Friday, February 17, 2023

Story of Nedžad Avdić #Srebrenica قصة نجاد أفديتش #سربرينتسا

Nedžad Avdić

 

الترجمة إلى العربية: د/ إيمان الطحاوي. طبيبة و كاتبة 

قصة نجاد:

"وقف رجل خمنت أنه في منتصف الثلاثينيات من عمره يرتدي بدلة أنيقة. و على مظهره الوسيم، بدت عيناه غائرة قليلاً وحائرة. قدّمه رشاد لنا باسم نجاد أفديتش.

في مواجهتنا وخلفه، تراصَّ أكثر من ستة آلاف قبر. بلغة إنجليزية بسيطة إلى حد ما، أخبرنا نجاد بهدوء عن قصته المذهلة.

في أوائل ربيع عام ١٩٩٢، أحرق الجنود الصرب منزلنا ودمروه. هربت عائلتي - أبي وأمي وثلاث أخوات أصغر مني - من الأسر والقتل. بعد شهور من الاختباء في الغابة، لجأنا الى سربرنيتسا في مارس/آذار ١٩٩٣.

عشنا في ظروف صعبة: في مرآب ومدرسة وأحيانًا في مدخل المنازل بجانب النار مع لاجئين آخرين. عانينا الجوع الشديد، وطالما ذهبنا بحثا عن طعام في جميع أنحاء سربرنيتسا في القرى المحترقة والمدمرة.

في غضون ذلك، وصلت قوات الأمم المتحدة ورأينا فيهم رجال إنقاذ. كنا نلعب كرة القدم مع الجنود الهولنديين كل يوم تقريبا. وفي كثير من الأحيان، شاهدنا الجنود يأكلون بينما نحن الأولاد نتضور جوعا. على أي حال، عددناهم أصدقاء. لكن في تموز/يوليو 1995، تغير كل ذلك. وعندما بدأ هجوم ملاديتش، نسيَنا الهولنديون وتركوا نقاط التفتيش وفروا. لم يكن لدينا خيار سوى متابعتهم وانتظار المساعدة، لكنها لم تأت مطلقا.

 

Nedžad Avdić

كنا خائفين من الذهاب إلى بوتوكاري - قاعدة جنود الأمم المتحدة الهولندية. كنا نخشى على حياتنا. بعد أيام من الاختباء والبحث في الغابة والتلال حول سربرنيتسا، توجهت أنا ووالدي وعمي في اتجاه توزلا على طريق طويل غير معروف وغير مؤكد عبر الغابات وحقول الألغام.

هربنا، ثم تعرضنا لقصف مستمر من المدفعية الصربية عبر التلال. في طريق الموت هذا، وهو طابور لا نهاية له من الرجال والفتيان، قُتل العديد منا وكان الجرحى يصرخون طلباً للمساعدة، دون جدوى. أثناء تلك الفوضى، فقدت والدي وركضت وسط الحشد، أبكي وأنادي عليه.

بعد ذلك، لم نتمكن من الاستمرار في المضي قدمًا لأننا كنا في الجزء الخلفي من الطابور الذي تفرق. ضللنا طريقنا وسط الغابة؛ لم نكن نعرف إلى أين نذهب. نادى الجنود الصرب بمكبرات الصوت (الميجافون)، اخرجوا وإلا ستقتلون. سوف تحصلون على العلاج وفقا لاتفاقية جنيف”.

https://www.robertmcneil.co.uk 

 خرجنا على الطريق في 13 يوليو/تموز، حفاة الأقدام، جوعى، عطشى، مرهقين، خائفين ونحمل جرحانا. فعل الجنود الصرب كل ما يمكنهم فعله؛ ليجبرونا جميعا على الاستسلامحملوا حوالي 2000 رجل وصبي في شاحنات، واقتادوهم إلى حتفهم. بعد أن قادونا في الشاحنات المغطاة في اتجاهات مختلفة، نقلونا إلى حقل حيث أطلقوا النار علينا جميعا.

https://www.robertmcneil.co.uk


عذبونا وكنا نموت من أجل قطرة ماء. قبل الإعدام، أجبرونا على خلع ملابسنا. غلل أحد الجنود أيدينا خلف ظهورنا. في تلك اللحظة، أدركت حينها، أنا الصبي الذي أبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، أن هذه هي النهاية. كنت أحاول الاختباء داخل الشاحنة خلف الرجال، وأتمنى أن أعيش بضع ثوان أخرى. فعل الآخرون نفس الشيء. أخيرًا، كان عليّ أن أقفز. أمرونا أن نجد مكانًا ونصطف خمسا خمسا في كل صف.

 اعتقدت أنني سأموت سريعا، دون معاناة. بينما كنت أفكر في أن أمي لن تعرف أبدًا أين انتهى مصيري، بدأوا في إطلاق النار علينا من الخلف. لا أعرف ما إذا كنت قد فقدت وعيي، لكنني استلقيت على بطني وأنا أنزف وأرتجف. أُصبت برصاصة في بطني وذراعي اليمنى. استمر إطلاق النار، وشاهدت صفوف الناس تسقط.

كنت أسمع وأشعر بالرصاص يُطلق من حولي. بعدها بوقت قصير، أصبت بجروح بالغة في قدمي اليسرى. كان الرجال يموتون حولي؛ و بإمكاني سماع حشرجة موتهم.

كنت أموت أيضًا، في ألم رهيب، وعدمت القدرة على أن أنادي الجنود ليقتلوني فأرتاح من هذا الألم. حدثت نفسي: يا إلهي، لماذا لا أموت؟ فالألم لا يطاق.

انتصف الليل، وابتعدت الشاحنة. وأنا أحاول أن أرفع رأسي، لحظت رجلاً يتحرك. سألته، هل أنت حي؟

فأجاب: “نعم، تعال وفك قيدي”. نجحنا في فك قيود بعضنا بعضا، وفي تجنب الشاحنة التالية التي وصلت.

 بعد أيام من المعاناة، والتجول في الغابة، والاختباء في الجداول، والنوم في المقابر، والزحف مع ألمي الرهيب، تمكنا من الوصول إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة البوسنية. لم ينج والدي وعمي وأقاربي الذين لجئوا إلى القاعدة الهولندية في بوتوكاري. الرجل الذي أنقذني يعيش بعيدًا عن البوسنة اليوم. بينما عدت إلى سربرنيتسا في عام 2007 “.

عندما أنهى نجاد حديثه، تفحصت الوجوه المتوترة لمجموعتنا. كانت بعضهم يذرف الدموع، والبعض الآخر، بما في ذلك أربعة محققون في مسرح الجريمة، تأثر بوضوح بما سمع للتو، ووقف صامتا شاحب الوجه.

رفعت عيني ونظرت إلى أكثر من 6000 شاهد قبر أبيض تتراص فوق المقبرة وفي الأفق. كان جدار الجرانيت المنحدر بلطف أمامهم مباشرة بأسماء وسنة ميلاد 8372 قتيلا وممن ما زالوا في عداد المفقودين منحوتا بشكل جميل حسب الترتيب الأبجدي. عندما تأملت كل واحدة للحظة واحدة فقط، تخيلت أنها تتحول إلى أرقام المقابر الجماعية التي عملت عليها مع بادئات الحروف مثل؛ CSK و NK و BRN و KM وغيرها. طرفت بعيني، وسرعان ما عادوا إلى أسماء الأبرياء الذين سُرِقت منهم حياتهم بقسوة.

رواية نجاد عن تجربته، المروعة كما كانت، لم تكن في حد ذاتها مفاجأة لي. فلقد جمعنا الكثير من القصص المماثلة من تلك القبور. كان الجزء الصادم من قصة نجاد، بالنسبة لي، هو أنه نجا سليمًا، ببدنه على الأقل، وهو رعب يفوق مخيلة  معظم الناس.

أن تكون قادرًا الآن على الحديث عن ذلك الأمر، وإن كان يتعثر في بعض الأحيان بشكل مفهوم حين يصل إلى أحلك أجزاء روايته، فهذه شجاعة غير عادية. كنت آمل أنه إذا كان هناك أي شك في الهمجية ضد هؤلاء الرجال في تموز/يوليو 1995، أو عندما تحدث منكرو الإبادة الجماعية للمسلمين في سربرنيتسا، فإن تجربة نجاد يجب أن تُخرس المشكّكين، المنكرين، وتتركهم خزايا.

أخبرني نجاد لاحقًا أنه ظل صامتًا على مدار العشرين سنة الماضية، من أجل حماية عائلته. لكن الآن بعد أن كبرت بناته، شعر بحاجته إلى سرد قصته."

للمزيد...  الكتاب على أمازون 

Grave Faces: A Forensic Technician’s Story of Gathering Evidence of Genocide in Bosnia: Robert McNeil: 9781737171829: Amazon.com: Books 

Robert McNeil MBE, FAAPT is a Glasgow based painter who, following his retiring from a long career as an Anatomical Pathology Technologist (APT), now focuses on his roles as an ambassador for Remembering Srebrenica UK and an Affiliate Artist for UNESCO’s Refugees Integration through Language and the Arts.

الترجمة إلى العربية: د/ إيمان الطحاوي. طبيبة و كاتبة 


2 comments:

Connie said...

Having worked in Bosnia in 1996 for ICTY and PHR (Physicians for Human Rights), I was overwhelmed by the tragedy, the lives lost, the cruelty and endless suffering of the thousands of innocent victims. It was a life-changing event for me and even after all of these years, I have clear memories of what I witnessed there and the anguish of the people and their families. So much sadness, so much hatred, so much intolerance…

Sonnet said...

Welcome Connie, Great experience. You can write down about your experience in a blog. Keep memories alive by writing/blogging.

I think this unique experience should be transmitted from one to other generations.

اسمها فلسطين " المذكرات الممنوعة لرحالة إنجليزية في الأرض المقدسة" للرحالة آدا جودريتش فريير

اسمها فلسطين " المذكرات الممنوعة لرحالة إنجليزية في الأرض المقدسة" اسمها فلسطين by A. Goodrich-Freer | Goodreads اسمها فلسطين &qu...