بهذا التعليق وُصِف تعامل القناة الفضائية السورية الإخبارية مع الأحداث الأخيرة في سوريا. حيث تعمدت ومعها قناة سوريا الفضائية أن يكونا سلاحا إضافيا بيد الحكومة ضد الشعب؛ فلا هم التزموا المصداقية، و لا هم صمتوا أو نقلوا حتى نصف الحقيقة. لكنهم، للأسف لعبوا بمصير الثورة إعلاميا. و هو أمر خطير.
فمنذ الخامس عشر من آذار وفي أحداث القامشلي، و سوق الحميدية، ثم درعا، التزموا الرواية البوليسية الأمنية فقط عن وجود مندسين، و أيد خارجية، و أجندات، ثم عصابة مسلحة,...إلخ. وهو نفس ما سمعناه في مصر و تونس و اليمن و ليبيا ثم ثبت كذبها. و الحقيقة أن الإعلام السوري تفوق عليهم حيث أدمج كل هذه التهم في يوم واحد. و تفوق على نفسه حين أنكر وجود متظاهرين أصلا، ليعود ليصفهم بأنهم دعاة فتنة. لم يعرضوا أي مشهد لجريح أو قتيل بل مقطع فيديو واحد لرزم من الأموال و أسلحة قالوا أنهم وجدوها داخل المسجد، بالرغم رغم إنكارهم اقتحام قوات الأمن للمسجد أصلا.
بعدها بيوم أطلت علينا د/ بثينة شعبان في ذات الخطاب لتقول (أنهم مندسين) و (أن مطالبهم ستلبى)!.
و لم يفتهم أن يلوحوا بالقنوات المغرضة مثل (العربية، هيئة الإذاعة البريطانية، فرنسا 24، سي إن إن،...) لمجرد أنهم تابعوا الحدث بحسب ما توافر لهم من معلومات بسبب منع دخول الإعلام إلى مدينة درعا. فيما لم تنقل قناة الجزيرة خبر مهاجمة المسجد العمري بدرعا إلا بعد ساعات بطريقة التشكُك، عارضةً رواية التلفزة السورية الرسمية مرارا عن العصابة المسلحة حتى عند طرح الأسئلة. لكن عندما أجبر الناشطون قناة الجزيرة الصامتة أو المتواطئة أن تعرض بشيء من الحيادية مقاطع قمع المظاهرات و إطلاق النار، أضافت حكومة دمشق قناة الجزيرة أيضا لقائمة القنوات المغرضة!. على كل حال، عرض الجزيرة كان سيئا جدا. المذيعون كادوا يكذبون شهود العيان حتى كرروا سؤالهم: من أين تأتي إطلاق الرصاص؟ فرد المتصل: يعني هيكون شياطين هي الي أطلقتها؟
بعد الإعلان عن زيادة الأجور لموظفي الدولة: احتفل مذيعو قناة سورية الحكومية مع كل من يتصل بهم بهذا القرار بطريقة مستفزة وكأن هذا وحده مطلب من تظاهروا واستشهدوا. نفس التناول الفج حدث في تونس يوم 13 يناير بعد خطاب بن علي الأخير حين وعد بنفس الإصلاحات. وقد عرضت القناة عناوين و مقاطع فيديو مباشرة فور خطاب بثينة شعبان ليلا أن هناك (الآلاف) يخرجون ترحيبا و تأييدا لهذا القرار. فوجئنا أيضا بأن مقاطع الفيديو ليست مباشرة و أنها قديمة من سنوات. وعرفنا أن ما قيل عن تظاهرات في (درعا) ابتهاجا بالقرارات لم يكن إلا فرحة الأهالي بخروج قوات الأمن من المسجد التي اقتحمته.
يوم الجمعة 25 آذار2011، اتصل فنانون و شيوخ و قساوسة يتحدثون عن دعمهم للرئيس و الاستقرار. و لم يفتهم أن يلمحوا إلى أن هذه المظاهرات ليست إلا فتنة. ذكروني بالإعلام المصري و التونسي أثناء الثورة. ثم عرضوا عدة مقاطع لمناصرين للأسد، لكنهم لم يعرضوا بالمقابل أي مقطع للمتظاهرين المطالبين بالحرية وقتها وما جرى لهم من قمع وتعذيب وقتل. ثم عادوا يكيلون اللوم لفضائيات الأجنبية بالتحيز و عرض المعارضين دون المؤيدين!. هل كان كلام الليل بعدم التعرض للمتظاهرين خدعة؟ أم أن الإعلام كانت يخطط لمظاهرات ومظاهرات مضادة فيتفرق دم القتلى بدعوى الاشتباكات كما ظهر في عناوين الأخبار؟ هذا يذكرنا بخطاب مبارك الذي تبعه فورا الاعتداء ليلا على المعتصمين بالإسكندرية ثم في اليوم التالي الهجوم الأكبر على معتصمي التحرير أو ماعرف بموقعة (الجحش)؟
كررت القناة السورية نفس الفقرات الإخبارية مرارا عن مظاهرات تأييد الأسد دون أي خبر عن عدد القتلى بالمظاهرات الأخرى. وعندما اضطروا لذكر الأرقام قللوا منها واتهموا أصحابها أنهم كانوا ينادون بشعارات طائفية، وكيف التف حولهم مؤيدو الأسد ليسكتوهم! إنهم بذلك يصنعون فتنة بين أفراد الشعب. نفس السيناريو استخدمته بعض الدول العربية (مصر و تونس و ليبيا و اليمن) لتوقع بين المطالبين بالحرية و بين القانعين بما هم عليه. فهؤلاء دعاة فتنة و يكرهون الرئيس، و أولئك دعاة استقرار و يحبون الرئيس! وهو ما يخالف ما قالته د/ بثينة شعبان من أن كلا الطرفين "يحترم الرئيس و يحب دولته و له الحق في التظاهر السلمي و ان الرئيس أمر بعدم غطلاق الرصاص". ذكرنا ذلك بخطاب بن علي بعدم إطلاق الرصاص في حين كانت قوات الأمن الخاص تطلق الرصاص طوال اليليل حتى ظهر الجمعة.
لم تنس القناة الإخبارية الجديدة أن تقدم لنا فقرة كاملة عن القهوة مع آراء الناس أثناء الأحداث الحالية! و أكدت القناة أن القهوة المرة تناسب مرارة العزاء و فقد الأحبة! فهل كانت تسخر من القتلى أم تواسيهم حين جاءت الأخبار متزامنة مع الصورة؟
لم تنس القناة الإخبارية الجديدة أن تقدم لنا فقرة كاملة عن القهوة مع آراء الناس أثناء الأحداث الحالية! و أكدت القناة أن القهوة المرة تناسب مرارة العزاء و فقد الأحبة! فهل كانت تسخر من القتلى أم تواسيهم حين جاءت الأخبار متزامنة مع الصورة؟
No comments:
Post a Comment