Saturday, March 25, 2023

“Rohingya”

Rohingya from Ai Weiwei Films on Vimeo.


 “Rohingya” is a continuation of Ai Weiwei’s previous films Human Flow (2017) and The Rest (2019) which spotlight the plight of refugees. The feature-length documentary focuses on Rohingya refugees who were forced out of Myanmar in August 2017. 


The Rohingya are an ethnic Muslim minority from Myanmar’s Rakhine State who have suffered several decades of persecution by the Burmese government. Following widespread ethnic cleansing by the Burmese army, they fled to Cox’s Bazar, Bangladesh, which have become the world’s largest refugee camp of our time and accommodate nearly 900,000 refugees now. Filmed over several months in Cox’s Bazar, “Rohingya” records the community’s everyday life, social rituals, the camp’s unique landscapes, and the light of humanity amid one of the greatest displacements of our time.





فيلم الكسوف- الجزء الثالث Commentary on the movie (The Eclipse)

English translation via icon far left of the blog

Movie (The Eclipse, 2022)

Part 1 (Another True story on 11-8-1999)

https://shayunbiqalbi.blogspot.com/2023/03/1.html

استعارات و رموز:

The Eclipse, 2022
عندما حجب القمر الشمس في عام 1961، كان الناس الخارجون من حرب عالمية و يبنون دولة جديدة في يوغسلافيا سعداء و شغوفين بهذا الحدث. علموا تلاميذ المدارس كيف يشاهدون (الكسوف) دون أن يؤذوا عيونهم.  فهذه مناسبة لا تحدث إلا كل عدة عقود و قد لا تتكرر في العمر، وعليهم أن يطبعوها في ذاكرتهم بالاحتفاء بها. استعارت لكسوف رمزا للفرق بين نور و ظلام، وتتحدث عن ردة فعل الشعب الصربي بين كسوفين لتبرز الفرق بين النسيان المتعمد و الصمت و بين الإنكار والمكابرة.  يحدها مجازًا خسوفان للشمس ، أحدهما في 11 أغسطس 1961 ، عندما شجعت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية المواطنين على مراقبة الظاهرة (وقت الأمل ، المستقبل)، والواحد في 11 أغسطس 1999 ، عندما أرهبت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية المواطنين. مع ذلك (وقت القلق والاختباء)، أهل صربيا فقد فضلوا البقاء في بيوتهم خلف ستائر معتمة بعد عقد من الحروب كناية عن محاولتهم نسيان ما حدث أو الانصياع لاوامر الحكومة.

صمت و نسيان:

يفضل كثير من الصرب الصمت على الحديث عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية في كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو. بينما ينكرها بعضهم، و يبررها آخرون علنا دون حساب. للصامتين، فإن هذا الصمت و ادعاء نسيان ما لا يُنسى يخفي شعورا ما بالرغبة في الحديث. لهذا، استنطقت المخرجة أسرتها الصامتة. و جادوا بالقليل، عدا والدها الذي فضل الصمت المطبق على ما يضمره. لا أحد يعلم ما الذي يدور في هذه القلوب و العقول نحو ما اقترفته أيدي جيشهم وميليشياتها. ربما يبارك بعضهم أفعالهم من وراء حجاب الصمت. هذا العمل نذير و إنذار لما قد يتكرر مثلما تكرر الكسوف، تكررت حوادث الزمان و نوائبه، إن لم يتصارح الناس، و يتصالحون مع أفعالهم السابقة لإيقاف دائرة الصراع. أما إرغام النفس على الصمت فهو دفن للذكريات و كبت للمشاعر التي قد تنفجر في أي بادرة عنصرية جديدة. الصمت خيانة. إن بارك أحد سرا ما يفعله المعتدي، فهم سواء في الجرم.

فريق عمل الفيلم

فريق عمل الفيلم


في أقل الأحوال، فإن أسر مثل تلك الأسرة لم تتأثر بفقد أحد رغم الأثر الاقتصادي للحرب عامة. لكن من المؤكد أنهم تعاملوا و تأثروا بجيران و أسر أخرى فقدت أحبائهم أو أصيبت في الحرب. ما الذي دفع الكثير من الشباب لمغادرة صربيا لدول أخرى في أوروبا مثلما فعلت المخرجة نفسها رغم عدم تأثرها بالحرب مباشرة. 

فإن افترضنا ان الجميع تأثر نفسيا بالحرب، فهذه الرحلة خطوة في علاج كرب ما بعد الصدمة . أما التجاهل و ادعاء النسيان و العيش بحياة عادية فهو تعميق أكبر للصدمة مهما طال الزمن.  و هذه ليست دعوة للعيش في ظل الحروب. لكنها دعوة لنفض التراب عن الذاكرة و مواجهة النفس بما تضمره و الاعتراف بالمسؤولية.  دعوة لأمة تختار الاختباء من ظلال الماضي ، بدلا من التسوية الضرورية التي يمكن أن تجلب السلام وتشكل الأساس للمستقبل.

كيف لأسرة ممتدة ان تتجاهل حربا باسم بلادها؟ كيف عاشت هذه الحرب، و كيف تنساها؟ الفيلم يسبر أغوار أسرة عاشت الحرب منذ 3 عقود بلامبالاة و دفنت هذه الذكرى. الفيلم يجعلها تطفو على السطح. و بمرونة عالية، سنكتشف ان ما خلناه نسيا منسيا، هو حاضر الآن. حاضر في رد الوالد المتجاهل دون اكتراث. فهو لم يتغير و يمثل نسبة معقولة من اهل صربيا. حاضر في نبرة الألم حين تتذكر السيدة جارتها الاوكرانية و زوجها الصربي و معاناتهم رغم مرور ثلاثين عاما. حاضر في التصريح ببعض العنصرية في قسوة نظرة عين الجد التي مرت عليها عقود و لم تنسها السيدة.

 

حين قرأت عن قصة الفيلم، كنت أتوقع شيئا من التبرير و الغوص في نفوس مرتكبي الجرائم. لكنها مرت على الحدث كناية عن الوعي الجمعي و الشخصي الصربي لمواطنين عاديين منهم من لديه بعض العنصرية و منهم من لا يهتم. و بين هذا و ذاك، هناك من شارك بشيء من التعاطف والألم. لكنهم جميعا لم يتحملوا أي مسؤولية. فالجرائم الفردية تسمى باسم من ارتكبها و ليس باسم الشعب كله. من كان بيده أن يقول لا ضد صاحب السلطة؟ من كان بيده أن يوقف هذا الطوفان الشعبي من العنصرية و العصبية و القتل؟  لقد أوردت المخرجة في مشاهد نادرة بعضا من المظاهرات القليلة ضد فكرة الحرب و النظام الحاكم الذي تسبب في خوض صربيا 4 حروب في عقد واحد. لكن كم تكون نسبتهم اليوم بعد 3 عقود؟ تزيد أم تنقص أمام تنامي العنصرية و تجديد نفس أفكار ميلوسوفيتش السابقة؟

إنذار:

هذا الفيلم حجر صغير في بحر راكد من الصمت. أما من يروج أفلاما عنصرية، فإن الحل الوحيد هو مواجهته بمثلها من الأفلام التي تقول الحقيقة و تشجب العنصرية المقيتة التي لن تخلف إلا مزيدا من الدمار. نحن نريد مزيدا من الأعمال الفنية التي تتحدث عن هذا الأمر. نريد مزيدا من العقلاء الصادقين الشجعان. نريد مزيدا من المصارحة و المصالحة. ليس في البلقان فحسب، بل في كل مكان في هذا العالم الذي فيه الصمت تواطؤ مثل اقتراف الجرم.

رحلة طويلة في فيلم طويل غاص في الأعماق ولسان حاله يسأل: هل نسى حقا؟ هل بارك صامتا الجرائم؟ الوحيدة التي صرحت بصدقها كانت عمتها التي لعنت مجرم الحرب صراحة. هل من الممكن في نفس الوقت أن تحب شخصًا - أو بلدًا - وتحمله المسؤولية عندما يخطئ؟ نعم، و غير ذلك محاباة أو نفاق.


أعجبني:

أعجبني للغاية أنها قالتها، لقد قالت (الحقيقة) بسلاسة و شجاعة، ذكرت في مقاطع تاريخية في نهاية الفيلم عما حدث باختصار من جرائم و محاكمات و اغتيالات. كان هناك شيء من البطء المقصود (ربما) في مجرى الفيلم حتى تصل لما تريد. تذكرت محاولة بوريس تاديتش، عالم النفس و قائد الصرب (2004-2012) بعد اغتيال سلفه. أعجبني في البدء، يبدو الفيلم بعيدا عن الحرب، ثم يغوص بك تدريجيا لتدخل في أعماق الحرب حتى المشهد الأخير دون مشهد عسكري واحد. الفيلم لا يكرر اتهاما مباشرا، إنما يورد حقائق أثبتتها المحكمة الجنائية الدولية. أعجبني تعليق عابر أثناء عرض الفيلم على مشهد مباركة الدين الحرب: لا توجد حروب مقدسة إلا تلك التي تدافع فيها عن تراب وطنك أمام عدوك. و تعليق آخر لإحدى المشاهدات بعد عرض الفيلم، أنها كانت تعتقد أن هذه الحرب انتهت تماما، لكن يبدو أنها لم تنته حتى اليوم. هذا ما أردت نقله لمخرجة العمل. هذا التعليق جس نبض حقيقي لوصول رسالة الفيلم لمشاهد عربي بعيد جدا عن أوروبا و غير مهتم بالسياسة و التاريخ و الحروب.

 أنصحك بالإطلاع على الجزء الأول هنا 

 شاهدت لك فيلم الكسوف- الجزء الثاني

 

 

  

Friday, March 24, 2023

شاهدت فيلم (الكسوف)- الجزء الثاني Summary of the movie (The eclipse)

 الفيلم: الكسوف  Pomračenje 

English translation via icon far left of the blog

Movie (The Eclipse, 2022)

Part 1 (Another True story on 11-8-1999)

https://shayunbiqalbi.blogspot.com/2023/03/1.html

د/ إيمان الطحاوي 

European University Film 

عن المخرجة:

 ولدت ناتاشا أوربان في 1 مارس 1977 في زرينجانين من مقاطعة فويفودينا في شمال صربيا. هي مخرجة ومحررة أفلام وثائقية . حصلت على درجة الماجستير في التصوير الفوتوغرافي من جامعة الفنون في بلجراد، صربيا. ثم انتقلت إلى بوخارست، رومانيا. و أخيرا، تعيش وتعمل في أوسلو، النرويج. غيرت ناتاشا اسمها الأخير إلى اسم جدتها لأبيها (أوربان) قبل الزواج.

شاركت في إخراج الأفلام الثلاثة الأولى ، وهي "رحلة من الثلاجة الحمراء متوسطة الطول (2007) ، و "الأخت الكبرى بونام" (2009) ، و "مبامبو وجبال القمر" (2010) ، مع لوسيانو مونتيانو ، و تعاملت مع الحياة في نيبال وأوغندا، وهي أماكن بعيدة عن البلقان، و تختلف البيئة و الأبعاد الاجتماعية. أما فيلمها الرابع، و هو أول فيلم طويل لها منفردة، فهو الوثائقي (الكسوف) 2022.

Ismailia 24th International Film Festival for Documentaries, 2023

في مقابلة ، قالت المخرجة إنها تأثرت باضطراب ما بعد الصدمة فيما يتعلق بصنع الفيلم الذي استمر نحو عامين. و في مقابلة أخرى، قالت إنها كانت تشعر أنه سيحظى بهذا النجاح أثناء عملها عليه. 

حصد الفيلم عدة جوائز، و عرض في مهرجانات عدة. استحق العمل الذي استغرق نحو عامين بحثا و تصويرا و إعدادا جوائز عدة، و شارك في مهرجانات عديدة مثل: كوسوفو، سراييفو، الإسماعيلية، و ما يزال يحصل على إشادات هنا و هناك. في مهرجان كوبنهاجن الدولي للأفلام الوثائقية، أحد أكبر مهرجانات الأفلام الوثائقية في العالم، جاء في منحها الجائزة الرئيسية: " يجرؤ المخرج على النظر في مرآة الحاضر المضطرب وحساب أشباح الماضي الدموي ، مجادلًا أن فقدان الذاكرة التاريخي هو عبء تحمله الأجيال. يؤكد هذا الفيلم على المخاطر الجماعية التي لا يمكن إنكارها للفرد. صدمات الأمة ، تتساءل عما يعنيه الانتماء إلى أي منهما ، وما نوع المسؤولية التي ينطوي عليها هذا الشعور بالانتماء. وهذه الأسئلة لا تنحصر فقط في محتوى الفيلم: شكله الجريء والتجريبي يعطي نسيجًا مذهلاً لـ الجراح الوجودية للحرب، ويتعامل مع الشكل السينمائي كنوع من السياسة نفسها ، حيث كل قرار جمالي هو أيضًا لفتة أيديولوجية. يخبرنا هذا الفيلم بعبارات لا لبس فيها: لا تنظر بعيدًا ؛ لا تنسى. قرار لجنة التحكيم هذه بالإجماع ، تذهب الجائزة إلى ناتاشا أوربان عن فيلمها الكسوف. 

أنصحك بالإطلاع على الجزء الأول هنا 

أنصحك بالإطلاع على الجزء الثالث هنا 

 

القصة:

في 11 أغسطس، عام 1999، كان العالم ينتظر الحدث (الكسوف الكلي للشمس).

أمرت دولة صربيا شعبها بأن يختبئ من (الكسوف) الذي سيضر عيونهم، فأطاع الشعب. رأت المخرجة في هذا الحدث، وذلك التصرف استعارة استخدمتها في فكرة هذا الفيلم. تقول المخرجة إن فكرة الفيلم جاءتها بعد وقت من وفاة شخص عزيز. و أنها اطلعت على مذكرات أبيها المذهلة و الدقيقة فاستعادت مع الأسرة تلك الذكريات. تمزج  بين يوميات والدها و إعادة تمثيل الأحداث بنفس الأماكن الطبعية تقريبا مع لوحات تشمل تواريخ دقيقة لبعض أحداث الحرب. و هذان عالمان متناقضان. لا يعرض الفيلم أي فيديوهات أو صور مباشرة لجرائم الحرب رغم حضورها بالفعل. تتوالى الأحداث في التسعينيات: (أول الاحتجاجات الديمقراطية في صربيا، بداية الحرب في كرواتيا والحصار الدموي لفوكوفار، وحصار سراييفو، ومجزرة سريبرينيتشا، وقصف الناتو لصربيا)، و تتداخل زمنيا مع يوميات والدها التي يبدو أنها في عالم آخر.

تقول إنها أطرت الفيلم بمشهدين من الكسوف الكلي للشمس، أحدهما من عام 1961 والآخر من عام 1999.

 تروي جداتها و عمتها و والدتها و صديقة لها نصيبهم من الذكريات.  كل شخص يحكي جانبه من القصة ليشكلوا معا لوحة بانورامية لمجتمع صغير يمثل جزء من شعب صربيا الذي ربما لم يشارك في الحرب. لكنه لا يعمم على كل أهل صربيا. يبدو الفيلم مثل إنذار ضد القومية المتطرفة في أوروبا و أي مكان  في العالم. 

الافتتاح:

افتتحت ناتاشا أوربان فيلمها بلقطة محببة باللونين الأسود والأبيض لكسوف ، ورواية من رسالة ربما تطمح بها معرفة أسرار انهيار يوغسلافيا، و حروب التسعينيات. أسرتنا الافتتاحية بالمناظر الخلابة حول نهر الدانوب في الغسق والفجر، يمتعك الفيلم بصور الأراضي المنبسطة و التلال ثم الجبال و الأنهار و البط (أو البجع) الذي يسبح فيها. إنها طبيعة هادئة حُبيت بها مدينة نوفي ساد، حيث تستقر أسرة المخرجة في صربيا، فصورت لنا المناظر الطبيعية الحضرية للمباني الاشتراكية في نوفي ساد ، صربيا.   يدخلنا الفيلم في منزل الأسرة و منتزهها، في مشاهد الجرات في المطبخ و سجلات الورق...و يصحبنا في المنتزه و النافورة و التلال و يصور لنا الحياة كأننا نحيا معهم.

www.imdb.com

الجدات و العمات و الوالدة:

تروي كل من جداتها قصص الفقر والفظائع التي شهدتها خلال الحرب العالمية الثانية عندما كانا طفلين.

تسأل نتاشا جدتها ذات الأصول الرومانية وهي تتزين. تسألها عن الحرب. فترد عن أي حرب؟ حقا، أي حرب تذكرها تلك العجوز و قد مرت بلادها بحروب كثيرة؟ احكي لنا عن الحرب التي تذكرينها إذن. تحكي لنا الجدة: كنت صغيرة أثناء الحرب في يوغسلافيا القديمة. أتذكر كيف بدأت الحرب العالمية الثانية، و تحكي عن الفقر المقذع التي لا تستطيع منه فكاكا.

www.imdb.com

 بينما صور المنزل بمشغولاته المطرزة تأسر النظر و تملؤك دفئا، و تتنقل الكاميرا إلى حدائق جميلة.  تتذكر جدة ناتاشا أوربان كيف قطعت رؤوس الجنود الألمان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. و استُخدمت رؤوسهم المقطوعة ككرات قدم في الشارع.

 تمر الكاميرا بمشهد تنويم الابنة لأمها تداعب شعرها كأنها تنومها مغناطيسيا لتحكي لكنها لا تريد أن تتذكر. تسألها الوالدة بارتياب و صراحة: لم تسألين اليوم؟ فجميعنا يحاول نسيانها. يسأل الأقارب المخرجة، ابنتهم ناتاشا "لم لا تقولين شيئًا جيدًا عن صربيا، مثل مستنقعات Obedska  الجميلة أو متجر Laguna للكتب؟"

ذكّرني ذلك بنصح العائلة المالكة للأميرة ديانا التي كانت تصر على زيارة مرضى الإيدز: لم لا تصنعين عملا أكثر بهجة، لم لا تزورين الأطفال السعداء؟

تروي والدتها قصة صعود القومية التي شهدتها في مكان عملها والطريقة الخاصة للغاية للحفاظ على إنسانيتها بعد الحملة الجوية من خلال العناية بنبات الكركديه الذي تركته في مبنى شبه مدمر قصفه الناتو. 

و هناك قصة عن أول رد فعل سريع من زملاء عمتها الموظفين في مصلحة السكك الحديدية حين باركت بحياد "حظًا سعيدًا لهم ، إذا كانوا يريدون ذلك كثيرًااختيار الكروات الانفصال عن الاتحاد اليوغسلافي في الاستفتاء. صاح زملاؤها غاضبين: "اللعنة عليك أيتها...، إنك لست صربية، إن لم تعجبك قرارت صربيا، عودي إلى رومانيا، فهذه صربيا! يدخل المكتب مديرها حين يلعنها زملاؤها دون أي تدخل. تتنقل الكاميرا وسط صور المكاتب المغلقة فتشعر بالضيق من المكان و العنصرية المقيتة.

تتتبع عمتها (برانيسلافا) ذات العيون الواضحة دوائر العنف التي شهدتها بنفسها عندما كانت في أواخر الثمانينيات تعمل نادلة في نزل مظلل يتردد عليه "محاربو عطلة نهاية الأسبوع" التشتنيك (ميليشيات صربية) و كيف استمتعوا بتقل الحيوانات. تحكي عن سادية عيون والدها تجاه الحيوانات الأليفة والصفعة التي تلقتها منه في طفولتها. تقول العمة إن الشيتنيك قطعوا رؤوس خصومهم في كرواتيا ، بينما يظهر في الفيديو مشهد ذبح خنزير عوضا عن مشاهد قتل أو ذبح الجنود.  تحكي العمة برانسلافا ، التي اتُهمت عندما كانت طفلة بعمر خمس سنوات بأنها عاهرة بسبب ركوب الخيول مع الأصدقاء. عوقبت و لم تفهم عم يتحدثون.

 الأصدقاء:

أصدقاؤها يتحدثون بأريحية أكثر؛ لأنهم كانوا في بداية شبابهم، فكانت هذه الحرب مقتلا لمستقبلهم. أعادت سرد قصة الرحلة من بوخارست حيث تدرس التصوير مع صديقتها ميلينا و صديق لرؤية بقايا شقته في فوكوفار، شمال شرق كرواتيا في 1996، بعدما وضعت الحرب أوزارها في البوسنة و كرواتيا، قبل أن يشعلها ميلوسوفيتش من جديد في كوسوفو. مشهد متناقض لبعض الأصدقاء يقفون أمام الكاميرا في مدينة في حالة خراب، مشهد لعربة أطفال مهجورة على جدار من الطوب نصفها مغطى بالثلج. ترمز إلى حياة كانت هناك ذا يوم قبل الحرب. نسيت المخرجة ما حدث تقريبا، فذكرتها صديقتها. أصيبت إحدى صديقات ناتاشا بصدمة عصبية بسبب تورط والدها غير الطوعي في حصار فوكوفار، الأمر الذي حوّلها إلى التصوف الديني، ثم المخدرات. سفر معظم الأصدقاء خارج صربيا في حد ذاته محاولة متعمدة للنسيان. يبدو الأمر كما لو أن هذه اللحظة وكل ما حدث في الرحلة قد تم محوه. لقد ذهب تماما بالنسبة لها.  تقول المخرجة إنها غادرت صربيا منذ سنوات عديدة ولم تنظر إلى الوراء أبدا. لكنها اليوم تنظر و بعمق.

بعض البهجة، والفكاهة:

 تطلب أوربان من جدتها إيلينا أن تخبرنا عن الوقت الذي سرقت فيه الإوزة مع الغجرالجدة إيلينا سعيدة للغاية للقيام بذلك ، لكنها بعد ذلك تدخل في حكاية عن رجل أصيب برصاصة في ردهة المبنى الذي تقيم فيه.

الوالد:

لدى أوربان أيضًا إمكانية الوصول إلى "كتاب سجل الجبال" لوالدها، وهو يسرد تفصيلا لرحلاته الطويلة في براري يوغوسلافيا السابقة متزامنة مع توقيت الحروب. يعيد الوالد العجوز ذو اللحية البيضاء و الجسد النحيل تمثيل نفس المسارات التي سجلها في التسعينيات، أثناء سرده ليومياته. سجّل تفاصيل دقيقة عن الوقت الذي يقضيه في الطبيعة بالساعة، و حالة الطقس في هذا اليوم، و درجة الحرارة بدقة. ذات مرة، قرر أنه يريد أن يمس مياه جميع البحيرات الأربع في المنطقة، وعليه أن يتفاوض في طريقه للقيام بذلك. يحكي تفصيليا عن كل ورقة وجدها، و هجرات الحيوانات، و صحبته للثعالب والخنازير البرية لسنوات بدل البشر، و زيادة عدد الصيادين، وظهور الأسلحة النارية من مخلفات الحرب. 

الأسرة تتسلق جبل ماجليتش في حين تشتد الحرب في كرواتيا في 1991. الأسرة تتسلق جبال القوقاز في 1995، في حين سراييفو ما تزال تحت حصار استمر ل 3 سنوات.

كل هذه التفاصيل و الوله بجمال بلاده، يقابله عدم اكتراث بتفاصيل الحرب التي خاضتها نفس البلاد. على ابنته أن تذكره بلطف بحجم مذبحة سريبرينيتشا، التي قتل فيها أكثر من 8000 رجل وصبي من البوسنة على يد القوات الصربية.

  ترمز شجرة الزيزفون العتيقة إلى ماضٍ تليد ليوغسلافيا و هي تقف شامخة أمام الكنيسة بينما يخرج الأب الصربي بوريسلاف و يحكي أنه يمر بنوستالجيا لذكرياته مع والديه كلما زار الكنيسة منذ 1965.

 التاريخ الأول هو 24 تشرين الثاني / نوفمبر 1990.

بينما كان أبي يزور قرية سيريفيتش ، يخبرنا عنوان سردي أنه تم فتح حفرة غولوبينكا في كرواتيا ، وكشف عن رفات 600 ضحية صربية قتلوا على يد أوستاشا في الحرب العالمية الثانية.  يظهر في اللقطات التلفزيونية قساوسة أرثوذكس يؤدون الصلاة على الجماجم والعظام ، والتي استخدمت مليا في الدعاية الصربية في التسعينيات.

Memorial signs with claims of victim counts, situated on the Bosnian side
 of the Sava river at Gradina. Photo: Petar Milošević CC BY-SA 4.0


أوستاشا: منظمة فاشية كرواتية نشِطت ما بين عامي 1929 و1945. قتل أعضاؤها الآلاف من الصرب واليهود والغجر والمعارضين السياسيين في المسرح اليوغوسلافي في الحرب العالمية الثانية. عُرفت المنظمة، بوجه خاص، بأساليب الإعدام الوحشية والسادية التي غالبًا ما كانت تشمل التعذيب وتقطيع الأعضاء.

العمة العجوز، عازفة البيانو، تقود دراجتها بتأمل، و تخبرنا كم تكره هذه الحثالة (مجرم الحرب رادتكو ملاديتش) و أشباهه الكثر.  تسأل لماذا يفعلون هذا باسمنا جميعا نحن الصرب؟ كانت صربيا هي المعتدي الرئيس الذي خلّف دمارا كبيرا لكل جيرانها. صربيا  تسببت في التقسيم العرقي بدلا من الانصياع لنتائج الاستفتاء السلمي في مطلع التسعينيات.

 الجيران، و النازحون:

تحكي عن القادمين الجدد هربا من الحرب، للعمل و السكن في مدينة نوفي ساد البعيدة عن الحرب.  تحكي عن جارة جديدة وحيدة مع ابنتيها تحاول حمايتهما. عملت في مدرسة، تعرفت عليها و علمت ان زوجها في الحرب و لا تعلم عن مصيره شيئا إن كان حيا او ميتا. غميت السيدة لما عاد زوجها فجأة. ضرب و سلب سيارته و كل ما يملك في فوكوفار. 14 قذيفة أصابت منزله و هو مختبئ في قبوه، لا يجرؤ على الخروج إلا ليلا يعس على تفاحة في حديقة تقيم أوده. ثم اعتقل من فوكوفار إلى معسكر بيجيجي المقام حديثا في المدينة ذات الأغلبية  الرومانية لنحو شهرين. حين خرج، استدل بطريقة ما على مكان زوجته في نوفي ساد. لقد أوذي مرتين من طرفي الصراع (صربيا و كرواتيا)؛ لأنه كرواتي و لأنه تزوج من صربية.

كل شيء في الفيلم له دلالتان.  مثل مدينة بيججي Begejci.

هذه هي المدينة التي غالبا ما ذهبت إليها عائلة أوربان للحصول على الطعام عندما كانوا فقراء. إنها المدينة التي ارتبطت بها ناتاشا بعض أجمل ذكريات طفولتها ، عندما زارت إحدى جداتها. وهي المدينة التي تم إرسال شقيقها الصغير إيغور إليها عندما قصفت طائرات الناتو نوفي ساد في نهاية الحرب.  في الوقت نفسه، هي المدينة التي أقامت فيها القوات الصربية معسكرا لأسرى الحرب في وقت مبكر من الحرب ، والمكان الذي تعرض فيه الكثيرون لانتهاكات جسيمة. مخيم سوي بالأرض في وقت لاحق لإخفاء كل آثار الانتهاكات. جاء الناس من الأماكن المحيطة بالمدينة للحصول على الطوب من المباني التي تم فيها الاحتفاظ بأسرى الحرب. ومعظم الطوب من المبنى تم استخدامه لاحقا لبناء كنيسة.

 1991:

تعطي اولوية لمشاهد المظاهرات ضد حكم ميلوسوفيتش، المغلفة برفض مبكر لما اعتبر حكما فاشيا جديدا. تتحدث (مع الفيديو الذي يظهر عنف الشرطة و تفريقها بالمياه و الضرب و غيرهما) عن القلق لثلاثة أيام دون خبر عن الأهل و عن الإصابات و من شارك و لو بحجر ضد الشرطة.

Protest in Belgrade, Serbia. September 1991

25 أغسطس 1991:

تذكر بوضوح دور (الميليشيات الصربية) مع القوات العسكرية في العنف في مدينة فوكوفار الكرواتية. المدينة المشهورة بالتزاوج بين المسيحيين الصرب و الكروات (أرثوذوكس و كاثوليك).

في تناقض رهيب: حيث تصل أول أفواج اللاجئين إلى صربيا فارين من الحرب، حين يبارك القساوسة الأورثوذوكس الميليشيات و الحرب التي تسببت في ذلك معلنين (أينما وجدت قبور صربية، فهذه أراض صربيا الكبرى).

و في تناقض آخر لما يحدث، يحكي الأب عن رحلته عبر الغابة محاولا الوصول لمحجر ما أعلى الجبل. يصف البيوت الفارغة و يقابل صديقا لم يره منذ اكثر من عشر سنوات و فجأة، يسمعون صوت الانفجارات.  يتأكد أنها من فوكوفار. يودعان بعضهما بعضا. يكمل رحلته.

موقع المحكمة الجنائية الدولية  ICTY on KOSOVO 

تسأل ناتاشا: أبي، هل كنت تعلم أن هناك 83 جثة لألبان كوسوفو اكتشفوا في شاحنة تبريد من مصنع لحوم متجمدة بدون لوحات ترخيص، مغمورة في نهر الدانوب؟ يجيب بوريسلاف والد ناتاشا: حسنا، أعتقد أني أعرف ذلك، لكني نسيت بصراحة!

لوحة توضح أن بين 1 أغسطس 1995 حتى نوفمبر 1995، قامت القوات الصربية بمحو آثار مجزرة سربرينتسا بتمزيق الجثث و نقلها لعدة قبور مرة بعد الأخرى.

Srebrenica memorial, coffins before burial 

تسأله عن الحرب حين قال إنه علم بسقوط كرايينا، بعدما نزل من تسلقه للجبل. فيرد : لا أدري لِمَ اضطرت قواتنا للتدخل في سربرينتسا؟ ترد ابنته بتلقائية و توضيح: تدخل؟ لقد قتلوا عددا مهولا. أتعلم كم يا أبي؟ خمّن. يجيبها: ألف! ترد: بل أكثر من 8000 رجلا في نحو يومين!

جمهورية كرايينا الصربية: منطقة غير معترف بها، مثلت الحكم الذاتي للصرب في كرواتيا من 1991-1995.  

 لم ينم (إيجو)، شقيق ناتاشا أثناء القصف إلا عندما عادت الطائرات فارغة. كانت أخبار التلفاز وحدها ما يربطه بالعالم الخارجي. كان حبيسا.  لكن طائرات الناتو دمرت برج التلفزيون القريب. فانتقل إلى قرية آمنة نسبيا(بيجيجي)، و غادر نوفو ساد. توسل إلى والديه للسماح له بالذهاب إلى فوكوفار ، لكنهم رفضوا. يتذكر، أنه كان واحداً من شخصين في الشارع بعد انطلاق صفارات الإنذار من الغارات الجوية للإشارة إلى بداية الخسوف عام 1999.

5 أبريل 1992: بداية حصار سراييفو. توضح المخرجة أن هناك قوات موالية (ميليشيات التشتنيك) و هناك (قوات أبطال نهاية الأسبوع) التي جاءت لقتل /لقنص المحاصرين في سراييفو.

في نهاية الفيلم، تمتزج الصور العائلية لتسلق جبل ماجليتش في البوسنة في حين علم يوغسلافيا عاليا على قمة الجبل خلف أفراد الأسرة و الحرب مستعرة في كرواتيا في 1991.

ينتقل الحديث لكيف كان يعيش أحدهم أثناء القصف لدرجة النوم في الحمام ليبتعد عن مصدر القصف. بينما تنتقل الصور لصور بديعة من الرمادي و الأبيض و الأسود لكرة أرضية و في ظلها دراجة في مشهد تصوير بديع نعتاده مع كل كسوف شمس.

ثم تنطلق اللوحات التوضيحية في 24 مارس 1999، لتحكي لنا كيف بدء ميلوسوفيتش حربا جديدة على ألبان كوسوفو تبعها صدام مع جيش تحرير كوسوفو مع حملة من التطهير العرقي. حتى تدخل الناتو. و فيديوهات لا تمحى للتفجيرات التي شنها الناتو على بلجراد. بينما يستمر في إخفاء آثار مجازره في الغابات و البحيرات مصنفا سرها ب (سر دولة).

قرب نهاية الفيلم، تسأل المخرجة والدها عن سبب توقفه عن المشي في الغابات العديدة في عام 1999. يقول إن الأمر كان خطيرا للغاية"، لكن ابنته تريد منه المزيد، يضطرب الأب و يصمت. يفضل عدم التحدث كثيرا عن الماضي. إنه يفضل أن ينسى. اختار بإرادته ألا يتذكر. أصر الوالد على ممارسة رياضته و تسجيل يومياته بينما تدور الحرب حتى توقف في 1999.  يقرأ السجلات من ذلك الوقت، ويعيد تتبع المسارات التي كان يسلكها في الماضي، ويحاول أن يظل هادئا و يتتبع خطواته إلى منازل العائلة السابقة حيث يقوم ، في النهاية ، بتحميل كل شيء، حتى (حوض المطبخ) أعلى سيارته ويغادر منطقة الميليشيات.

يصل للحكم بعض من يحاول رأب الصدع و التعاون مع الجنائية الدولية مثل (زوران جينجيتش) حيث اكتشفت بعض المقابر الجماعية، و قدم ميلوسوفيتش للمحاكمة. تبدد هذا الأمل، حين اغتيل زوران في 2003! ثم مات ميلوسوفيتش في محبسه.

زوران جينجيتش: أول رئيس وزراء غير-شيوعي لصربيا من بعد الحرب العالمية الثانية، في 12 مارس 2003 برصاصة قناص اخترقت قلبه وذلك أمام مبنى الحكومة.

موقع المحكمة الجنائية الدولية  ICTY

لكن في 2012، عاد لسدة الحكم أشباه و حلفاء ميلوسوفيتش من العنصريين و القوميين المتطرفين من ذات الحزب. و منهم ألكساندر فوفيتش. عرقل هذا النظام مفاوضات مع كوسفو و الاتحاد الأوروبي. وما يزال الوضع متأزما. بالطبع، لن يساعد هذا أهل صربيا في معالجة أزمتهم مع ذكرى الحرب، و ربما يؤجج النزعة العنصرية مرة أخرى. فهل من مجيب؟

عن صناعة الفيلم:

قطع فريق العمل رحلة مميزة للحصول على الصور و الفيديوهات عن الكسوف و أشارت في بحثها الأولي أنها تريد بعض الصور و فيديوهات لعمل فيلم خيال علمي.  أجاد فريق العمل في توليف و إنتاج الصور و الفيديوهات. بينما كانت الموسيقى المناسبة نتاج فريق اختارته بنفسها و أعطتهم الفكرة العامة و عملوا لإنتاج الموسيقى. و حاليا، يعلمون على إنتاج ألبوم موسيقى من موسيقى الفيلم. تنقل اللقطات لم يكن مربكا أو مشتتا رغم وضوحه لكنه سلس. و لأنها درست التصوير في بودابست؛ فتقول: "المواد الكيميائية الفوتوغرافية لا تزال تشم مثل الحرية بالنسبة لي".

رموز الفيلم:

الكسوف: و هو منشأ مغزى الفيلم.

النبات: هناك أمل، فالسيدة ماتزال تروي نبات الكركدية في مكتبها المهجور رغم احتمال تهديد القصف. إنها تتحدى الموت بالحياة.

الطبيعة الخلابة: استمرار الحياة. 

الحيوان: مشهد الخنزير الوليد على قش أرضية الفناء تشي بولادة حياة جديدة.  نقيض القسوة التي كانت تراها في عين الجد العجوز و هو يذبح الخنازير.

 نقد سريع للمهرجان:

 شاهدت الفيلم في مهرجان دولي. عاب المهرجان سوء طريقة العرض و الإضاءة، فعانينا في قراءة الترجمة الإنجليزية.

النوع: وثائقي. المدة: 110 دقيقة. اللغات الصربية ، الرومانية. الترجمة: الإنجليزية. إنتاج: النرويج. سنة الإنتاج: 2022. سيناريو و إخراج: ناتاشا أوربان (أول فيلم وثائقي طويل منفردة). مساعد مخرج : ألكسندر ريليجيتش. التصوير السينمائي: إيفان ماركوفيتش. تصوير سينمائي إضافي : ناتاشا أوربان.  التحرير: ييلينا ماكسيموفيتش. الموسيقى: جاريد بلوم، وبيلي جولد. المنتج: شركة إنجفيل جيسكي للإنتاج. الدعم: : Norwegian Film Institute، The Fritt Ord Foundation، Fund for Sound and Image، The Norwegian Artists 'Scholarship


Thursday, March 23, 2023

فيلم الكسوف - الجزء الأول Part 1 (Another True story on the eclipse of 11-8-1999)

كتبت د. إيمان الطحاوي  

By Dr. Eman Tahawy, Egypt

 Arabic post followed by the English translation 


ألا يكفينا من الزمان يوم واحد لنحكي قصتنا؟ بلى، فليكن يوم كسوف الشمس في الحادي عشر من أغسطس عام 1999. لم تكن هناك حرب، لم تكن هناك مجازر، لم يكن هناك سوى بشر يريدون أن يسابقوا الزمن ليشاهدوا هذا الحدث الرائع، عبر ما توفر لهم من إمكانيات. هذا يحضر ورقة آشعة، و هذا يشتري نظارة مخصصة، و هؤلاء سيذهبون إلى تلال مرتفعة لمشاهدة الحدث النادر الذي قد لا يتكرر في حياتهم.

كل بلدان أوروبا على هذا النحو. لكن هناك مشهد آخر مغاير تماما، حدث في بلدة صغيرة (قرية كروشا إي مادهي ) في كوسوفو، صربيا، البلقان. سمها ما شئت. هو اليوم ذاته؛ هنا و هناك.

خريطة كوسوفو- ويكيبديا


((ترك الصراع في كوسوفو في عام 1999 أكثر من 200 امرأة أرملة في قرية كروشا إي مادهي الزراعية، بينما فقد أكثر من 500 طفل هناك أحد والديه على الأقل)) - موقع الأمم المتحدة.

Krushë e madhe

كانت هناك أسر ما تزال تبحث عن جثث أو بقايا و رفات أحبائهم الذين عذبهم و قتلهم جنود الصرب و طمسوا هوياتهم و أخفوهم في الأرض و النهر و البحيرات و الغابات. تحت الطين و روث و جثث الحيوانات النافقة و بقايا الحجارة المتكسرة من البيوت المتهدمة! ذهب فريق من الطب الشرعي لأداء المهمة و نسوا أنه يوم الكسوف الكبير!

سنحكيه معا:

((قال: يا إلهي، إنه كسوف الشمس الجزئي. كنت قد نسيت ذلك ))

ثم تكدّس كل الفريق في قافلتنا الصغيرة، ثم نقلنا إلى قرية كروشا مادهي الخاوية. دُمرت معظم المباني السوداء تقريبًا. كالعادة، فُجّرت الأسطح، واختُرِقت الجدران بمئات من رصاص الكلاشينكوف.

وصلنا إلى ورشة عمل صدئة ومسطحة بسقف من الحديد المموج في حديقة ملأى  بالأعشاب البرية، و فيها سيارتان صدئتان داخل المنحدر.

أمسك ثلاثة رجال شرطة آخرين بالمجارف والفأس، وشقّوا طريقهم إلى منطقة في الحديقة، وطوّقوها بشريط مسرح الجريمة الملون باللونين الأصفر والأسود، ثم بدأوا في الحفر بالمعاول، في حين كان بقيتنا يشاهد تحت مظلة الترحيب. عادوا يسبحون في عرقهم بعد نحو خمس عشرة دقيقة.

قال أحدهم: “الحرارة اللعينة تغلي هناك”.

فجأة، حل الظلام عندما اختفت الشمس من السماء الصافية، وأصبح الجو باردا بوجه غريب ومظلما تمامًا.

هل هذا فأل حسن؟” سألت أندرو.

قال: “يا إلهي، إنه كسوف الشمس الجزئي. كنت قد نسيت ذلك “.

قال أحد رجال الشرطة مازحا: “كما قلت، يا روب، فأل”.

انضممت إلى أندرو ولانا واثنين من رجال الشرطة، وواصلنا الكشط والحفر حيث ترك الآخرون خندقًا كبيرًا ملحوظًا.

سرعان ما اختفى الهواء البارد مؤقتًا، وبدأت درجة الحرارة في الارتفاع الكبير. بعد نحو خمس دقائق فقط من الحفر و نحن نسبح في عرقنا، صادفنا ما بدا أنه سجادة دكناء مطوية وملطخة بالدماء، فتحناها لتتشكف لنا عن جثث ما يشبه طفلين.

ولوح أحد رجال الشرطة للآخرين في المأوى المنحدر، مشيرًا إليهم بالنزول، عندما وصل فجأة اثنان من الرجال الكوسوفيين، وأخرجوا آلات التصوير، وبدأوا في التقاط صور للأطفال الذكور الملطخين بالدماء والمشوهين لدرجة رهيبة الذين تبلغ أعمارهم نحو اثني عشر عامًا أو نحو ذلك.

ما هذا الذي يفعلونه؟ هذا هو مسرح الجريمة الخاص بي، إنهم يتجولون في كل مكان! “ صرخ جون في المترجمة الشابة إيرما.

تحدثت إيرما إلى الرجال، الذين تجاهلوا صخب جون. وتمتموا بردود لها و هم يواصلون  التقاط الصور.

بدت إيرما مرتجفة، ثم ترجمت سريعًا ما كانوا يقولونه:

لكيلا ينسوا مطلقا ما فعله الصرب بهم. و ليتمكنوا من إظهار الصور لأولادهم وأحفادهم “.

حسنا...! دعونا نخرج الجثث”، قال جون.

كانت جثث ما يشبه امرأة ورجلين ووجوههم مغطاة جزئيًا تحت الأطفال. طلبنا من إيرما إقناع الكوسوفيين أن الأمر انتهى ويجب عليهم المغادرة، وهو ما فعلوه، ويبدو أنهم مترددون، لكن راضون عما حققوه. نظر إلينا رجل، خمنت أنه في الخمسينيات من عمره، وربت صدره بيد واحدة كما لو كان يقول شكرًا لك.

عندما ذهبوا، طلب أندرو من أحد رجال الشرطة التقاط صور للضحايا في الموقع. لقد وجدت ذلك مثيرًا للسخرية، لكن صورنا التُقطت لأسباب مختلفة عن أسباب الكوسوفيين. عندما كشف شرطي خرق الملابس الممزقة التي تغطي وجوه الضحايا البالغين، شهقنا جميعًا بسبب مستوى التشويه الذي نالهم.

كانت أنوفهم وآذانهم مفقودة، وكانت هناك علامات على وجود ضربة عنيفة حول محاجر أعينهم الفارغة تقريبًا. تخلف في المحاجر دماء سوداء متجمدة فقط حيث كانت أعينهم ذا يوم. كان كل وجه مغطىً تقريبًا بقناع من الدم الجاف، أما ما نراه من أجسادهم، فكان متورما و مصابًا بكدمات شديدة. كان واضحًا أنهم تعرضوا للضرب وإطلاق النار عدة مرات.

شاهدت لك فيلم الكسوف- الجزء الثاني

شيء بقلبي: فيلم الكسوف- الجزء الثالث



     Wouldn't one day be enough to tell our story? OK...That would be the day of the eclipse, August 11, 1999. No war, no massacres. Just ordinary people attempting to witness this amazing incident as best they could. This man would get an x-ray sheet. Others would buy special glasses. Some would climb high hills to observe a rare event that may never happen again. In any European country, you can see the same scene. However, in a small village in Kosovo (Krusha i Madhi), a different scene unfolded.

By Robert Mcneil MBE, UK

John gathered the team together in the mortuary for the morning meeting. I had noticed him earlier in deep conversation with some civilians at the gates of the mortuary. “As you know, we’ve now dealt with almost all of the bodies stored in the reefer. Today we’re going to exhume a grave in a small village about five miles up the road. Apparently, there is a family of between five and seven people in the grave, who were allegedly executed by Serb paramilitaries a month or so ago. I’d like to introduce you to Irma, our interpreter for today.” A beautiful girl, her blonde hair in a tight bun, smiled slightly and nodded to us. She looked as if she were only in her late teens. John motioned to Kriss, Andrew, the anthro, and me to step outside. The group of civilians consisted of three local Kosovar men and a woman waiting on a tractor trailer to take us to the locus. Irma translated the details of the story they told her. She looked shocked as she listened intently to the horror story as told to her by the Kosovars. The family, she said, after being tortured, had been taken out of their home by Serbs, killed and buried. These people knew exactly where they had been buried. They wanted us to exhume the bodies, because they thought we would have the authority to then find and punish the perpetrators. John asked Irma to inform them that we couldn’t do that, but he would inform the people who might. The team then all piled into our small convoy of two Land Rovers plus an open truck and were led to the empty village of Krusha Madhe. Most of the blackened buildings had been all but destroyed. As usual, the roofs were blown off and the walls were pockmarked by hundreds of Kalashnikov bullets. We arrived at a rusty, flat, corrugated-iron-roofed workshop in a garden overgrown with weeds, with a couple of rusting cars inside the lean-to.

“OK, folks, suit up. It’s going to be another scorching day, especially in these f...ing paper suits, so make sure to drink plenty of water,” John said. One of the cops brought in two packs containing large bottles of cold drinking water and placed them on the bonnet of one of the old cars. Three other cops grabbed shovels and a pickaxe and made their way over to an area in the garden, cordoned it off with yellow and black police scene tape and then started digging with the shovels, while the rest of us watched from the welcome shade and shelter of the lean-to. After about fifteen minutes they returned, bathed in sweat. “F...ing boiling out there,” one of them said. “Next shift,” John said. “No more than fifteen minutes.” Suddenly, the sky darkened as the sun disappeared from the cloudless sky and it became strangely cold and quite dark. “Is this an omen?” I said to Andrew. “My goodness,” he said, “it’s the partial eclipse of the sun. I’d forgotten about it.” “Just as you said, Rob, an omen,” one of the cops joked. 

Kosovo, 1999


I joined Andrew, Lana and two of the cops and we continued scraping and digging where the others had left a significantly large trench. The temporarily cool air soon disappeared and the temperature began to rise dramatically. After about only five minutes of profuse sweating and shovelling, we came across what appeared to be a dark, soiled, blood-stained folded carpet, which we opened to reveal the bodies of what looked like two children. One of the cops waved to the others in the lean-to, motioning them to come over, when suddenly two of the Kosovar men arrived, produced cameras and started taking photographs of the bloodied and terribly mutilated male children aged around twelve or so. “What the f... are they doing? This is my f...ing crime scene they’re tramping all over!” John shouted at Irma, momentarily forgetting that he wasn’t at home working in a secure crime scene. Irma spoke to the men, who, ignoring John’s rant, muttered answers to her as they continued to snap away with their cameras. 


Irma, clearly shaken, translated at speed as the men spoke: “So they will never forget what the Serbs have done to them. So they can show the photos to their children and to their grandchildren.” “F... it!” John said. “Let’s get them up.” The bodies of what looked like a woman and two men with their faces partially covered lay underneath the children. We asked Irma to impress upon the Kosovars that it was all over and they should leave, which they did, seeming reluctant but satisfied with what they had achieved. One man, who I guessed was in his fifties, looked at us and patted his chest with one hand as if to say thank you. When they had gone, Andrew asked one of the cops to take photos of the victims in situ. I found this ironic, but our photos were being taken for different reasons than those of the Kosovars. When a cop uncovered the torn rags of clothing covering the faces of the adult victims, we all gasped at the level of mutilation carried out on them. Their noses and ears were missing, and there were signs of serious trauma around their almost empty eye sockets. All that was left in the eye sockets was blackened, congealed blood where their eyes had once been. Each face was almost covered in a mask of dried blood, and what we could see of their bodies was badly bruised and swollen. It was also clear they had been beaten and shot multiple times. 

When, at last, the cops had finished their CSI work at this scene of carnage, we loaded the five bodies carefully onto the truck driven by Timi. I joined Irma in the back of the Land Rover driven by Jack, the police sergeant from the Met who’d picked me up when I first arrived at Skopje Airport. We all stank of death, dirt and stale sweat. Irma looked at me for a moment, then she said quietly, “You have a terrible job.” Silence for a moment or two. “So do you,” I said, forcing a half-smile.

Sources: 

BOOK: Grave Faces: A Forensic Technician’s Story of Gathering Evidence of Genocide in Bosnia: Robert McNeil: 9781737171829: Amazon.com: Books 

Movie (The Eclipse, 2022)

Part 1 (Another True story on 11-8-1999)

https://shayunbiqalbi.blogspot.com/2023/03/1.html


رواية قناع بلون السماء تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية 2024

  رواية قناع بلون السماء تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية 2024 خندقجي (40 عامًا) من نابلس، واعتُقل في الثاني من نوفمبر 2004، وتعرض عقب...