![]() |
من صفحة الفيلم الوثائقي (خط التماس) -Green Line de Sylvie Ballyot (2024) - Unifrance |
![]() |
الكاتبة، بطلة العمل، فدى البزري، الكاتبة و المخرجة سيلڤي باليو مع الطبيبة و الكاتبة إيمان الطحاوي Eman Tahawy along with writers, and director of the documentary (Green Line, 2024) Fida Bizri and Sylvie Ballyot at Ismailia International Film Festival . |
![]() |
ندوة لصناع الفيلم في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام الوثائقية و القصيرة 8 فبراير،2025 -تصوير إيمان الطحاوي |
![]() |
المؤلفة فدى البزري في لقاء سابق Green Line de Sylvie Ballyot (2024) - Unifrance |
"الصراع بين إرادة إنكار الأحداث الرهيبة والإرادة لإعلانها بصوت عال هو الجدل المركزي للصدمة النفسية."
- جوديث لويس هيرمان (الصدمة والتعافي: تداعيات العنف - من العنف المنزلي إلى الإرهاب السياسي)
هذه مقدمة لما جال في ذهني أثناء مشاهدة فيلم (خط التماس) أثناء عرضه
في قاعة قصر ثقافة الإسماعيلية، ضمن فعاليات الدورة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية
الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة.
بحضور المخرجة: سيلفي باليو، و الكاتبة: فدى البزري.
التخلص من صدمات الطفولة و سؤال ملح في عقل الكاتبة (فدى) تسأله طوال الفيلم لتحصل على إجابة شافية..لا تجد تلك الإجابة، لكنها تجد السكينة و الخلاص من هذا الكرب -اضطراب ما بعد الصدمة- ( PTSD ) الذي لازمها لعقود و انتهى ظاهريا بتمزيق صور المجازر المعلنة كرمز لأحداث عاشتها طفلة في أثناء الحرب الأهلية 1975-1990 (الأحداث كما يسميها بعض الناس) في لبنان من طفولتها بثمانينيات القرن الماضي.
عبر إعادة تمثيل التجربة الأليمة بالدمى المصغرة و المجسمات لتصوير تقسيم بيروت بخط التماس –اسم الفيلم- بين نصفين متحاربين، بيروت الشرقية و الغربية تعيد لنا المخرجة و فريق العمل هذه التجربة بصورة شيقة، سلسة، منظمة. أحسنت اختيار مشاهد التمثيل و الإسقاط لطفلة خائفة ضائعة وسط دمى تمثل جرحى و قتلى و مباني معروفة حينها كمعالم تاريخية شهدت مذابح عدة منها تلك التي شاهدتها في يوم معلوم حيث وصلت الجثث إلى نحو 100 قتيل مدني..في رأيي، كان هذا العمل استشفاء عبر الفن..هذا علاج لكرب ما بعد الصدمة و إن جاء متاخرا حين يعيد الشخص رؤية أو تمثيل المشهد الذي يؤرقه وو لو بعد حين..ترى كم ألف طفل و مدني يحتاج لمثل هذا الاستشفاء في لبنان و غيرها؟
أما بقية الأسئلة الفلسفية فكان الجزء الثاني من العمل ..حيث
نجحت الكاتبة و المخرجة في استخراج الأسئلة من لسان كل من عايش و خاض التجربة سواء
كان في الشرقية أو الغربية أو محايدا بالصليب الأحمر مثلا. رغم مرور
عقود على هذه التجربة لكنهم جميعا يحكون ما يشعرون به مع بعض الندم و الاعتراف
بالخطأ لدى شخص واحد عرضا..لكن البقية يعترفون علنا بجريمة دون أي ندم أو خوف من
المحاكمة أو العقوبة. هذه وجهة نظري القانونية، حيث جاء في الفيلم أن الفرق بينهم
و بين البوسنة في التسعينيات أنهم حوكموا (تشير إلى المحكمة الجنائية الدولية
الخاصة بجرائم يوغسلافيا السابقة ICTY ). و استنتجت
المتحدثة أنهم الأوروبيين أكثر تقدما منا نحن العرب لذلك السبب. لكني تذكرت على
الفور أن شرائع حامورابي و محاكم مصر الفرعونية أقدم بكثير. لكن سرعان
ما استدركت أننا اليوم في نظر العالم المتقدم مجموعة من المتحاربين الذين لم
يكفيهم قتل العدو لهم بل صاروا يتقاتلون معا. فضلا عن رؤيتهم لنا أننا أقل من
البشر، و لهذا حديث آخر.
أحسنت صنعا حين مزجت سرد الأحداث مع الدمى الصغيرة بينما في كل لقاء أو حوار تحاول أن تنقل مشاعرها للمحارب القديم (ما ذنبي أنا المدنية الطفلة الصغيرة ذات الثوب الأحمر (البني) وسط كل هذه الأسباب التي تذكرها من وجهة نظرك لتقتل أو لتجعلني أعيش هذا الخوف و أرى تلك الجثث في الشوارع؟ فلا تجد إجابة حتى اضطرت لأن تكسر المباني الرمزية و الدُمى؛ ليفهم كم الغضب و الألم الذي بداخلها على مر العقود.
سؤال فلسفي آخر عن ماهية الإنسان و جدوى القتل: هل القتل (بدعوى) الكرامة و الوطن مبرر لكل طرف ليقاتل الآخر و يسرق عقدا و نصف من عمر و مستقبل أجيال في عالمنا العربي؟ فهذه الطفلة لم تفقد طفولتها فقط بل فقدت مستقبلها مهما تجملت صورتها ماديا مثل جيل كامل شهد هذه الحرب الأهلية و لم يغادر لبنان هربا. كل طرف لا يعترف إلا بأنه قتل من أجل أسرته الصغيرة و وطنه الكبير و كرامته. و عندما تواجههم -خاصة جندي و قناصة الكتائب بقتل المدنيين و إرهابها عوضا عن حمايتها، ينكرون تماما بل يبررون حد التمسح الديني. يبدو لي أنهم سحتاجون لعلاج أكثر ليتشجعوا و يعترفوا بجرمهم دون تبرير.
تجربة سينمائية ثرية، خلاص لما في الصدور استغرق ساعتين و نصف على الشاشة، لكنه قطعا أخذ وقتا و جهدا كبيرا من فريق العمل.
ربما طول العرض و الخلط بين الشخصي و العام السياسي لم يرق لبعض المشاهدين. الخاتمة (مظاهرات لبنان 2021) كان لها مغزى شخصي، لكنها لم تكن واضحة تماما للمشاهد. و كان هذا سؤال طرح في ندوة بعد العرض الأول للفيلم. فالخلاص -في رأيي- لا يبدأ بإسقاط نظام أو تغيير سياسي، لكنه بخلاص من عقد الماضي و كراهية الآخر التي للأسف لم تتغير كثيرا كما أقر معظم المتحاربين القدامى رغم ندمهم على سنوات الحرب الضائعة.
سنة الإنتاج: 2024.
شركة الإنتاج: TS Productions
Green Line de Sylvie Ballyot (2024) - Unifrance
مراجع و ملاحظات:
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هي حالة صحية نفسية يمكن أن تحدث عندما يتعرض الشخص لحدث صدمة نفسية. يمكن أن يُعتبر الحدث كحالة مؤلمة على المستوى العاطفي أو الجسدي أو حتى المهددة للحياة، والتي يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية والجسدية والاجتماعية و/أو الروحية للشخص. أمثلة على الأحداث الصدمية تشمل الأعمال العنيفة والحوادث الخطيرة والهجمات الإرهابية والحروب والصراعات والاغتصاب والكوارث الطبيعية.
اضطراب ما بعد الصدمة(PTSD) | Post-traumatic stress disorder in Arabic
مجلة كوكب العلم - اضطراب ما بعد الصدمة: الأعراض والأسباب
"The conflict between the will to deny horrible events and the will to proclaim them aloud is the central dialectic of psychological trauma."
— Judith Lewis Herman (Trauma and Recovery: The Aftermath of Violence - From Domestic Abuse to Political Terror)
Invisible Storm: A Soldier's Memoir of Politics and PTSD by Jason Kander | Goodreads
No comments:
Post a Comment