Pages

Showing posts with label AUDIOBOOK كتاب صوتي، قراءة في كتاب،. Show all posts
Showing posts with label AUDIOBOOK كتاب صوتي، قراءة في كتاب،. Show all posts

Saturday, June 08, 2024

هذه صرخة وأتحداك أن تنشرها! صرخة من أجل غزة

 الكاتب/ نبيل العشيبي: أستاذ مشارك في الدراسات الإعلامية ومدير مركز الإعلام والدين والثقافة في جامعة كولورادو.

المترجمة/ إيمان الطحاوي: طبيبة و كاتبة من مصر.




 ترنو هذه الكلمات إلى الهبوط على أذنيك مثل أصوات خارقة لمرافقة الأهوال المؤلمة التي تزاحم شاشاتنا. لا تنخدع بصمت الكلمات المطبوعة. هذه الكتابة تصرخ. غزة ليست مكانا غريبا اكتشفناه في 7 أكتوبر. إنها ليست تيارا من المعاناة يهز عضلات التعاطف لدينا. لا يمكن أن تكون غزة مجرد لفافة أخرى في خلاصتنا العابرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف تكتب الغضب عندما يكون الرعب في الكلمات والصور مجرد وقود لخلافنا القاسي؟ ما هي الأصوات التي يجب أن تصدرها الحروف عندما تشعر أصابعك وكأنها حجارة على لوحة المفاتيح؟ أكتب اليوم والخوف من أن كلماتنا ومشاعرنا عن غزة، وعن حماقة الحرب، قد تكلست. والأسوأ من ذلك ، أنني أكتب وأصرخ لأننا جميعا نشاهد الإبادة الجماعية.

هل دموع طفل يتيم يرتجف لن تساوي شيئا بعد الآن؟ هل نحيب أم فقدت 50 فردا من عائلتها مجرد مشهد نتصفحه على تيكتوك - TikTok؟ أي عدد من القتلى والمشوهين المدنيين، من المنازل المدمرة، من الأحياء والمدن المحروقة، سيُشبِع هذا الانتقام الذي لا ينتهي؟

إيناس أبو معمر وهي تبكي وتحمل بين يديها جثمان الطفلة الشهيدة سالي- المصور محمد سالم- 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في مستشفى ناصر بخانيونس جنوب غزة



يتحدثون عن النصر الكامل قبل وقف إطلاق النار، ولكن عندما يتحول النصر إلى شهوة للقتل، عندما يتسامح مع الرعب المؤلم بصوت هند رجب، وهي فتاة جميلة تبلغ من العمر ست سنوات في سيارة مع ستة من أقاربها القتلى تتوسل على الهاتف لثلاث ساعات لإنقاذ حياتها قبل أن تُقتَل، عندما يعني النصر الكامل انتصار رصاصة على طفل يتوسل للحياة، ثم الخلاص فضيلة سأبحث عنها في الخسارة الكاملة.

سمعنا جميعا صراخ الطفلة هند صراخ الطفلة هند وانتقلنا إلى المنشور التالي.

DrSonnet — This is what the mother of the child, Hind Rajab,... (tumblr.com)


كما يقول الشاعر دانيال بورزوتزكي - Daniel Borzutzky ساخرا في " أداء أن تصبح إنسانا" ، "لقد قطعوا عشرين جثة الليلة الماضية واليوم يجب أن أهرع إلى التنظيف الجاف". ما هو الهدف من اسماع المذبحة ورؤيتها؟ لقد حول التمرير (تمرير المنشورات) إبهامنا إلى عضلة وحشية. نحن نرتد من مأساة إلى مأساة ويشتت انتباهنا ذلك العبث "البهيج" بينهما. نحن جثة بلا روح (زومبي) نُختَبر (لأداء دور) من أجل الإنسانية.

إذا بكت الكلمات ، فإنها ستتسرب عبر تلك الشاشة.

للوحة ل ملك مطر

Malak Mattar, "No Words," oil on primed linen, 218 x 485 cm, 2024 (courtesy of the artist).



على محمل الجد ، أي نوع من المخلوقات نحن؟ في أي عالم مضطرب/قلِق نعيش حيث يفد قادة العالم ومشاهير هوليوود إلى إسرائيل للتوقيع بفرح على رسائل تضامن حول القنابل الموجهة لقتل الأطفال وتشويههم؟ في أي واقع يكون بكاء طفل جائع يحمل مقلاة فارغة يتوسل أن يأكل دمعة تمساح من عدو غاشم/وحشي؟

أخبرني، متى أصبحت هذه المشاهد الفظيعة طبيعية؟ متى يتوقف مصنع الألم هذا عن العمل؟ هل هذه هي الصور التي سنعلقها في متحف النسيان في المستقبل؟

هل حياة الفلسطينيين رخيصة لدرجة أن كلمة مثل "وقف إطلاق النار"، أي مجرد وقف الأعمال العدائية الوحشية ضد السكان المدنيين العاجزين والمحاصَرين، أصبحت كلمة محفزة، وحيلة لغوية معقدة..نستحدمها في ألعابنا الباحثة عن دلالية الألفاظ المنعزلة؟ هل وقف إطلاق النار هو الكلمة الصحيحة؟ هل هي إبادة جماعية؟ هل هناك أناس أبرياء حقا في غزة؟

هل نسمع أنفسنا؟ اللامبالاة العاطفية في هذه الأسئلة مخيفة.

نعم ، أبدو أخلاقيا و مع ذلك، أوجه الاتهام لنا جميعا بالتخلي عن ملايين الأشخاص للاستقامة/السداد الملتوية للقنبلة أو التعاطف المسطح لتمرير وسائل التواصل الاجتماعي. لم أعد أهتم بالمنطق بعد الآن. ليس هناك معنى في ابتذال العالم الذي نعيش فيه.

أريد فقط أن أصرخ لأنني أكتب هذه الكلمات بقلب مثقل/حزين. لا أريد أن أصرخ كعربي أو أمريكي أو مسلم أو عالم أو معلم. أريد أن أصرخ بدون اسم ، بدون ألقاب ، بدون درجات ، بدون بروتوكولات/أصول الأداء المهذب. أود أن أصرخ كإنسان مع غصة في حلقي لأكرر بتواضع اليأس في تضرع أولئك الذين لم تتوقف القنابل عن المطر عليهم وأولئك الذين على الجانب الآخر من الحدود الذين لا يرون أي فضيلة في العداء المستمر /الذي لا يلين لقادتهم.

 

هذا تطهير عرقي أثناء إبادة شعب فلسطين في غزة

نور هندي Noor Hindi  ، "اللعنة على محاضرتك عن الحرفية/المهارات ، شعبي يُباد"

"أريد أن أكون مثل هؤلاء الشعراء المهووسين بالقمر.

الفلسطينيون لا يرون القمر من زنازين السجون.

لكنهم لن يتمكنوا من رؤيته من تحت الأنقاض في أي وقت قريب."

 وتختتم هندي قصيدتها بكلمات مؤلمة: 

"عندما أموت، أعِدُك بأن أطاردك إلى الأبد،

وفي يومٍ ما، سأكتب عن الزهور وكأنها لنا."

وكنتم تظنون أن الفلسطينيين يموتون فقط . . .

من فضلك أخبرني إذا كان هناك عتبة للرعب؛ لئلا أضيع أنفاسي سدى.

وهذا ليس كلاماً بليغاً. مثل فرانز فانون، شاعر المعذبين في الأرض، لا أريد أن تكون كلماتي جميلة. بل أريد أن تكون لغتي قاسية. وسط كل هذا الدمار والكراهية المهينة للإنسانية، تبدو البلاغة وكأنها وسيلة إلهاء قاسية في عالم حيث الاهتمام هو صنم من التواصل السرمدي دون تدبر.

إنها ليست الراحة التي أنشدها بصرختي. بل هي رعشة الألم تلك التي لم يحلها الهروب من التعاطف الذي آمل أن أبقيه باقياً بالنسبة لنا جميعاً عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل. جميعهم بلا استثناء. لاَ نسْتَثْنِي أَحَدًا.  تُذكرنا الشاعرة سولماز شريف بأن "التعاطف هو أن تضع نفسك في أثر/خطوط طباشير شخص آخر وتلتقط صورة".

متى نتوقف عن التقاط صور الفلسطينيين القتلى والمشوهين؟

لم تكن هند رجب بحاجة إلى تعاطفنا. الرقة/الضعف في ندائها المخيف يصرخ العدالة والعدالة الآن. وصفت صحافتنا "الأفضل" "الحادثة" بعناوين جبانة مثل: "العثور على طفلة في السادسة من عمرها ميتة في غزة". وكانت كلمة هند الأخيرة لمسعف الهلال الأحمر: "تعال خذني. هل ستأتي وتأخذني؟ جاء اثنان من أول المستجيبين. لقد قتلوا على الفور.

لكن العالم لم يأت لإنقاذ هند.

قالت والدتها وسام حمادة عن مقتل طفلتها: "سأسأل أمام الله يوم القيامة أولئك الذين سمعوا صرخات ابنتي طلبا للمساعدة ولم ينقذوها".

سوف يخبرونك أن الأمر معقد، ولم يتسن التحقق من المصادر. وسيقوم الجيش الإسرائيلي "بالتحقيق" في هذا الحادث. الصحافة الكسولة ، في الواقع ، لكننا لسنا بعيدين عن المأزق. كلنا نشاهد ونمرر دون جدوى ، شهودا أو مستهلكين لنظارات الألم المتألقة. في المجال الرقمي ، تُقدّم "العواصف القذرة" ، كما يقول الفيلسوف بيونج شول هان ، على أنها مجرد "تيارات من التأثير" ، ونوبات من العواطف الجارية ، وسيل من المعلومات المثيرة للاشمئزاز بلا حدود دون وعد بالمعرفة.

* بيونگ تشول هان (Byung-Chul Han) هو فيلسوف ومنظر ثقافي كوري سويسري ألماني. 

Palestine Red Crescent Society/Katsikoyiannis Portfolio
Palestine Red Crescent Society/Katsikoyiannis Portfolio


يجب أن نتوقف عن النظر إلى معاناة الفلسطينيين كشكل من أشكال (السياحة العاطفية). إن رؤية آلامهم بهذه الطريقة تنزع الطابع السياسي عن مظالمهم، وتحولهم إلى موضوعات دائمة لنظرة منافقة. المعاناة هي عمل سياسي يستصرخ  العدالة ، لا مشهد مدته 30 ثانية من التفريغ المتعاطف.

تخيل هذه الكلمات في أعلى درجة صوت يمكن أن يقدمها. أريد أن أكتب بصوت عال لأن الكتابة تحت سوط الإمبراطورية لا يمكن أن تكون بنبرات خافتة.

لا أطلبُ الإذن بالصراخ.

ما مقدار الحرية التي أمتلكها حقا لأقول ما أقوله الآن دون خوف من الرقابة، دون أن تجلدني عصا الترهيب فاستقيم لهم /فتعيدني إلى جادة الطريق؟ عندما أفرغ من الكتابة، سأضطر إلى الكفاح لأنشر هذه الكلمات لأن المحررين سيخشون صراخي بسبب ما يُنبّيء به اسمي العربي. سيجدون كل ظلال الأعذار لتجنب التعليق على لغتي المتوهجة. إذا تم نشرها، فسأضطر إلى التعايش مع رد فعل عنيف متوقع يتهمني بانتهاك التعليمات الإمبراطورية حول كيف أكون عربيا جيدا.

لكنني نفضْتُ يدِي مِن التأدب والكتابة بنبرة ناعمة. اللعنة على العقلانية المحسوبة. اللعنة على الكلمات المنمقة. اللعنة على برجوازية التعاطف البارد. اللعنة على زيف الليبرالية. اللعنة على أخلاق أولئك الذين نسوا بسهولة لماذا نحن هنا في المقام الأول. اللعنة على الحسابات القاتلة للقادة السياسيين. اللعنة على أي عمل من أعمال التنظير التي تسمح لنا بالخروج من المأزق. اللعنة على جميع حراس العار الذين يمحون الفلسطينيين. اللعنة على أولئك الذين يواصلون بناء مسارح المصارعين الوحشية ليختبروا إنسانية غيرهم.

واللعنة على أولئك الذين سيقولون لي أن هناك الكثير من الاستياء في لغتي.

اليوم، أرتدي الصورة النمطية بفخر. أنا العربي الغاضب، المسلم الساخط، الشرق أوسطي المجنون. غضبي، رغم ذلك، جميل بقدر ما هو شيطاني. إنه يرعد ويهمس. إنه يؤلم ويشفي، ويتصاعد لكنه لا يتلاشى. هدفه الرئيس هو تهذيب الصراخ بعيدا عن الضوضاء المبتذلة للقنبلة والأزيز المميت للطائرة بدون طيار: قطعتان لقتل الشرق الأوسط عرفتهما منذ فترة طويلة جدا.

على الأقل هذا الغضب ليس هبوطا قاتلا إلى كارثة. إنه، كما يقول الشاعر أميري بركة اليوم عن الفلسطينيين، "غضب الملائكة".

صراخي... يتوق للانضمام إلى الصراخ الرشيق للشعراء الذين يكتبون ضد الكلمات بطلاقة متدفقة، والذين يقتلعون الحروف من أعشاش مزيفة.

صراخي... هو لحن الرعاية ، الصوت غير المكتشف لفراشة عنيدة تعشش في مسلخ.

صراخي... يدق ولكنه لا يشوه أو يقتل أو ينكسر. إنه يُذكر في مملكة النسيان.

صراخي... يعانق الفلسطيني تحت الأنقاض وفوقها ويحتضن اليهودي الذي يبدو في رعب تام مثل أولئك الذين جردوا من إنسانيتهم وأُبيدوا مثل "جرذان" بالأمس لكنهم يقصفون ويبيدون الآخرين على أنهم "دون البشر" اليوم.

صراخي... يبذل قصارى جهده لتكرار الجرأة النبيلة لتال ميتنيك Tal Mitnick ، الجندي الإسرائيلي البالغ من العمر 18 عاما والذي يفضل السجن على الخدمة في جيش مخمور على انتقام غير مبرر.

صراخي... لديه أمنية واحدة فقط. انهض واصرخ.

أصرخ لتهدئة الكلمات التي تتوق إلى صفائها المسروق.

أصرخ لأنني أفكر في الأصدقاء اليهود الذين يهمسون بسلام. أصرخ لأنني أفكر في اليهود الذين يطاردهم القرب الكامن من تاريخهم المرعب.

أصرخ من أجل الفلسطينيين المحكوم عليهم بتحمل أثقل الأعباء: ادفعوا ثمن تاريخ دموي خلقه بالأمس أولئك الذين يهتفون للحرب اليوم. أصرخ حتى يفقد أولئك الذين يفقدون ذاكرتهم صوتهم بعد ذلك.

أصرخ لأن الصرخة في أوروبا هي تحفة ثقافية، بينما لدينا هي هدير مشوه من المشاعر.

لكن هذه الصرخة ... ليست أداءا ينتظر التصفيق.

لذا ، أحني رأسك للصراخ الصامت في الداخل وتذكر الآلاف الذين استشهدوا، والأطفال الذين ماتوا قبل أن تتمكن أمهاتهم من ضمهم مرة أخرى.

انحنوا للأطفال المرتجفين الذين يجوبون شوارع غزة بحثا عن أمهات وآباء لن يجدوهم أبدا.

انحنى للحشود الجائعة من الرجال والنساء الذين يبحثون عن قطعة خبز وسط أطراف وأشلاء متناثرة.

وانحنى لسماع صراخ والدة هند التي انتظرت أن ينقذ العالم ابنتها الجميلة فقط لتتلقى جثة مغطاة بالدم اليابس.

ربما يكون صراخي على هذه الصفحة هادئا، لكنه يزأر بصلاة مكللة بالعار.

يصرخ وينحني وينحني ويصرخ. هذه ليست صرختي و لا صراخنا. إنها صرخة الملائكة.

بعض المراجع:

من هي الطفلة هند رجب؟

 النص الأصلي: صرخة من أجل غزة 

A Scream for Gaza - Nabil Echchaibi, 2024 (sagepub.com) 

نشر أولا بعنوان: هذه صرخة وأتحداك أن تنشرها! 

This is a scream and I dare you to publish it! – Social Text (socialtextjournal.org)

Friday, April 07, 2023

Stranger in My Own Land غريب في وطني

On my new reading list:

(Stranger in My Own Land)
Palestine, Israel and One Family's Story of Home

Author: 


Publisher:
Hurst, UK.
An independent publisher since 1969

"All my life, my exiled parents had told me about the tragedy of Palestine. Then, when I was in my early 20s, my family moved back – and I saw it with my own eyes. "Fida Jiryis










@ Dar al-Kalima University  


Arabic :
 بعنوان (غريب في وطني)
"غريب في وطني: فلسطين وإسرائيل وقصة إحدى العائلات عن الوطن"،

@ Dar al-Kalima University  



فدى جريس كاتبة وباحثة فلسطينية من قرية فسوطة في الجليل، نشرت العديد من القصص والمقالات في الصحافة العربية والغربية، ولها مجموعتان قصصيتان: "حياتنا الصغيرة" (2010، دار فضاءات، عمان) و "الخواجا" (2014، مكتبة كل شيء، حيفا).
الندوة: جامعة دار الكلمة، فلسطين 



بعد اتفاقات أوسلو عام 1993، سمح لحفنة من الفلسطينيين بالعودة إلى مسقط رأسهم في إسرائيل. وكانت فداء جريس وعائلتها من بينهم. تحكي هذه المذكرات المكتوبة بشكل جميل قصة رحلتهم، وهي أيضا قصة فلسطين، من النكبة إلى الوقت الحاضر - قصة خمسة وسبعين عاما من الصراع والهجرة الجماعية والاحتلال والعودة والبحث عن الانتماء، من خلال عيون كاتبة وعائلتها. تكشف جريس كيف اختار والدها، صبري، أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية ومستشار ياسر عرفات، المنفى في عام 1970 بسبب عمله. تشكلت طفولتها في بيروت من خلال التوترات الإقليمية والحرب الأهلية اللبنانية والغزو الإسرائيلي عام 1982 ، مما أدى إلى وفاة والدتها. بعد ثلاثة عشر عاما ، عادت العائلة بشكل غير متوقع إلى فسوطة ، قريتهم الأصلية في الجليل. لكن فداء، المليئة بالحب لبلدها، لم يكن لديها أي فكرة عما ستدخل فيه.


من الكتاب (مترجم من الجارديان)

بعد أسابيع قليلة من وصولنا إلى قرية والدي، أخذني أبي وأخي الأصغر في رحلة قصيرة بالسيارة. لم نذهب بعيدا ، ما يزيد قليلا عن ميل واحد ، ووجدنا أنفسنا ندخل قرية صغيرة. وقال: "هذا هو موقع دير القيسي". كتب على اللافتة: "القوش". بعد تدمير فلسطين - التي نسميها النكبة - في عام 1948 ، تم تطهير الدير عرقيا وإعادة تسميته.

سافرنا عبر طرق هادئة تنتشر فيها المنازل وأشجار الصفصاف. كان هناك عدد قليل من أقفاص الدجاج. أوقف أبي السيارة وخرجنا. "هل ترى هذا؟" أشار إلى هيكل حجري قديم. "هذا هو أحد المنازل الأصلية للقرية."

حدقت فيه عندما صدمني الواقع. طوال حياتي، كنت أقرأ وأسمع عن مأساة فلسطين. الآن ، كنت أنظر إليها.

"لم يهدموا جميع المنازل"، كان أبي يقول. "احتفظوا بالقليل، لأن القادمين الجدد كانوا من اليمن وأحبوا المنازل العربية. هناك واحد آخر ... "

أيهما أسوأ، تساءلت: أن يدمر منزل المرء، أم أن يبقى فيه، ليعيش فيه الآخرون؟

وكل ما تبقى من قرية سحماتا منذ وصول الجرافات الإسرائيلية هو أشجار الزيتون وبعض الحجارة البارزة. 

كان الفلسطينيون في أسفل السلم الاجتماعي. تذكر الجيل الأكبر سنا سنوات الحكم العسكري والقمع. لقد عاشوا تحت غطاء سميك من الترهيب. وعلى مدى عقود، لم يشيروا حتى إلى أنفسهم على أنهم فلسطينيون. بدلا من ذلك، كان لدينا تناقض كبير في التسمية: "عرب إسرائيل". كان رد فعل الناس في فسوطة إما بصمت محير أو انزعاج حاد عندما ذكرت فلسطين. حتى عندما تحدثنا عن مكانتنا المتدنية في إسرائيل، لم يروا ذلك إلا من منظور العمل ومشاكلهم المباشرة. كان عليهم أن يكونوا جزءا من النظام الإسرائيلي من أجل البقاء. بالنسبة للجيل الأصغر سنا ، الذي ولد بعد إنشاء إسرائيل ، كان هذا النظام هو كل ما يعرفونه.

نظرت إلى الجبهة مرة أخرى ورأيت جنديين يصعدان إلى الحافلة. انتفخت عيناي. كانوا يحملون أسلحة. ساروا في الممر وجلسوا على المقاعد الفارغة أمامي. حدقت في البنادق المتدلية على أكتافهم. كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها المعدن البارد قريبا جدا. ابتلعت بشدة. لم يحمل أحد أسلحة في قبرص. لماذا كانت هناك بنادق في الشوارع؟ هل كان هذا طبيعيا؟ ماذا لو انفجر أحدهم؟


قالوا عن الكتاب:

"حكاية صمود وشجاعة لا تصدق ، تدمج هذه المذكرات القوية ذكريات فداء جريس الشخصية مع سرد لحكاية وطنها وشعبه. هذه قصة صريحة ومؤثرة عن الإنسانية والصمود، وتعطي مضمونا حقيقيا لحق العودة الفلسطيني المقدس." - إيلان بابيه، أستاذ التاريخ، جامعة إكستر، ومؤلف كتاب "عشر خرافات عن إسرائيل"


Wednesday, March 09, 2022

العام الذي تعلمنا فيه الطيران! The Year We Learned to Fly!



عرض د/ إيمان الطحاوي.

اسم الكتاب: (العام الذي تعلمنا فيه الطيران).

تاريخ الإصدار: يناير 2022.

تأليف: جاكلين وودسون.

رسومات: رافائيل لوبيز.

الكتاب مناسب للأعمار من خمس إلى ثمان سنوات.

اللغة: (صدر في نسختين الإنجليزية والإسبانية).

في يوم صيفي حار، كان هناك فتاة سمراء ذات شعر أفريقي مجعد، تعيش مع أخيها وجدتهما في مبنى سكني شاهق في مدينة أمريكية. وبسبب الطقس الحار، يجب عليهم أن يبقوا بالداخل. استجاب الطفلان لنصيحة جدتهما حين قالت: "استخدما عقولكما الجميلة والرائعة. ارفع ذراعيك، وأغلق عينيك، وخذ نفسًا عميقًا، وآمن بشيء ما. شخص ما في مكان ما كان يشعر بالملل مثلك تماما".

وقبل أن يعرفا كيف حدث هذا، فإن خيالهما يرفعهما ليطيرا فوق هذا الشعور. في يوم آخر مليء بالمشاجرات، حان الوقت لرحلة جديدة خارج أذهانهما. وهما قادران الآن على ترك الغضب والشجار وراءهما حيث تعلما الطيران.

 هذه المهارة الثمينة، كما تقول لهما الجدة، تعود إلى زمن الأجداد المستعبدين عندما أحضروا قسرا من أفريقيا إلى هنا على متن سفن ضخمة، وكانت معاصمهم وكواحلهم مكبلة بالحديد. فقد ابتكرت عقولهم هذه المهارة للخروج من واقعهم المرير. لقد تعلموا الطيران بأذهانهم إلى وطنهم. فأظهروا للعالم قوة ومرونة عقولهم. إلى أن تحرروا أخيرا.

وعندما يخوض الطفلان تلك التجربة، يمكنهما رؤية العناصر الإيجابية، مثل الزهور في الربيع، الرفقة في الصيف، والحرية في الخريف، والأصدقاء الجدد في الشتاء... ومن ذلك الحين فصاعدًا، لا يمكن أن يحبطهما أي شيء- لا الغضب ولا الوحدة ولا الأطفال غير الودودين في الحي الجديد.  

إذن "لا أحد يستطيع أبدًا أن يقيّد عقلك الرائع والجميل"، و لايزال درس الطيران هذا ينتقل من جيل إلى جيل.

.....

يحتفل النص الماتع والرسومات المبهرة بالقدرة غير العادية على رفع معنوياتنا وتخيل عالم أفضل. فتشمل العناصر الخيالية في الرسوم شعر الفتاة الممتلئ بالفراشات والزهور، ثم سفن العبيد في البحر. تظهر وجوه الأجداد في أوراق النباتات. دمجت كل هذه الصور مع صور الأطفال الذين يطيرون، في عالم إبداعي.  وابتكر كلا من وودسون ولوبيز مسارًا يمكن للأطفال اتباعه أثناء اكتسابهم الثقة وتخيل طريق يمضون فيه للأمام رغم التحديات.   

تنويه من المؤلفة: هذا الكتاب يذكرنا بكتاب فرجينيا هاميلتون (الأشخاص الذين يستطيعون الطيران) وقد نشر عام (1985).

 Originally published: January 4, 2022

Author: Jacqueline Woodson

Illustrator: Rafael López

Genre: Children's literature

 




Saturday, August 07, 2021

الدين و الدم - إبادة شعب الأندلس 2

 نستكمل القراءة..مع د/ إيمان الطحاوي 

الجزء الأول هنا 

إنهم يحملون الدين كل خطاياهم:

هل كانت وحدة الدين ذريعة لأجل حكم شامل أوروبي؟ هل كانت تخبيء وراءها أطماعا اقتصادية؟ الدين المسيحي لم يأمر بهذا  قط. رجال الدين: ليسوا هم الدين..الحكام: لم يخولهم أحد ليتحدثوا باسم الدين ..تستطيع أن تعيد نفس الجمل على أي دين آخر..الدين لا علاقة له بما يفعله أحد باسمه.

تكررت هذه المجازر حين استأصل الأوروبيون الكاثوليك السكان الأصليين في الأمريكتين. بل و زينوا فعلتهم هذه بإعلام مخادع جعلك تتعاطف مع الغزاة ضد أصحاب الأرض الأصليين.

كيف تتعلم دينا جديدا؟  

دينيا، لم يفلح الإسبان في تعليم المتنصرين الجدد أية تعاليم من الدين الكاثوليكي. فالدين ليس تعليما فقط بل هو اقتناع و إيمان بلا خوف. كما أن الإسبان لم يملكوا العدد و لا المعلمين المتمرسين لنشر الدين في أنحاء الأندلس بينما هم أنفسهم يفتقدون التعليم و الفهم الصحيح للرسالة الدينية. و في هذا الأمر، أفرد الكاتب فصلا أسماه (بيت مليء بالأفاعي و العقارب).

كيف تم انتزاع الهوية الأندلسية؟:

حاول الإسبان لمدة ثلاثة أجيالَ ليحدثوا التغيير الشامل في الهوية. و الجيل هو مرحلة التعاقب الطبيعية من أب إلى ابن، ومدته ثلاث و ثلاثون سنة. نظريا، يعتبر الجيل الثالث أكثر اندماجا بالمجتمعات الجديدة كما يحدث عند الهجرة مثلا. و هنا صارت الأجيال الجديدة أكثر بعدا عن دينهم و تاريخهم و قيمهم تحت هذا الحكم الغاشم. لأنهم ببساطة اكتسبوا لغة و هوية جديدة في بيئة مختلفة عن تلك التي عاشها أجدادهم..صاروا شخصا آخر و تعايشوا أكثر مع  التنصر. إنه جيل وليد قرن من التعذيب و التفكك. جيل استقر الدين عنده في عنده في القلب دون عادات أو عبادات. ثم تحول الدين عنده إلى تاريخ ثم نسي إلا من رحم ربي. انتصر الإسبان (نسبيا) في نزع الهوية الأندلسية بفعل الزمن بجانب التعذيب. و قد كان مكرهم كبيرا حين انتزعوا بعض ابناء المسلمين لأسباب و قوانين جائرة. كما خيروا من يريد الرحيل أن يترك ابناءه لتتبناهم أسر إسبانية نصرانية على دين جديد..أي شخص قد يترك كل ما يملك هربا بنفسه و حياته لكنه لن يترك ابناءه أبدا. فالأبناء هم  زرع المستقبل و مستودع الماضي.  

هل يعقل تغيير دين قوم استمروا عليه ثمانية قرون في ثلاثة أيام؟ إن الإيمان راسخ في قلوبهم عن يقين فلا هم مذبذبون ولا حديثو عهد بهذا الدين. كيف اعتقد الإسبان بسهولة انتزاع الدين الإسلام من القلوب بإرهاب محاكم التفتيش؟ لنفترض النقيض تماما، انتزاع النصرانية الكاثوليكية من قلوبهم مثلا! لا يعقل.

أليس فيهم رجل رشيد؟

هل هناك في إسبانيا النصرانية من اعترض على هذه الجرائم و اعتبرها معادية لروح الدين و الانسانية؟ كان هناك اعتراضات فردية على بعض التصرفات الجائرة و اعتراضات على التهجير بهدف المصلحة  الاقتصادية بالأساس. لكن الجميع –الإسبان- كان يشترك في نقطة واحدة و هي احتقار و كراهية المسلمين في الأندلس لأسباب ادعوا أنها دينية..و الكراهية دوما هي منشأ كل الجرائم صغيرها و كبيرها.

إنني استطيع مناقشة مبرر واحد – رغم عدم معقوليته كسبب- لهذا التعذيب و محاكم التفتيش. لو أن الإسلام دخل الأندلس مرغما أهلها على اعتناقه بالتعذيب و محاكم التفتيش. الانتقام، حجة لا مبرر لها بالأساس. و قد استمر الحكم الإسلامي لقرون بسلام و تعايش بين الأديان الثلاث. و حقق الحكم الإسلامي ازدهارا حضاريا و عمرانيا قبل سقوط الأندلس. فلماذا إذن كل هذا الحقد؟ لدرجة أن هناك كتب ألفها الإسبان النصارى مدافعين عن محاكم التفتيش بوصفها "المبررة"! لا مبرر للحقد.

 

و من الملاحظ أن شك الإسبان في ولاء الموريسكيين (الأندلسيين) استمر طوال قرن من الزمان. ففي كل فترة يتم تقييم درجة تنصر الأندلسيين بسبب الشك في احتفاظهم بدينهم الإسلامي سرا. و كلما ابتعدوا نحو القرى و الجبال أو الأماكن البعيدة عن الحواضر و المدن، كانت درجة التمسك بالإسلام أعلى رغم تنصرهم الظاهري.

قوانين نقاء الدم و التمييز ضد كل من له أصول أندلسية.

من استطاع الحفاظ على هويته و لغته و دينه؟ من هاجر لبلاد إسلامية عربية. رغم أنهم في بعض الأحيان اعتبروا مرتدين أو نصارى. البقية لم تهجر لكن لم يساعدهم أحد على مدى قرن من الزمان.  فمن سيحاسب على هذا الإهمال و الضياع؟ المسلمون في هذا الوقت و حكامهم مسؤولون. كان هناك محاولات ضعيفة لم تنجح لا في استعادة الحكم و لا توفير الأمان لهؤلاء الموريسكيين. صاروا كالأيتام على موائد اللئام. كان هناك محاولات عقلانية و مراسلات لإقناع كبار رجال الحكم و الدين بالسماح لهم بأبسط الحقوق مثل الزي و اللغة و نمط الحياة و النظافة العامة..لكن الجواب كان مزيدا من التعسف و التحكم في أدق تفاصيل حياتهم.

المحرمات: (كاللباس والحناء والاسماء العربية والاغتسال  و الوضوء و الاذان والصلاة والصوم و أكل الكسكسي و رفض اكل لحم الخنزير ورفض شرب الخمر). و لأن اللغة تعني الهوية دائما..فقد حرمت الكنيسة اللغة العربية قولا و كتابة و فرضت اللغة القشتالية.

أما محاكم التفتيش و التعذيب فشرحها يطول. ولها سنفرد حلقة منفصلة بإذن الله.

أما الأمان و الشعور بالقلق الدائم من الترحيل و التفتيش على كل صغيرة فهو العبء الأكبر على مسلمي الأندلس بعد سقوطها. فضلا عن نظر النصارى و الحكام لهم بدونية رغم تنصرهم (قسرا أو طوعا). إحساس عجيب أن تمزج بين الدونية و القلق و أن تعيش كالعبد المذنب رغم أنك حر مجبر طول قرن من الزمان.

هل كانت كلها سنوات عجاف؟

الإجابة في الحلقة القادمة بإذن الله..إلى لقاء

سوريا حرة Free Syria

 سوريا حرة Free Syria