اخترت لكم قبيل "اليوم العالمي للمرأة" هذا المقال بقلم الكاتب الراحل جلال عامر .
وفى نهاية كل سنة تختار المجلات العالمية رجل العام وأنا أختار امرأة العام وبعد مراجعة الكوتة وأسماء ملكات الجمال اخترت «المرأة الفلسطينية» وإليكم الحيثيات التى كتبتها من قبل لهذا الاختيار «أنحنى وأقبل يد كل امرأة فلسطينية.. الفقيرة اليتيمة الأرملة الثكلى أم الشهيد والجريح والأسير.. عندما انهار الاتحاد السوفيتى امتلأت علب الليل بنساء جئن من هناك ليرقصن فى الكباريهات على أشلاء الوطن.. وعندما سقطت ألمانيا سقطت معظم النساء (كتاب الرايخ الثالث).. وبعد تحرير فرنسا كان يتم حلق شعر العشرات من كل شارع لأنهن تعاون مع النازى.. فى معظم البلاد التى تم احتلالها انتشرت الحانات والمواخير وامتلأت بنساء البلد يرفهن عن جنود المحتلين.. إلا أنت فلم تقدمى نفسك إلا شهيدة، إلا أنت يا غصن الزيتون يا شجرة الكرم يا نبع الشرف.. عصرتك المحن وانهالت عليك المعاول فلم تنعصرى ولم تنكسرى.. يا أمى، يا ابنتى، يا أختى، يا حبيبتى، اسمحى لى أن أتذكرك فقد نسيك كثيرون.. يا صابرة يا طاهرة، يا أغنى من ساكنات القصور.. تراب الوطن الذى يعفر وجهك أجمل وأنبل من كل المساحيق، وسحابة تعانق وجه القمر.. جلبابك المثقوب لا أدرى من ثقبه، هل رصاصات العدو على ظهرك أم نظرات الحسد على طهرك؟.. أنت ملكة جمال كل الأعوام، وصاحبة العصمة على الدوام، أيتها الأميرة النبيلة الأصيلة.. جعتى فرضيتى بالكفاف، وتعريتى فاكتسيتى بالعفاف.. أنت السيدة الأولى بين السيدات والمنظمة الأولى بين المنظمات.. طريق الجنة تحت قدميك ومفتاح القدس بين يديك.. مولاتى - يا أشرف النساء - اسمحى لى بقبلة على يديكِ.. بل قدميكِ».
شاركنا على تويتر CSgas للتعريف بمخاطر الغاز المميت التي تستخدمه قوات الاحتلال ضد المتظاهرين
متضامنات يرفعن شعار ( جواهر أبو رحمة قتلت بواسطة إسرائيل)
في ذات الأراضي المقدسة التي استقبلت مهد المسيح عليه السلام من مئات السنين، و في أرض الأنبياء جميعا، استقبلت الأرض المحتلة شهيدين أخا و أختا. من عام و أزيد استشهد الشاب (باسم) و عمره ثلاثون عاما يوم الجمعة، و من أيام لحقته أخته (جواهر أبو رحمة) في نفس المكان تقريبا و في ذات المظاهرة التي تقاوم استلاب الأرض شبرا تلو الآخر بل بيتا و دونمة و ربما بلدة تول الآخرى. التظاهرات التي تقاوم الجدار العازل الذي يلف بأرضهم و يقسمهم دون حق. الجمعة الماضية و في صبيحة رأس السنة الميلادية ودعنا أختنا (جواهر) ذات الأعوام الخمس و الثلاثين في بلعين بالقرب من رام الله بالضفة المحتلة. أطلق جنود الاحتلال الغازعلى المتظاهرين من أهل القرية و من استطاع الوصول لهم من المتضامنين في كل اتجاه. نقلت (جواهر) بالإسعاف للمشفى، ثم وضعت على جهاز تنفس صناعي، و أخيرا لم تفلح جهود الأطباء في إنعاش القلب. فارقت الحياة لتلحق بأخواتها من حوريات و شهيدات فلسطين و العرب صبيحة يوم السبت. إنهن نساء من نور.
شوهدت من قبل في مظاهرات ضد الجدار العازل و حسب ناشط و طبيب إسرائيلي شوهدت في بداية المظاهرة الأخيرة أو على بعد أمتار بالقرب منها. ربما لم تكن جواهر تتظاهر كما يدعون لأنه لا صور لها في المظاهرة، لكنها كانت تدافع عن حقها و أرضها. خرجت لتتظاهر مرات عديدة بضعفها و مرضها و أمومتها؛ فخلفت لنا ابنة تبكيها و أخوة يحملون نعشها إلى مثواها الأخير. رحمك الله و تقبلك. اللهم اغفر لنا صمتنا و ضعفنا.
جنازة جواهر أبورحمة، و تظهر ابنتها مع بعض المعزيات
قرأت عن وفاة (جواهر) في العديد من المواقع. هناك قصص تتغير يوما بعد الآخر. لكن الظاهر أنها جعلتني أفكر أكثر و ابحث. تعلمت من تعليقات قراء ها ارتز المغرضة و طريقة صياغة الخبر في مدونات إيلاف المستعربة و رتوش بي بي سي المضللة و خبايا المدونات الإنجليزيةو الأخبار من مواقع أمريكية و عربية. للأسف هناك مواقع تدعي أنها حيادية في نقل الخبر لكنها تنسج وفق رؤيتها خيوطا من العنكبوت. ستشغلك بقصص فرعية من كلمة واحدة في التقرير لتبتعد عن لب الموضوع.
مع كل هذا الوضوح المؤلم، لم يشفع ل(جواهر) أن يذكرها الإعلام الغربي إلا بتحيز من نوع السهل الممتنع. لقد أوردت المواقع الخبر قائلة أنها ماتت و لم تقتل (كون الخبر لا يزال محل الفحص الاسرائيلي!)، ثم أوردت قصة إصابتها بحساسية الصدر أولا (ثم قصة نفي و إثبات أهلها لذلك). كما عنونت بعض المواقع فقرة تصف الغاز (المعروف جيدا) بأنه غير معرف 'Unidentified gas'. نفس الدعاية في تعليقات القراء المتعصبين (ها ارتز) و التدوينات الصهيونية المستعربة في (إيلاف). ما أضحك و أبكى هو اختيارهم لصورة متظاهر فلسطيني يعيد إلقاء قذيفة غاز ثانية على الجنود أثناء المتظاهرة. فهل الصورة تريد أن تقول أن المتظاهر أجرم و يعتدي عليهم و هم لم يعتدوا عليه بدءا، أم أن القذيفة لا تضر أحدا؟! لماذا لا يضعون صورة جنود الاحتلال و هم يلقون القذائف و يطلقون الرصاص على المتظاهرين أولا؟!
و عن الدعاية و القيل و القال الذي شغلوا به الناس: هل نلوم (جواهر) لأنها مريضة و دافعت عن أرضها! هل رأيتم مريضا بربو شعبي يمتنع عن عمله و كل ما يثيره في الحياة؟ من الناحية العلمية، إنها لم تكن لتموت إلا مثل أي شخص آخر سليم تماما بسبب كمية الغاز المميت و نوعيته. هل على مريض الربو أو حساسية الصدر أن يبيع أرضه؟! هل عليه أن يصفق للجدار العازل بدلا من أن يهتف ضده؟! لماذا تصر قوات الاحتلال على هذا النوع؟ لماذا يرتدون الكمامات قبل استخدامه؟ لماذا مات الكثير بسببه مؤخرا؟ هل هو نوع غير معرف فعلا؟ هل هو غاز معدل؟ هل مخزن أو منتهي الصلاحية مثلا؟
لقد قُتِل أخوها بقذيفة غاز مصنعة أمريكيا. و بدلا من إطلاقها بعيدا عن المتظاهرين لتفرقتهم، قام الجندي القناص الصهيوني المحتل بالتصويب على الصدر متعمدا.
و مؤخرا عرضت مجلة BMJ بحثا علميا عن الغاز المسيل للدموع و أخطره ما يعرف باسم (CS سي إس) و الذي يسبب إصابات شديدة للجلد و العين و الجهاز التنفسي و قد تؤدي إلى الموت. كما تمتليء المواقع العلمية بمخاطر هذا الغاز المباشرة و الممتدة حتى بعد استخدامه. و تزداد خطورته إذا كان المكان مغلقا، أو كانت الكمية كبيرة، أو كان المصابون يعانون من أمراض مسبقة.
و قد شاهد و عالج دكتور (دانيال أرجو) العديد من الحالات و وصف تأثيرات ممتدة زمنيا بعد التعرض لهذا الغاز على الجهاز التنفسي و الجلد و العين.
هذا الغاز ليس فقط غازا مسيلا للدموع يستخدم لتفريق المتظاهرين لكنه نوع قديم مركز يستخدم بإفراط و يصوب نحو الأشخاص العزل في مظاهراتهم السلمية حتى قبل تحركهم. إنهم يوجهونه تجاه المنازل بل داخلها و أحيانا في صدور المتضامنين. إنه نوع قاتل من الغازات و سلاح غير تقليدي.
هذه ليست شهادة من العرب، لكنها شهادة صحف و جنود و حقوقيين و أطباء من إسرائيل و غيرهم. نعم، و لكنهم في (بعض وسائل الإعلام) لا يعلمون! الشرف الإعلامي يحتم عليهم أن يختاروا لغة أخرى أكثر مصداقية، و أسلوبا علميا في عرض للمواضيع عوضا عن طريقة التكهنات. ما ضر لو أن هذه الوسائل قامت ببحث بسيط لتضع خلفية موثقة لما حدث في جملتين أو في طيات الخبر؟ ألا تمتلك جيشا من العاملين و قسما علميا؟ إن كلمة غاز (غير معرف) مقبولة من الشهود و الأطباء قبل التشريح لكن عرضها بعلتها كاف لتضليل القراء. و قصة مرضها بالحساسية كافية ليقول القاريء العادي حتى طالب الطب (إذن ماتت لأنها مريضة و هذا لا علاقة له بالغاز، إنها كانت استثناءا). أليس هذا هو الغرض بطريقة السهل الممتنع؟ إنهم لم يكذبوا، لكنهم ضللوا الناس، و هذا أمر يصعب اكتشافه.
و كلما انتقدت وسائل الإعلام الغربية (و خاصة بي بي سي)، ترد بأنها محايدة و أن العرب ينتظرون منها أكثر مما يجب!. لكننا - العرب- لا ننتظر منهم إنصافا. على الأقل تنقل الخبر دون الرتوش و الإضافات التي تتلاعب في المواضيع دون داع كما حدث من (بي بي سي) مع قافلة الحرية في تساؤلات حلقة بانوراما السخيفة. كما يتضح أيضا من رفض (بي بي سي) إذاعة مسرحية قصيرة بسيطة (سبعة أطفال يهود) بحجج واهية، و ربما لأنها تخاف من دعوى معاداة السامية. فلماذا تعرض (بي بي سي) المواضيع الخاصة بفلسطين بطريقة مخادعة أحيانا، ربما أسوأ مما تعرضه بعض المصادر في أمريكا و إسرائيل؟!
عزيزتي جواهر... أيا كانت طريقة استشهادك و أنت تدافعين عن حقك و أرضك ثم لحقت بالشهداء من أهلك، فإننا لن نسمح لهم بعد اليوم أن يعرضوا لنا الصورة المخادعة و سنعرف الحقيقة و نعرف المتسبب في تشويهها. الموضوع ليس إعلاما منحازا فحسب، لكن إعلاما مؤثرا على عقول أجيال حالية و قادمة. إنه يخدم أو يضر بالقضية الفلسطينية بطريقة غير مباشرة. إنه أحد طرق الحرب الحديثة. و ما يزيد الأمر حساسية أنه يقترب من شهدائنا الذين سقطوا في المظاهرات و لم يبخلوا على فلسطين بأرواحهم. فأقل القليل أن نعرف (من) يشوه صورة مقتلهم و نفضحهم و نجبرهم على الاعتذار.
Anti BBC Code
عزيزي القاريء..احترس و أنت تشاهد أو تقرأ أو تستمع إلى الإعلام الأجنبي بلغاته المختلفة. احترس من فضلك (بي بي سي) ترجع للخلف، إلى عهد الانتداب البريطاني، إلى وعد بلفور، إلى استكمال اللعبة القديمة؛ لأنها تابعة للحكومة البريطانية. شارك و ضع هذا الشعار في مدونتك. انشر الفكرة. تابع الأخبار المنحازة و اكتب عنها في مدونتك خبرا تلو الآخر. نحن لسنا ضدها عموما، لكننا ضد طريقتها الانتقائية و عرضها المنحاز و لغتها المضللة. ربما لا تتغير و تستمر مثل تأثير السي إن إن و غيرها. يجب أن نحذر الناس منها حتى لو كانت إذاعة عجوز.