Translate

Wednesday, June 01, 2022

رحلة ابن جبير الأندلسي

رحلة ابن جُبَيْرالأندلسي

المُسمّاة: "تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار".

وأيضاً: "اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك".

كتبت د/ إيمان الطحاوي

 لم يدون ابن جبير أخبار رحلاته الثلاث بل قصر تأليفه على رحلته الأولى. فما الذي نعرفه عنه وعنها؟

 


 النسخ والمخطوطات:

  •  ما زالت في مكتبة جامعة ليدن بهولندا نسخة مخطوطة من رحلات ابن جبير من 210 صفحة كُتبت في مكة سنة 1470 م، ويبدو أن هذه النسخة قد كُتبت على عجل؛ إذ سقطت منها كلمات في عدة مواضع، وحدث خلط بين بعض الحروف، وافتقر كثير من مواضع المخطوطة إلى التنسيق وعلامات الترقيم.
  • ثم طبع الكتاب للمرة الأولى كاملًا بالعربية في لندن سنة 1852م بعناية الإنجليزي وليم رايت W. Wright.
  • ثم قام دي خويه  M.J. de Goeje  بطباعة نسخة منقحة في ليدن سنة 1907م .
  • أقدم نسخة معروفة موجودة في مكتبة في الغرب، في جامعة ليدن في هولندا ، ومنذ ذلك الحين تُرجمت إلى اللغة الروسية والفارسية. والأوردو والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والكتالونية - اللغتان الأخيرتان في موطنه (الأندلس).
  •  جدير بالذكر أنه في القرون التالية، قام عدد لا يحصى من الناس بمحاكاة بل وحتى سرقة حقوقه الأدبية.
  • يقال: إنه لم يصنف كتاب (رحلته) وإنما قيَّد معاني ما تضمنته فتولى ترتيبها بعض الآخذين عنه.
  • النسخة الحالية تقع في 300 صفحة، و قرأتها في 2021..

The Travels (Rihla) of Ibn Jubayr (875/1470, Mecca). Leiden University Library 


المؤلف:

 ابنُ جُبَير الأندلسى هو الأديبُ، والشاعرُ، والرحّالةُ الشهيرُ، محمد بن أحمدَ بن جبير بن سعيد بن جبير بن محمد بن عبد مناة، يُكنَّى بأبي الحسن، ويُلقَّب بابنِ جُبَير، والأندلسيّ، والبلنسيّ، والشاطبيّ.

وُلِد في مدينةِ بلنسية في العاشرِ من شهرِ ربيع الأوّل من عامِ خمسمئةٍ وأربعين للهجرة، الموافق 1145 م. حفظ القرآن الكريم و تعلم بدءا على يد والده. كرَّسَ حياتَه للترحالِ، ودراسةِ العلومِ اللغويّة، والحسابِ، والكتابةِ، والشِّعرِ، والأدبِ. استخدمه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد المؤمن ملك الموحدين في وظيفة كاتم السر فاستوطن غرناطة.

  الرحلات:

اشتُهِر بكتابِه (رحلة ابن جُبير) الذي لخَّصَ فيه الأحداثَ التي مرَّ فيها خلالَ رحلته إلى الحج. 

  الرحلة الأولى: كان ابن جبير يبلغ من العمر 38 عامًا عندما غادر غرناطة يوم الخميس 8 من شوال سنة 578 من الهجرة الموافق 15 فبراير1183م. و هي الرحلة التي استمرت سنتين، و هي ما سنتحدث عنها تفصيلا.


 الرحلةُ الثانية: بدأت الرحلةُ الثانيةُ لابن جُبَير في العامِ خمسمئةٍ وخمسةٍ وثمانين للهجرة الموافق 1189م، متوجّها فيها نحوَ بيتِ المقدسِ الذي فُتِح آنذاك على يدِ القائدِ المسلمِ صلاح الدين الأيوبيّ، واستمرّت رحلتُه نحوَ سنتين.


 الرحلةُ الثالثة: بدأت الرحلةُ الثالثةُ لابن جُبَير في العامِ ستمئةٍ وواحدٍ للهجرة و كان عمره 72 عاما، وانطلقَ فيها من مدينةِ سبتةَ، وتوجّه نحو بيتِ المقدس والإسكندريةِ، ومكةَ المكرّمةِ، وظلَّ يتنقَّلُ بينها حتى تُوفّيَ في مدينةِ الإسكندريّة في العامِ ستمئةٍ وأربعةَ عشرَ للهجرة الموافق 29 سبتمبر 1217م و هذه الرحلة لغسل الأحزان بعد وفاة زوجته.

 

غاية الرحلة:

بعيدا عن القصة المزعومة من الحج تكفيرا عن إجباره على شرب النبيذ و التي لم يذكرها هو في مؤلفاته.  فهذا سبب غير منطقي لأن الحج فريضة. كما أنه كرر الرحلة وفاءا لزوجته في آخر سنوات عمره. 

 أيا كان دافع ابن جبير، فإن ما وثقه في رحلته الطويلة يعد كتابا علميا يفيد منها أهل التأريخ و الآثار. يعتبر كذلك عملا أدبيا يحوي النص البديع والوصف المفصل للمساجد و القبور و غيرها. كما كان بها بعض من نقد و إبداء الرأي لما شاهده. 

ربما كان هناك حافز شخصي و هو العثور على أصول عائلته. لأنه ولد في بلنسية لكنه ينحدر من سلالة كنانة العربية، حيث كان جده الأكبر من أوائل الداخلين إلى الأندلس. 

لا يزال هناك سبب آخر ربما كان ذا طبيعة أدبية: فلقد كان مفتونًا بعالم الصحراء و سفر القوافل. يرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الصور القوية في الشعر العربي القديم الذي تعلمه عندما كان صبيًا.

 

ماذا نتعلم من قراءة هذه الرحلات؟

  •  نتوقف اليوم في زمننا الذي ننعم فيه بالأمان و الراحة أثناء رحلة الحج مقابل ما وصفه ابن جبير من خوف و انعدام الأمن أثناء رحلات الحج المرهقة و الطويلة عبر البحر والبر.  
  •  تصف الرحلة شيئا من العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فترة الحملات الصليبية على مستوى المدنيين و الحكام. كما أعرب عن تقديره للسفن الأوروبية التي تنقل الحجاج المسلمين إلى أماكنهم المقدسة دون تدخل. وأشاد طوال الوقت بالمجتمعات المسيحية المزدهرة في الأراضي الإسلامية والمجتمعات المسلمة المماثلة في الأراضي المسيحية. كذلك، و استعاذ من الفتنة و المذلة في الانصياع للغزاة الصليبيين في بعض الأماكن.
  • ولاحظ ابن جبير أن الفلاحين المسلمين في الأرض التابعة للمسيحيين كانوا في رخاء، بينما كان إخوانهم الفلاحون المسلمون عند الملاك من بني دينهم لا ينعمون بمثل ذاك الرفق والعدل.
  • تلقى ابن جبير تعليمه في ظل حكم الموحدين، حيث كان مالكيا مهتما بإصلاح الدين، ومع ذلك لم يكفر أصحاب البدع و كان واصفا أمينا و مؤرخا لما يراه دون تجن. وإن كان ينزعج مما يرى من ظلم أو ضلال.  
  • جاءت جميع كتاباته بغير صيغة المتكلم.
  • وبالرغم من حنينه الشديد إلى الوطن في الخارج ، لم يستطع ابن جبير البقاء في الأندلس بعد عودته. ربما كان ذلك لأن الأندلس في ذلك الوقت كان يواجه خسارة الكثير من أراضيه لصالح الجيوش الكاثوليكية، بدءًا من معركة لاس نافاس دي تولوسا (معركة العقاب)، في عام 1212م، أي خمس سنوات قبل وفاته.
  •  وربما على الأرجح ، رأى في يد السلطان صلاح الدين الأيوبي القوية الوعد بأن القدس ودمشق والقاهرة مرة أخرى ستكون شيئًا أفضل، مثلما شاهده و وثقه في  باليرمو الصقلية. و جاء فيها "امتلاك كل ما تتمناه من الجمال ، الحقيقي أو الظاهر ، وجميع وسائل العيش ، الناضجة "حيث يسود السلام لا الحرب.
  • من الملاحظ أن ابن جبير كان شديد الملاحظة و حسن التوصيف، فترك لنا وصفا مميزا رغم أن رحلته كانت بقصد الحج بالأساس.
  •  أتخيل لو أن هذه الكتب حرقت مثل كثير من الكتب العربية في الأندلس، لما وصلنا من أخبار هذه الرحلات شيئ. 

 وصف الرحلة:



  خرج ابن جبير من بلده غرناطة يوم الخميس 8  شوال  578هـ بصحبة صديقه: أحمد بن حسان، قاصداً أداء فريضة الحج، عن طريق البحر من سبته، وسارت السفينة في البحر تتقاذفها الأمواج ومرت بمساحة شاطئ الأندلس حتى ثغر دانية ثم جزر ميورقة ومنورقة وسردانية ثم جزيرة صقلية ثم إلى جزيرة اقريطش (كريت) ثم وصلت الإسكندرية في يوم 29 ذى القعدة الموافق  26 مارس أي انها اسغرقت في سفرها من جزية الطريف إلى الإسكندرية ثلاثين يوما. ثم إلى القاهرة و مصر (الفسطاط) فتجول بهما، ثم قصد مدينة قوص في صعيد مصر، وعبر الصحراء الشرقية ثم إلى ميناء عيذاب على البحر، حيث استقل سفينة أوصلته إلى جدة، ووصف ما لاقاه من أهوال البحر الأحمر الذي كاد يعصف بسفينته.



ودخل جدة في أيام أميرها: مكثر بن عيسى، فأقام بها أسبوعاً كاملاً، من ربيع الآخر 579هـ ونحى باللائمة على طريقة ابن عيسى في استيفاء المكوس رغم تحذيرات صلاح الدين الأيوبي وتعويضاته. 



ومن جدة ركب قافلة حملته إلى مكة، فوصلها يوم 13 ربيع الآخر 579 هـ. ووصف كل معالمها وشعائرها وجبالها وأطعمة أهلها، وصب جام غضبه على من جعل حرم المسجد سوقاً للبيع. وأدهشه ما رآه من عادات قبائل االسرو اليمنية. و لم يغفل ذكر رقة قلوبهم أثناء الدعاء رغم وصفه و تعجبه من ابتداعهم و قلة معرفتهم بكيفية الصلاة الصحيحة. وحظي بالدخول إلى الكعبة، ولم يكن ذلك ممنوعاً على الناس، ووصف مراسم الدخول إليها، وتفاصيل مشاهداته فيها. وأقام بمكة ثمانية أشهر، مكنته من كتابة أطول فصول رحلته. 

ثم قصد المدينة المنورة، ودخلها يوم 30 محرم 580هـ وأقام فيا أقل من أسبوع، ما جعله يوجز في وصف معالم المدينة وحرمها، مستعيناً بما كتبه القدماء. 



واختار العودة إلى الأندلس من جهة الشام ماراً بنجد، فالكوفة فالحلة فبغداد حيث لبث فيها مدة وجد فيها الفرصة للكتابة عنها، وكان قاسياً في وصف أهلها، ثم قصد بلاد الشام ماراً بتكريت فالموصل، فنصيبين فدنيصر فرأس العين فحران فمنبج فبزاغة فالباب فحلب واصفلاً ما جاورها من بلاد الإسماعيلية، ومن حلب إلى قنسرين، فخان التركمان فالمعرة، فحماة فحمص فدمشق، ووصلها يوم 24 ربيع الأول أثناء محاصرة صلاح الدين لحصن الكرك، وأقام في دمشق حتى 5 جمادى الآخرة 580 هـ وكتب نبذة مطولة عن جامعها وقلعتها وعاداتها وأخبار صلاح الدين فيها. 

وترك دمشق إلى عكا وهي في يد الصليبيين، لركوب البحر مع تجار النصارى، إلى صقلية. ووصف إمارات الصليبيين في الساحل الشامي، وأسرى المسلمين في أيديهم، وما لقيه من الأهوال في البحر حتى وصوله جزيرة صقلية أيام صاحبها غليام. 

و أخيرا، وصل بيته في غرناطة يوم الخميس 22 محرم 581 هـ الموافق أبريل 1185 م. هناك، شرع في تدوين كتابه ، حيث ازداد علما و معرفة و صار حاجا و أتم كتابته في 1186 م. 

رحم الله ابن جبير الأندلسي و جزاه عنا كل خير.

 

المراجع:

 

https://archive.org/details/travelsibnjubay00goejgoog/page/n203/mode/2up
Ibn Jubayr, Muḥammad ibn Aḥmad, 1145-1217; Goeje, M. J. de (Michael Jan), 1836-1909
Ibn Jubayr, The Travels of Ibn Jubayr (c. 1185)
https://www.worldcat.org/title/travel-writer-ibn-jubayr/oclc/988183646&referer=brief_results1
HISTORICAL ATLAS OF THE ISLAMIC WORLD
https://ibnjubayr.lib.virginia.edu/
https://artsone-open.arts.ubc.ca/ibn-jubayr-and-ibn-battutah-travels/
https://archive.aramcoworld.com/issue/201501/travelers.of.al-andalus.part.1.the.travel.writer.ibn.jubayr.htm
https://www.aldiwan.net/cat-poet-ibn-jubair-shaatibi 
https://www.hindawi.org/books/26180405/13/


(Ibn Jubayr (September 1145 –29 November 1217; Arabic: ابن جبير , was an Arab geographer, traveller and poet from al-Andalus.

His travel chronicle describes the pilgrimage he made to Mecca from 1183 to 1185, in the years preceding the Third Crusade. His chronicle describes Saladin’s domains in Egypt and the Levant which he passed through on his way to Mecca.

Further, on his return journey he passed through Christian Sicily, which had only been recaptured from the Muslims a century before, and he makes several observations on the hybrid polyglot culture which flourished there.


No comments:

To shoot an Elephant!