل) = (نجاح لعقود): منظومة السجون البعثية محكمة يجمعون فيها جنودا مجبرين و أقلية من الظباط الحاقدين على الأكثرية السنية و تحكمون في سجون بعيدة في الصحراء و بدون زيارات. و عمليات إنهاك مستمرة و تغيير أماكن المساجين. لا دلائل و لا قرائن..حتى القتلى لا جثث لهم و يدفنون بالصحراء. حرص الحراس و الظباط على عدم ذكر اسمائهم أمام المسجونين لكن عرف بعضهم بالوقت. أعدموا رقيبا في الخدمة الإلزامية تحت التعذيب لأنه فقط ساعد المساجين في أمر هين أو تهاون مع بعض المسجونين بقصد أو بشفقة غير مقصودة. شبكة استنزاف أموال أسر المساجين برشاوى للتفريج عنهم نسبيا و السماح بعض الزيارات لحساب قائد السجن و أعوانه.

على الجانب الآخر:
 تطفو بعض الاختلافات بين المساجين (مذهبيا و تنظيميا و إقليميا). نفس الشيء حدث بعد ثورة 2011 السورية، بدلا من محاربة نظام واحد معا، حاربوا بعضهم أشتاتا.و على حد قول الكاتب لم يكن المجتمع ملائكيا بنسبة 100 % داخل السجن.
 توافد مجموعات من المسلمين (غير الأخوان خاصة) ممن انضموا لأحداث حماة و لم يكونوا مجهزين نفسيا لظروف الاعتقال. هذه نقطة هامة في دفع الظلم..حيث التربية و التنشئة تأخذ وقتا و تترك الجيل قادرا على تحمل الأذى حتى يصل لدرجة الرضا بالاستشهاد.

تنظيم الطليعة و اصطياده و تعذيبه و عدم علاج الجروح حتى أصيبوا بال "غرغرينا" و مات الكثير دون علاج!



بعد توقف للإعدامات نسبيا، تم فجأة إعدام نحو 200 شخصا في يوم واحد من العام 1984. ربما بسبب رغبة (رفعت الأسد) تصفية أكبر عدد من السجناء ليكسر شوكتهم مع تشديد الأحوال في السجون تمهيدا لاستلام الحكم المتصارع عليه مع أخيه (حافظ الأسد) الذي أصابه المرض الخبيث..لكن (سبحان الله) غدروا ببعضهما  و حدث ما حدث. و من بجاحة (رفعت الأسد) و ابنائه أنهم عاشوا دور المعارضة في أوروبا و الخليج و تظاهروا بأنهم مع الشعب السوري في ثورته ضد بشار الأسد في  العام 2011..و ربما انخدع بهم بعض السذج من الشعب المظلوم أو مال نحوهم بعض مرتزقة الثورات لما يتمتعون به من أموال.. إنها ملهاة الطغاة و سذاجة المستضعفين. فإلى متى نستمر في سذاجتنا؟


التربية و النتظيم و عدم ترك الأمور لاحتمال الفشل أو الاختراق:




 حالات الانهيار النفسي و طرق الثبات و التثبيت و اختلاف الناس في هذا. و بعضهم وصل لدرجة اليأس (نعوذ بالله). السؤال الذي يتطرق للنفوس هو (لماذا لا ينصرنا الله رغم كل هذا؟)..و الإجابة رغم أن معظمهم يعرفها أن النصر قادم يوما ما في هذه الدنيا بالأخذ بالأسباب مع الثقة في الله، و قد يتأخر فيكون يوم القيامة..أما لماذا اختصنا الله بهذا فهو إما ابتلاء أو لأننا لم نستعد جيدا فتعرضنا لهذه الجولة و تلك الصولة في معركتنا المتواصلة مع الباطل. و الله أعلى و أعلم. ما رأيكم؟




 المراحل التي تمر بها نفسية الأشخاص تحت التعذيب و الانتهاكات و الإذلال: مقاومة- صمت- جلد-...هستريا- ذبول-...استعادة للإيمان...أمل..

 ماهية نفسية القائمين على القتل و التعذيب.! شياطين و مرضى نفسيين!

 
عذابات مهجع السل! (المقبرة الجماعية) 






و هذه إحدى نهايات العذاب (هستريا)..سبق أن تعرض لها صاحب رواية (القوقعة) و هذا أمر بديهي أن يصل البعض لهذه المرحلة حتى من المهيئين نفسيا أمام هذا العذاب لسنوات. 




تهذيب النفوس:


ذكر الله و مراجعة القرآن داخل المهجع











 التعذيب و الإهانة ليس غرضه تعذيب الجسد بالأساس..لكنه إنهاك للروح و لقدرتها على استكمال الحياة..غرض التعذيب (الجسدي- النفسي) هو  الإذلال و هذا أمر عسير على النفس البشرية الأبية. لا يريد النظام أن يقتل مئات الألوف من المساجين بين عشية و ضحاها..لكنه يريد أن يفرز جيلا منهزما داخل السجون و يقابله جيلا خائفا من نفس مصيرهم خارج السجون..و هذا ما نجح فيه نظام الأسد إلى حد ما..


القاضي الذي يحكم بالإعدامات بطريقة انتقامية و هزلية دون سبب. محاكم هزلية و مستشارون يتلاعبون بأرواح الناس حسب مزاجهم، ليصدروا قرارات بالإعدام ربما تصل لثمانية من كل عشرة مثلا. الكاتب يصف تفصيلا كاملا لعملية إعدام شاهدها عبر فتحة صغيرة تذكرنا بما شاهده مؤلف (القوقعة).


إعدام شخص مغمى عليه في السجن بلا محاكمة. توقف الإعدامات لشهور ثم عودتها..إعدام أب و ابنه بالمهجع..إعدام أخوة معا..لهو بالحياة: طبيب الأسنان الذي نادوه فظن أنه إفراج لكنه إعدام. رجل أعدم وأعدم ولديه معا من آل (العطار).

تجهز الكاتب للإعدام عدة مرات، و لم يحدث..فكل مرة ينتظر الموت لخمس سنوات بقين في سجنه!

منع الصيام بعد منع الصلاة!

حرارة و اختناقات شهر أغسطس (آب اللهاب)..تذكروا نعم الله علينا بقدرتنا على تلطيف الجو و كيف سنتصرف أو نتأثر لو تعرضنا لعشر ما تعرضوا له؟!

طلاق بالإكراه لسجين.

إجبار سجين على ابتلاع فأرة ميتة. التقزز هو وصف لما تشعر به الآن عزيزي القاريء..أما الجنون فهو اهتمام السجان بأن المسجون لن يموت بسببها!
قرار النظام بإجبار المساجين على تأييده و زيادة عدد المنتخبين.. نعم للقائد..نعم لكل إهانة و ظلم.

بكيت أول ما عرفت أن الكاتب أخذ إخلاء سبيل..حقا تنفست الصعداء و لم أصدق ما أقرأ..كأنني ذاك المعتقل. و هكذا كل قصة اقرأها كأنني ألقى هذا العذاب و اندمج معها لهذا الحد و أشعر بكل هذا الخوف طوال فترة قراءتها.




شيء من الفرح: 
 لقاء مع أسرته بعد 11 عاما..كل هذا الحزن و هذه المفاجأة حيث تغير ابنهم (ِشكلا و وروحا) و لم يروه كل هذه السنين.

 سؤال أفكر فيه كثيرا:  لو قام مخرج بعمل فني سينمائي عن تدمر و تفاصيل تعذيب و معاناة المساجين فيه، فكيف ينفذه و ينقله لنا؟ فكرة مرعبة.


 أهمية وحدة الصف المنظم....



شهدادات هنا و هناك:


شهادة جندي نظامي للمجزرة:


شهادة جندي آخر عريف علوي من جنود النظام:


قتل دون محاكمة و مكافأة 200 ليرة سورية! 


توريط أم اختيار؟

إفادة طه الخالدي:  


وثيقة: أورد الكاتب بنهاية الرواية قائمة ممن قضوا شنقا أو تعذيبا أو بالمرض بطريقة منظمة لتكتمل شهادته..و أمانته. و بها تنتهي الرواية بأن ينتهي دور و واجب الكاتب في التوثيق قدر المستطاع و حسبما تسعفه الذاكرة..، فأين درونا من الدروس المستفادة التي أوردناها داخل المقالة؟ 
  الكاتب دعا كل من شهد أو تعذب أن يدلي بشهادته مثلما فعل؛ لعلنا نستفيد منها لأخذ الحق يوما ما حين تتبدل الأحوال و لتكون أمانة ننقلها للأجيال التي لم تشهد بطش هذا النظام.  أين الخلاص؟ ما الحل؟

تحديث: 10-8 -2015 (ينشر حيث فقدت الفرصة الأخيرة للخروج و الأمان)..اليوم، استوى لدي الموت و الحياة. لماذا أبحث لنفسي عن السعادة و الراحة؟ هل خلقت للعذاب؟


تعريف: تدمر و أخواتها...مجموعة روايات و توثيقات لأحوال و مجازر سجن (تدمر) سوريا، و غيره من السجون في عهد (حافظ الأسد).

قال تعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ( 42 ) مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 ) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب (44)  - سورة إبراهيم . 

Thursday, June 25, 2015

قرأت لك: منظمة حقوقية أوروبية تندد بتعذيب واغتصاب النساء في معتقلات النظام السوري

حذرت الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان الاثنين من تزايد استغلال النظام السوري للنساء كـ"سلاح حرب ورعب" في النزاع الذي تشهده البلاد منذ أكثر من أربعة أعوام، منددة بتعرضهن للتعذيب والتحرش الجنسي خلال اعتقالهن. تفاصيل التقرير الذي يكشف جزء من هذه المأساة الإنسانية في المقال التالي.

قالت الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان في تقرير من 42 صفحة نشرته اليوم الاثنين على موقعها الإلكتروني بعنوان "احتجاز النساء في سوريا: سلاح حرب ورعب"، "يتزايد استغلال النّساء كسلاح في الحرب الدموية الجارية في سوريا ما يخلّف تداعيات وخيمة على النسيج الاجتماعي السوري واحتمال وضع حد للنزاع".
ويشير التقرير إلى "انتهاكات جسيمة ومنهجية ترتكبها الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها ضدّ النساء بطريقة منظمة وواسعة النطاق"، بينها "الحرمان والتهديد والحبس الانفرادي، بالإضافة إلى أشكال متعدّدة من التعذيب، بما فيها الاغتصاب والتحرّش الجنسي".
ويؤكد أن "الحكومة السورية مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد النساء" مضيفا أن "مسؤولين وعناصر من الأجهزة الأمنية السورية ارتكبوا هم أيضا جرائم وفقا للقانون الدولي".
وتضم الشبكة أكثر من 80 مؤسسة ومنظمة حقوقية ناشطة في أكثر من 30 بلدا متوسطيا.
ويرتكز التقرير على شهادات عشر نساء جرى اختيارهن من بين عينة إجمالية شملت 53 مقابلة مع نساء سوريات احتجزن خلال النزاع، وتمت مقابلتهن بين عامي 2012 و2014.
اغتصبت ليلي (38 عاما) أمام ابنها!
وتروي ليلى (38 عاما) التي اعتقلت مع ابنها أواخر عام 2013 في اللاذقية (غرب) معاناتها خلال فترة الدورة الشهرية قائلة "كنت عارية تماما وكانت الغرفة باردة وكان فيها جرذان. كان الدم يسيل على ساقي والمفتشة غير آبهة بذلك".
وتضيف "جف الدم على ثيابي التي لا أملك غيرها ولم يسمحوا لي بالاستحمام" خلال يومين، ما سبب لها التهابات ونزيفا حادا.
ويورد التقرير شهادة سوسن (36 عاما) التي اعتقلت في أيلول/سبتمبر 2012، وتروي تعرضها للاغتصاب من عشرة عناصر أمن، جرت المرة الأولى أمام ابنها البالغ من العمر 16 عاما.
وتتحدث الشبكة عن "أشكال بربرية من التعذيب" في سجون ومعتقلات النظام. وتقول لميا (24 عاما) والتي اعتقلت بعد اتهامها بمساعدة شبان على الفرار من الخدمة العسكرية "كانوا يدعونني بالقميص الداخلي ويرمون علي دلوا من الماء البارد ويصعقونني بالكهرباء لثلاثة أيام".
لميا (24 عاما): علقت ستة أيام!
وتشير إلى تعليقها من يديها لمدة ستة أيام متواصلة من دون أن تطأ قدماها الأرض خلال التحقيق معها.
ويسلط تقرير الشبكة الضوء على أن معاناة النساء المعتقلات لا تنتهي بمجرد خروجهن من السجن بسبب حالة النبذ التي يتعرضن لها من قبل عائلاتهن والمجتمع.
وتقول زينب (19 عاما) والمتحدرة من حمص (وسط) إنها عادت بعد خروجها من السجن إلى الحي الذي كانت تقيم فيه ولم تجد أيا من أفراد عائلتها.
وتضيف "ذهبت إلى أقاربي وخالتي فرفضوا استقبالي بعد اتهامي بأمور تتعلق بالشرف تعرضت لها في المعتقل".
ويورد التقرير امثلة عدة على استخدام قوات النظام والمجموعات المسلحة النساء كـ"ورقة مساومة في عمليات تبادل الأسرى" بعدما كان اعتقالهن في الفترة الأولى من النزاع يهدف إلى الضغط على أسرهن.
جهاد النكاح؟
كما يوثق التقرير شهادات فتيات أجبرن خلال اعتقالهن تحت التعذيب على الاعتراف بممارستهن لـ"جهاد النكاح" مع فصائل المعارضة، وبثت شهاداتهن من دون علمهن على وسائل الإعلام الرسمية.
وتسبب النزاع المستمر في سوريا بمقتل أكثر من 230 ألف شخص منذ منتصف آذار/مارس 2011، وباعتقال قوات النظام أكثر من 200 ألف شخص بينهم آلاف النساء، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

فرانس24/ أ ف ب 

"قلب مفتوح"

تعرف على صانعي الأفلام المرشحين في 2013 لجائزة الأوسكار: كيف ديفيدسون - "قلب مفتوح"   ملاحظة المحرر في IDA:   ترشيح Open Heart  لج...