Pages

Showing posts with label و من الشعر أحيانا. Show all posts
Showing posts with label و من الشعر أحيانا. Show all posts

Monday, January 20, 2025

نزار قباني : الغاضبون : يا تلاميذَ غزَّة

 

يا تلاميذ غزة

قصيدة شعر كتبها الشاعر السوري الكبير نزار قباني (21 مارس 1923 م - 30 أبريل 1998 م) عام 1988 م 

يا تلاميذ غزة علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا
علمونا بأن نكون رجالا فلدينا الرجال صاروا عجينا
علمونا كيف الحجارة تغدو بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا
كيف تغدو دراجة الطفل لغما وشريط الحرير يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب إذا ما اعتقلوها تحولت سكينا
يا تلاميذ غزة لاتبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا
إضربوا إضربوا بكل قواكم واحزموا أمركم ولا تسألونا
نحن أهل الحساب والجمع والطرح فخوضوا حروبكم واتركونا
إننا الهاربون من خدمه الجيش فهاتوا حبالكم واشنقونا
نحن موتى لا يملكون ضريحا ويتامى لا يملكون عيونا
قد لزمنا جحورنا وطلبنا منكم ان تقاتلوا التنينا
قد صغرنا أمامكم ألف قرن وكبرتم خلال شهر قرونا
يا تلاميذ غزة لا تعودوا لكتاباتنا ولا تقراونا
نحن آباؤكم فلا تشبهونا نحن أصنامكم فلا تعبدونا
نتعاطى القات السياسي والقمع ونبني مقابرا وسجونا
حررونا من عقدة الخوف فينا وطردوا من رؤوسنا الافيونا
علمونا فن التشبث بالأرض ولا تتركوا المسيح حزينا
يا أحباءنا الصغار سلاما جعل الله يومكم ياسمينا
من شقوق الأرض طلعتم وزرعتم جراحنا نسرينا
هذه ثورة الدفاتر والحبر فكونوا على الشفاه لحونا
أمطرونا بطولة وشموخا واغسلونا من قبحنا إغسلونا
إن هذا العصر اليهودي وهم سوف ينهار لو ملكنا اليقينا
يا مجانين غزة الف أهلا بالمجانين إن هم حررونا
إن عصر العقل السياسي ولي من زمان فعلمونا الجنونا


The Wrathful

O pupils of Gaza . . .

Teach us . . .

A little of what you have

For we have forgotten . . .

Teach us . .

To be men

For we have men . .

dough they become . . .

Teach us . .

How the rocks become

in the children’s hands,

precious diamond . .

How it becomes

The child’s bicycle, a mine

And the silk ribbon . .

An ambush . .

How the feeding bottle nipple . .

If detained not

Turns into a knife . . . .

O pupils of Gaza

Care not . .

about our broadcasts . .

And hear us not . .

Strike . .

Strike . . .

With all your powers

And firmly in your hands take matters

And ask us not . .

We the people of arithmetic . .

And of addition . .

And of subtraction . .

Your wars do carry on

And abstain from us . .

We’re the deserters

from the service,

Your ropes do bring

And hang us . . .

We’re mortals . .

Who possess not tombs

And orphans . .

who possess not masters

We kept already to our rooms . .

And we asked you

To fight the dragon . .

We’ve diminished, before you

A thousand century . .

And you’ve grown

-Within a month-Centuries . .

O pupils of Gaza . .

Return not . .

To our writings . . And read us not

We’re your fathers . .

Do resemble us not . .

We’re your idols . .

Do worship us not . .

We engage in

Political lies . .

And repression . .

And we build graves . .

And jails . .

Liberate us . .

From the fear problem in us . .

And expel

The opium from our heads . .

Teach us . .

The art of adherence to the Land,

And leave not . .

The Messiah saddened . .

O our beloved children

Salam . .

May Allah render your day

Jasmine . . .

From the cracks of ruined earth

You emerged forth

And planted in our wound

Musk rose . .

This is the revolution of notebooks . .

And ink . .

Do become on the lips

melodies . .

Shower us . .

Heroism, and pride

And from our ugliness wash us

Wash us . .

Fear neither Moses. .

Nor Moses’ spell . .

And ready yourself

To harvest the olives

Verily this Jewish age

is an illusion . .

That shall collapse . .

Albeit sureness we possess . . .

O madmen of Gaza . .

A thousand welcome . . .

in madmen,

If they liberate us

Verily the age of political reason

has long bygone . . .

Do teach us madness . . .

The Wrathful by Nizar Qabbani — Famous poems, famous poets. — All Poetry


Friday, December 06, 2024

قرات لك: رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة إنه ليس مجرد خيال أو تهويم في عالم أثيري

قرات لك: (رحلة مع الشعر عبر الأزمنة والأمكنة إنه ليس مجرد خيال أو تهويم في عالم أثيري)




بقلم د. ماهر شفيق فريد

 ليس أكثر من قصائد الشعر بمختلف اللغات وفي شتى العصور، ولكن ما عسى الشعر أن يكون؟ يقول جون كاري (John Carey) أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة أوكسفورد في كتابه «الشعر: تاريخ وجيز» (A Little History of Poetry)، (مطبعة جامعة ييل، نيوهفن ولندن، 2020) إن «صلة الشعر باللغة كصلة الموسيقى بالضوضاء. فالشعر لغة مستخدمة على نحوٍ خاص، يجعلنا نتذكر كلماته ونثمنها». وكتاب كاري الذي نعرضه هنا موضوعه أشعار عاشت على الزمن منذ ملحمة جلجامش البابلية في الألفية الثالثة ق.م وملحمتي هوميروس «الإلياذة» و«الأوديسة» في القرن الثامن ق.م حتى شعراء عصرنا مثل الشاعر الآيرلندي شيمس هيني (تُوفي في 2013) والشاعرة الأفرو - أميركية مايا أنجيلو (توفيت في 2014) والشاعر الأسترالي لس مري (توفي في 2019).


ليس الشعر كما يظن كثيرون خيالاً منقطع الصلة بالواقع أو تهويماً في عالم أثيري عديم الجذور. إنه كما يوضح كاري مشتبك بالأسطورة والحرب والحب والعلم والدين والثورة والسياسة والأسفار. فالشعر ساحة لقاء بين الشرق والغرب، ومجال للبوح الاعترافي، ومراوحة بين قطبي الكلاسية والرومانسية، وأداة للنقد الاجتماعي، ومعالجة لقضايا الجنس والعرق والطبقة. إنه كلمات يختارها الشاعر من محيط اللغة الواسع ويرتبها في نسق معين يخاطب العقل والوجدان والحواس. فالشعراء كما تقول الشاعرة الأميركية ميريان مور يقدمون «حدائق خيالية بها ضفادع حقيقية».

وتعتبر الشاعرة اليونانية سافو (630 ق.م-570 ق.م) من جزيرة لسبوس أول شاعرة امرأة وصلت إلينا أشعارها في هيئة شذرات (القصيدة الوحيدة التي وصلت إلينا منها كاملة عنوانها «أنشودة إلى أفروديتي» ربة الحب). المحبوبة في قصائدها تفاحة حمراء ناضجة في شجرة عالية بعيدة المنال. أو هي زهرة جبلية يطأها الرعاة الأجلاف بأقدامهم فتترك أثراً أرجوانياً على الأرض. وفى قصيدتها المعروفة باسم «الشذرة 31» ترى صديقة لها تتحدث مع رجل وتضاحكه فتتولاها الغيرة ويثب قلبها في صدرها وتشعر كأن ناراً ترعى في بدنها فتعجز عن الكلام وتغيم عيناها وترتعد فرائصها (للدكتور عبد الغفار مكاوي كتاب صغير جميل عن «سافو شاعرة الحب والجمال عند اليونان»، دار المعارف، القاهرة).


والشعر مشتبك بالدين كما هو الحال في غزليات الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي (من القرن الرابع عشر الميلادي) الذي لا نعرف الكثير عن حياته. نعرف فقط أنه حفظ القرآن الكريم في طفولته واشتغل خبازاً قبل أن يغدو من شعراء البلاط ودرس الصوفية على يدي أحد أقطابها. وهو يستخدم صور الحب والخمر كما يفعل المتصوفة رمزاً إلى الحب الإلهي والوجد الصوفي والنشوة الروحية المجاوزة للحواس. وقد غدت قصائده من كنوز اللغة الفارسية، ودخلت بعض أبياته الأمثال الشعبية والأقوال الحكمية، ولا يكاد بيت إيراني يخلو من ديوانه.


كذلك نجد أن الشعر يشتبك بكيمياء اللغة وقدرتها على الإيحاء ومجاوزة الواقع دون فقدان للصلة به. يتجلى هذا على أوضح الأنحاء في عمل الشاعر الرمزي الفرنسي أرتور رامبو من القرن التاسع عشر. فعن طريق تشويش الحواس والخلط بين معطياتها يغدو الشاعر رائياً يرى ما لا يراه غيره وسيتكشف آفاق المجهول. فعل رامبو هذا قبل أن يبلغ التاسعة عشرة من العمر، وذلك في قصائده «السفينة النشوى» (بترجمة ماهر البطوطي) و«فصل في الجحيم» (ترجمها الفنان التشكيلي رمسيس يونان) و«اللوحات الملونة» أو «الإشراقات» (ترجمها رفعت سلام). وبهذه القصائد غدا رامبو - ومعه لوتريامون صاحب ديوان «أغاني مالدورور» - أباً للسريالية في العقود الأولى من القرن العشرين.


والشعر مشتبك بالسياسة خاصة في عصرنا الذي شهد حربين عالميتين وحروباً محلية وصراعات آيديولوجية ما بين نازية وفاشية وشيوعية وليبرالية وديمقراطية وأصولية دينية، كما شهد المحرقة النازية وإلقاء أول قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي. وممن عاشوا أزمات هذا العصر الشاعر التشيكي ياروسلاف سيفرت (1986-1901) الحائز جائزة نوبل للأدب في 1984. إنه في ديوانه المسمى «إكليل من السوناتات» (1956) يخاطب مدينته براغ التي أحالتها الحرب العالمية الثانية إلى ركام معبراً عن حبه لها وولائه لوطنه. وشعر سيفرت يقوم على استخدام المجاز. وقد جاء في حيثيات منحه جائزة نوبل أن شعره الذي يمتاز بالوضوح والموسيقية والصور الحسية يجسد تماهيه العميق مع بلده وشعبه.


ومن خلال الترجمة يتمكن الشعر من عبور المسافات وإقامة الجسور وإلغاء البعد الزمني، وذلك متى توافر له المترجم الموهوب القادر على نقل روح القصيدة ونصها. هذا ما فعله المترجم الإنجليزي آرثر ويلي (توفي في 1966) الذي نقل إلى الإنجليزية كثيراً من الآثار الشعرية والروائية والمسرحية الصينية واليابانية.


ومن أمثلة ترجماته هذه القصيدة القصيرة من تأليف الإمبراطور الصيني وو-تي (القرن الأول ق.م) وفيها يرثي حبيبته الراحلة:


لقد توقف حفيف تنورتها الحريرية.


وعلى الرصيف الرخامي ينمو التراب.


غرفتها الخالية باردة ساكنة.

وأوراق الشجر الساقطة قد تكوّمت عند الأبواب.

وإذ أتوق إلى تلك السيدة الحلوة

كيف يتسنى لي أن أحمل قلبي المتوجع على السكينة؟

ويختم جون كاري هذه السياحة في آفاق الشعر العالمي، قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً، بقوله إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على طرح الأسئلة على الكون، بغية إدراك معنى الوجود، أسئلة لا تجد إجابة في الغالب، ولكن هذا التساؤل - من جانب الفيلسوف والعالم والشاعر - يمثل مجد الإنسان ومأساته معاً.

Wednesday, August 07, 2024

I Come and Stand at Every Door -Hiroshima Child


 

Nâzım Hikmet

(1902-1963 / Turkey)

Hiroshima Child

I Come and Stand at Every Door · Pete Seeger
I come and stand at every door
But none can hear my silent tread
I knock and yet remain unseen
For I am dead for I am dead

I'm only seven though I died
In Hiroshima long ago
I'm seven now as I was then
When children die they do not grow

My hair was scorched by swirling flame
My eyes grew dim my eyes grew blind
Death came and turned my bones to dust
And that was scattered by the wind

I need no fruit I need no rice
I need no sweets nor even bread
I ask for nothing for myself
For I am dead for I am dead

All that I need is that for peace
You fight today you fight today
So that the children of this world
Can live and grow and laugh and play

--

القصف الذري على هيروشيما وناجازاكي : 6 و9 أغسطس، 1945: يمكنك زيارة متحف هيروشيما التذكاري للسلام افتراضيا , متحف ناغاساكي للقنبلة الذرية
NAGASAKI PEACE official website of Nagasaki City NAGASAKI PEACE official website of Nagasaki City 

Saturday, June 08, 2024

هذه صرخة وأتحداك أن تنشرها! صرخة من أجل غزة

 الكاتب/ نبيل العشيبي: أستاذ مشارك في الدراسات الإعلامية ومدير مركز الإعلام والدين والثقافة في جامعة كولورادو.

المترجمة/ إيمان الطحاوي: طبيبة و كاتبة من مصر.




 ترنو هذه الكلمات إلى الهبوط على أذنيك مثل أصوات خارقة لمرافقة الأهوال المؤلمة التي تزاحم شاشاتنا. لا تنخدع بصمت الكلمات المطبوعة. هذه الكتابة تصرخ. غزة ليست مكانا غريبا اكتشفناه في 7 أكتوبر. إنها ليست تيارا من المعاناة يهز عضلات التعاطف لدينا. لا يمكن أن تكون غزة مجرد لفافة أخرى في خلاصتنا العابرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف تكتب الغضب عندما يكون الرعب في الكلمات والصور مجرد وقود لخلافنا القاسي؟ ما هي الأصوات التي يجب أن تصدرها الحروف عندما تشعر أصابعك وكأنها حجارة على لوحة المفاتيح؟ أكتب اليوم والخوف من أن كلماتنا ومشاعرنا عن غزة، وعن حماقة الحرب، قد تكلست. والأسوأ من ذلك ، أنني أكتب وأصرخ لأننا جميعا نشاهد الإبادة الجماعية.

هل دموع طفل يتيم يرتجف لن تساوي شيئا بعد الآن؟ هل نحيب أم فقدت 50 فردا من عائلتها مجرد مشهد نتصفحه على تيكتوك - TikTok؟ أي عدد من القتلى والمشوهين المدنيين، من المنازل المدمرة، من الأحياء والمدن المحروقة، سيُشبِع هذا الانتقام الذي لا ينتهي؟

إيناس أبو معمر وهي تبكي وتحمل بين يديها جثمان الطفلة الشهيدة سالي- المصور محمد سالم- 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في مستشفى ناصر بخانيونس جنوب غزة



يتحدثون عن النصر الكامل قبل وقف إطلاق النار، ولكن عندما يتحول النصر إلى شهوة للقتل، عندما يتسامح مع الرعب المؤلم بصوت هند رجب، وهي فتاة جميلة تبلغ من العمر ست سنوات في سيارة مع ستة من أقاربها القتلى تتوسل على الهاتف لثلاث ساعات لإنقاذ حياتها قبل أن تُقتَل، عندما يعني النصر الكامل انتصار رصاصة على طفل يتوسل للحياة، ثم الخلاص فضيلة سأبحث عنها في الخسارة الكاملة.

سمعنا جميعا صراخ الطفلة هند صراخ الطفلة هند وانتقلنا إلى المنشور التالي.

DrSonnet — This is what the mother of the child, Hind Rajab,... (tumblr.com)


كما يقول الشاعر دانيال بورزوتزكي - Daniel Borzutzky ساخرا في " أداء أن تصبح إنسانا" ، "لقد قطعوا عشرين جثة الليلة الماضية واليوم يجب أن أهرع إلى التنظيف الجاف". ما هو الهدف من اسماع المذبحة ورؤيتها؟ لقد حول التمرير (تمرير المنشورات) إبهامنا إلى عضلة وحشية. نحن نرتد من مأساة إلى مأساة ويشتت انتباهنا ذلك العبث "البهيج" بينهما. نحن جثة بلا روح (زومبي) نُختَبر (لأداء دور) من أجل الإنسانية.

إذا بكت الكلمات ، فإنها ستتسرب عبر تلك الشاشة.

للوحة ل ملك مطر

Malak Mattar, "No Words," oil on primed linen, 218 x 485 cm, 2024 (courtesy of the artist).



على محمل الجد ، أي نوع من المخلوقات نحن؟ في أي عالم مضطرب/قلِق نعيش حيث يفد قادة العالم ومشاهير هوليوود إلى إسرائيل للتوقيع بفرح على رسائل تضامن حول القنابل الموجهة لقتل الأطفال وتشويههم؟ في أي واقع يكون بكاء طفل جائع يحمل مقلاة فارغة يتوسل أن يأكل دمعة تمساح من عدو غاشم/وحشي؟

أخبرني، متى أصبحت هذه المشاهد الفظيعة طبيعية؟ متى يتوقف مصنع الألم هذا عن العمل؟ هل هذه هي الصور التي سنعلقها في متحف النسيان في المستقبل؟

هل حياة الفلسطينيين رخيصة لدرجة أن كلمة مثل "وقف إطلاق النار"، أي مجرد وقف الأعمال العدائية الوحشية ضد السكان المدنيين العاجزين والمحاصَرين، أصبحت كلمة محفزة، وحيلة لغوية معقدة..نستحدمها في ألعابنا الباحثة عن دلالية الألفاظ المنعزلة؟ هل وقف إطلاق النار هو الكلمة الصحيحة؟ هل هي إبادة جماعية؟ هل هناك أناس أبرياء حقا في غزة؟

هل نسمع أنفسنا؟ اللامبالاة العاطفية في هذه الأسئلة مخيفة.

نعم ، أبدو أخلاقيا و مع ذلك، أوجه الاتهام لنا جميعا بالتخلي عن ملايين الأشخاص للاستقامة/السداد الملتوية للقنبلة أو التعاطف المسطح لتمرير وسائل التواصل الاجتماعي. لم أعد أهتم بالمنطق بعد الآن. ليس هناك معنى في ابتذال العالم الذي نعيش فيه.

أريد فقط أن أصرخ لأنني أكتب هذه الكلمات بقلب مثقل/حزين. لا أريد أن أصرخ كعربي أو أمريكي أو مسلم أو عالم أو معلم. أريد أن أصرخ بدون اسم ، بدون ألقاب ، بدون درجات ، بدون بروتوكولات/أصول الأداء المهذب. أود أن أصرخ كإنسان مع غصة في حلقي لأكرر بتواضع اليأس في تضرع أولئك الذين لم تتوقف القنابل عن المطر عليهم وأولئك الذين على الجانب الآخر من الحدود الذين لا يرون أي فضيلة في العداء المستمر /الذي لا يلين لقادتهم.

 

هذا تطهير عرقي أثناء إبادة شعب فلسطين في غزة

نور هندي Noor Hindi  ، "اللعنة على محاضرتك عن الحرفية/المهارات ، شعبي يُباد"

"أريد أن أكون مثل هؤلاء الشعراء المهووسين بالقمر.

الفلسطينيون لا يرون القمر من زنازين السجون.

لكنهم لن يتمكنوا من رؤيته من تحت الأنقاض في أي وقت قريب."

 وتختتم هندي قصيدتها بكلمات مؤلمة: 

"عندما أموت، أعِدُك بأن أطاردك إلى الأبد،

وفي يومٍ ما، سأكتب عن الزهور وكأنها لنا."

وكنتم تظنون أن الفلسطينيين يموتون فقط . . .

من فضلك أخبرني إذا كان هناك عتبة للرعب؛ لئلا أضيع أنفاسي سدى.

وهذا ليس كلاماً بليغاً. مثل فرانز فانون، شاعر المعذبين في الأرض، لا أريد أن تكون كلماتي جميلة. بل أريد أن تكون لغتي قاسية. وسط كل هذا الدمار والكراهية المهينة للإنسانية، تبدو البلاغة وكأنها وسيلة إلهاء قاسية في عالم حيث الاهتمام هو صنم من التواصل السرمدي دون تدبر.

إنها ليست الراحة التي أنشدها بصرختي. بل هي رعشة الألم تلك التي لم يحلها الهروب من التعاطف الذي آمل أن أبقيه باقياً بالنسبة لنا جميعاً عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل. جميعهم بلا استثناء. لاَ نسْتَثْنِي أَحَدًا.  تُذكرنا الشاعرة سولماز شريف بأن "التعاطف هو أن تضع نفسك في أثر/خطوط طباشير شخص آخر وتلتقط صورة".

متى نتوقف عن التقاط صور الفلسطينيين القتلى والمشوهين؟

لم تكن هند رجب بحاجة إلى تعاطفنا. الرقة/الضعف في ندائها المخيف يصرخ العدالة والعدالة الآن. وصفت صحافتنا "الأفضل" "الحادثة" بعناوين جبانة مثل: "العثور على طفلة في السادسة من عمرها ميتة في غزة". وكانت كلمة هند الأخيرة لمسعف الهلال الأحمر: "تعال خذني. هل ستأتي وتأخذني؟ جاء اثنان من أول المستجيبين. لقد قتلوا على الفور.

لكن العالم لم يأت لإنقاذ هند.

قالت والدتها وسام حمادة عن مقتل طفلتها: "سأسأل أمام الله يوم القيامة أولئك الذين سمعوا صرخات ابنتي طلبا للمساعدة ولم ينقذوها".

سوف يخبرونك أن الأمر معقد، ولم يتسن التحقق من المصادر. وسيقوم الجيش الإسرائيلي "بالتحقيق" في هذا الحادث. الصحافة الكسولة ، في الواقع ، لكننا لسنا بعيدين عن المأزق. كلنا نشاهد ونمرر دون جدوى ، شهودا أو مستهلكين لنظارات الألم المتألقة. في المجال الرقمي ، تُقدّم "العواصف القذرة" ، كما يقول الفيلسوف بيونج شول هان ، على أنها مجرد "تيارات من التأثير" ، ونوبات من العواطف الجارية ، وسيل من المعلومات المثيرة للاشمئزاز بلا حدود دون وعد بالمعرفة.

* بيونگ تشول هان (Byung-Chul Han) هو فيلسوف ومنظر ثقافي كوري سويسري ألماني. 

Palestine Red Crescent Society/Katsikoyiannis Portfolio
Palestine Red Crescent Society/Katsikoyiannis Portfolio


يجب أن نتوقف عن النظر إلى معاناة الفلسطينيين كشكل من أشكال (السياحة العاطفية). إن رؤية آلامهم بهذه الطريقة تنزع الطابع السياسي عن مظالمهم، وتحولهم إلى موضوعات دائمة لنظرة منافقة. المعاناة هي عمل سياسي يستصرخ  العدالة ، لا مشهد مدته 30 ثانية من التفريغ المتعاطف.

تخيل هذه الكلمات في أعلى درجة صوت يمكن أن يقدمها. أريد أن أكتب بصوت عال لأن الكتابة تحت سوط الإمبراطورية لا يمكن أن تكون بنبرات خافتة.

لا أطلبُ الإذن بالصراخ.

ما مقدار الحرية التي أمتلكها حقا لأقول ما أقوله الآن دون خوف من الرقابة، دون أن تجلدني عصا الترهيب فاستقيم لهم /فتعيدني إلى جادة الطريق؟ عندما أفرغ من الكتابة، سأضطر إلى الكفاح لأنشر هذه الكلمات لأن المحررين سيخشون صراخي بسبب ما يُنبّيء به اسمي العربي. سيجدون كل ظلال الأعذار لتجنب التعليق على لغتي المتوهجة. إذا تم نشرها، فسأضطر إلى التعايش مع رد فعل عنيف متوقع يتهمني بانتهاك التعليمات الإمبراطورية حول كيف أكون عربيا جيدا.

لكنني نفضْتُ يدِي مِن التأدب والكتابة بنبرة ناعمة. اللعنة على العقلانية المحسوبة. اللعنة على الكلمات المنمقة. اللعنة على برجوازية التعاطف البارد. اللعنة على زيف الليبرالية. اللعنة على أخلاق أولئك الذين نسوا بسهولة لماذا نحن هنا في المقام الأول. اللعنة على الحسابات القاتلة للقادة السياسيين. اللعنة على أي عمل من أعمال التنظير التي تسمح لنا بالخروج من المأزق. اللعنة على جميع حراس العار الذين يمحون الفلسطينيين. اللعنة على أولئك الذين يواصلون بناء مسارح المصارعين الوحشية ليختبروا إنسانية غيرهم.

واللعنة على أولئك الذين سيقولون لي أن هناك الكثير من الاستياء في لغتي.

اليوم، أرتدي الصورة النمطية بفخر. أنا العربي الغاضب، المسلم الساخط، الشرق أوسطي المجنون. غضبي، رغم ذلك، جميل بقدر ما هو شيطاني. إنه يرعد ويهمس. إنه يؤلم ويشفي، ويتصاعد لكنه لا يتلاشى. هدفه الرئيس هو تهذيب الصراخ بعيدا عن الضوضاء المبتذلة للقنبلة والأزيز المميت للطائرة بدون طيار: قطعتان لقتل الشرق الأوسط عرفتهما منذ فترة طويلة جدا.

على الأقل هذا الغضب ليس هبوطا قاتلا إلى كارثة. إنه، كما يقول الشاعر أميري بركة اليوم عن الفلسطينيين، "غضب الملائكة".

صراخي... يتوق للانضمام إلى الصراخ الرشيق للشعراء الذين يكتبون ضد الكلمات بطلاقة متدفقة، والذين يقتلعون الحروف من أعشاش مزيفة.

صراخي... هو لحن الرعاية ، الصوت غير المكتشف لفراشة عنيدة تعشش في مسلخ.

صراخي... يدق ولكنه لا يشوه أو يقتل أو ينكسر. إنه يُذكر في مملكة النسيان.

صراخي... يعانق الفلسطيني تحت الأنقاض وفوقها ويحتضن اليهودي الذي يبدو في رعب تام مثل أولئك الذين جردوا من إنسانيتهم وأُبيدوا مثل "جرذان" بالأمس لكنهم يقصفون ويبيدون الآخرين على أنهم "دون البشر" اليوم.

صراخي... يبذل قصارى جهده لتكرار الجرأة النبيلة لتال ميتنيك Tal Mitnick ، الجندي الإسرائيلي البالغ من العمر 18 عاما والذي يفضل السجن على الخدمة في جيش مخمور على انتقام غير مبرر.

صراخي... لديه أمنية واحدة فقط. انهض واصرخ.

أصرخ لتهدئة الكلمات التي تتوق إلى صفائها المسروق.

أصرخ لأنني أفكر في الأصدقاء اليهود الذين يهمسون بسلام. أصرخ لأنني أفكر في اليهود الذين يطاردهم القرب الكامن من تاريخهم المرعب.

أصرخ من أجل الفلسطينيين المحكوم عليهم بتحمل أثقل الأعباء: ادفعوا ثمن تاريخ دموي خلقه بالأمس أولئك الذين يهتفون للحرب اليوم. أصرخ حتى يفقد أولئك الذين يفقدون ذاكرتهم صوتهم بعد ذلك.

أصرخ لأن الصرخة في أوروبا هي تحفة ثقافية، بينما لدينا هي هدير مشوه من المشاعر.

لكن هذه الصرخة ... ليست أداءا ينتظر التصفيق.

لذا ، أحني رأسك للصراخ الصامت في الداخل وتذكر الآلاف الذين استشهدوا، والأطفال الذين ماتوا قبل أن تتمكن أمهاتهم من ضمهم مرة أخرى.

انحنوا للأطفال المرتجفين الذين يجوبون شوارع غزة بحثا عن أمهات وآباء لن يجدوهم أبدا.

انحنى للحشود الجائعة من الرجال والنساء الذين يبحثون عن قطعة خبز وسط أطراف وأشلاء متناثرة.

وانحنى لسماع صراخ والدة هند التي انتظرت أن ينقذ العالم ابنتها الجميلة فقط لتتلقى جثة مغطاة بالدم اليابس.

ربما يكون صراخي على هذه الصفحة هادئا، لكنه يزأر بصلاة مكللة بالعار.

يصرخ وينحني وينحني ويصرخ. هذه ليست صرختي و لا صراخنا. إنها صرخة الملائكة.

بعض المراجع:

من هي الطفلة هند رجب؟

 النص الأصلي: صرخة من أجل غزة 

A Scream for Gaza - Nabil Echchaibi, 2024 (sagepub.com) 

نشر أولا بعنوان: هذه صرخة وأتحداك أن تنشرها! 

This is a scream and I dare you to publish it! – Social Text (socialtextjournal.org)

نزار قباني : الغاضبون : يا تلاميذَ غزَّة

  يا تلاميذ غزة قصيدة شعر كتبها الشاعر السوري الكبير نزار قباني (21 مارس 1923 م - 30 أبريل 1998 م) عام 1988 م  يا تلاميذ غزة علمونا بعض ما ع...