English translation via icon far left of the blog
Movie (The Eclipse, 2022)
Part 1 (Another True story on 11-8-1999)
https://shayunbiqalbi.blogspot.com/2023/03/1.html
استعارات و رموز:
The Eclipse, 2022 |
صمت و نسيان:
يفضل كثير من الصرب الصمت على الحديث عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية في
كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو. بينما ينكرها بعضهم، و يبررها آخرون علنا دون حساب.
للصامتين، فإن هذا الصمت و ادعاء نسيان ما لا يُنسى يخفي شعورا ما بالرغبة في الحديث. لهذا،
استنطقت المخرجة أسرتها الصامتة. و جادوا بالقليل، عدا والدها الذي فضل الصمت
المطبق على ما يضمره. لا أحد يعلم ما الذي يدور في هذه القلوب و العقول نحو ما
اقترفته أيدي جيشهم وميليشياتها. ربما يبارك بعضهم أفعالهم من وراء حجاب الصمت. هذا
العمل نذير و إنذار لما قد يتكرر مثلما تكرر الكسوف، تكررت حوادث الزمان و نوائبه،
إن لم يتصارح الناس، و يتصالحون مع أفعالهم السابقة لإيقاف دائرة الصراع. أما
إرغام النفس على الصمت فهو دفن للذكريات و كبت للمشاعر التي قد تنفجر في أي بادرة
عنصرية جديدة. الصمت خيانة. إن بارك أحد سرا ما يفعله المعتدي،
فهم سواء في الجرم.
فريق عمل الفيلم |
في أقل
الأحوال، فإن أسر مثل تلك الأسرة لم تتأثر بفقد أحد رغم الأثر الاقتصادي للحرب
عامة. لكن من المؤكد أنهم تعاملوا و تأثروا بجيران و أسر أخرى فقدت أحبائهم أو
أصيبت في الحرب. ما الذي دفع الكثير من الشباب لمغادرة صربيا لدول أخرى في أوروبا مثلما فعلت المخرجة نفسها رغم عدم تأثرها بالحرب مباشرة.
فإن افترضنا
ان الجميع تأثر نفسيا بالحرب، فهذه الرحلة خطوة في علاج كرب ما بعد الصدمة . أما
التجاهل و ادعاء النسيان و العيش بحياة عادية فهو تعميق أكبر للصدمة مهما طال
الزمن. و هذه ليست دعوة للعيش في ظل
الحروب. لكنها دعوة لنفض التراب عن الذاكرة و مواجهة النفس بما تضمره و الاعتراف
بالمسؤولية. دعوة لأمة تختار الاختباء من ظلال الماضي ،
بدلا من التسوية الضرورية التي يمكن أن تجلب السلام وتشكل الأساس للمستقبل.
كيف لأسرة ممتدة ان تتجاهل حربا
باسم بلادها؟ كيف عاشت هذه الحرب، و كيف تنساها؟ الفيلم يسبر أغوار أسرة عاشت
الحرب منذ 3 عقود بلامبالاة و دفنت هذه الذكرى. الفيلم يجعلها تطفو على السطح. و
بمرونة عالية، سنكتشف ان ما خلناه نسيا منسيا، هو حاضر الآن. حاضر في رد الوالد
المتجاهل دون اكتراث. فهو لم يتغير و يمثل نسبة معقولة من اهل صربيا. حاضر في نبرة
الألم حين تتذكر السيدة جارتها الاوكرانية و زوجها الصربي و معاناتهم رغم مرور
ثلاثين عاما. حاضر في التصريح ببعض العنصرية في قسوة نظرة عين الجد التي مرت عليها
عقود و لم تنسها السيدة.
حين قرأت عن قصة الفيلم، كنت أتوقع شيئا من التبرير
و الغوص في نفوس مرتكبي الجرائم. لكنها مرت على الحدث كناية عن الوعي الجمعي و
الشخصي الصربي لمواطنين عاديين منهم من لديه بعض العنصرية و منهم من لا يهتم. و
بين هذا و ذاك، هناك من شارك بشيء من التعاطف والألم. لكنهم جميعا لم يتحملوا أي
مسؤولية. فالجرائم الفردية تسمى باسم من ارتكبها و ليس باسم الشعب كله. من كان
بيده أن يقول لا ضد صاحب السلطة؟ من كان بيده أن يوقف هذا الطوفان الشعبي من العنصرية
و العصبية و القتل؟ لقد أوردت المخرجة في
مشاهد نادرة بعضا من المظاهرات القليلة ضد فكرة الحرب و النظام الحاكم الذي تسبب
في خوض صربيا 4 حروب في عقد واحد. لكن كم تكون نسبتهم اليوم بعد 3 عقود؟ تزيد أم
تنقص أمام تنامي العنصرية و تجديد نفس أفكار ميلوسوفيتش السابقة؟
إنذار:
هذا الفيلم حجر صغير في بحر راكد من الصمت. أما من
يروج أفلاما عنصرية، فإن الحل الوحيد هو مواجهته بمثلها من الأفلام التي تقول
الحقيقة و تشجب العنصرية المقيتة التي لن تخلف إلا مزيدا من الدمار. نحن نريد مزيدا من الأعمال الفنية
التي تتحدث عن هذا الأمر. نريد مزيدا من العقلاء الصادقين الشجعان. نريد مزيدا من
المصارحة و المصالحة. ليس في البلقان فحسب، بل في كل مكان في هذا العالم الذي فيه
الصمت تواطؤ مثل اقتراف الجرم.
رحلة طويلة في فيلم طويل غاص في الأعماق ولسان حاله
يسأل: هل نسى حقا؟ هل
بارك صامتا الجرائم؟ الوحيدة التي صرحت بصدقها كانت عمتها التي لعنت مجرم الحرب
صراحة. هل من الممكن في نفس الوقت أن تحب شخصًا -
أو بلدًا - وتحمله المسؤولية عندما يخطئ؟ نعم، و غير ذلك محاباة أو نفاق.
أعجبني:
أعجبني للغاية أنها قالتها، لقد قالت (الحقيقة)
بسلاسة و شجاعة، ذكرت في مقاطع تاريخية في نهاية الفيلم عما حدث باختصار من جرائم
و محاكمات و اغتيالات. كان هناك شيء من البطء المقصود (ربما) في مجرى الفيلم حتى
تصل لما تريد. تذكرت محاولة بوريس تاديتش، عالم النفس و قائد الصرب (2004-2012) بعد
اغتيال سلفه. أعجبني في البدء، يبدو الفيلم بعيدا عن الحرب، ثم يغوص بك تدريجيا لتدخل في أعماق الحرب حتى المشهد الأخير دون مشهد عسكري واحد. الفيلم لا يكرر اتهاما مباشرا، إنما
يورد حقائق أثبتتها المحكمة الجنائية الدولية. أعجبني
تعليق عابر أثناء عرض الفيلم على مشهد مباركة الدين الحرب: لا توجد حروب
مقدسة إلا تلك التي تدافع فيها عن تراب وطنك أمام عدوك.
و تعليق آخر لإحدى المشاهدات بعد عرض الفيلم، أنها كانت تعتقد أن هذه الحرب انتهت
تماما، لكن يبدو أنها لم تنته حتى اليوم. هذا ما أردت نقله لمخرجة العمل. هذا
التعليق جس نبض حقيقي لوصول رسالة الفيلم لمشاهد عربي بعيد جدا عن أوروبا و غير
مهتم بالسياسة و التاريخ و الحروب.
شاهدت لك فيلم الكسوف- الجزء الثاني
No comments:
Post a Comment