Translate

Saturday, June 27, 2020

إلى عرفات الله ١

كتبت د/إيمان الطحاوي.
إلى عرفات الله..يا خير زائر.
لم يكتب الله لنا حج هذا العام، و هذا أمر الله.. و هنا ألقى سلاما لكل حاج.. و ما أجمله من سلام و مديح لخير زائر إلى رب الأنام سائلا المغفرة و، آملا في القبول. و ما أبهاه من منظر نتطلع له كل عام إذ يجتمع المسلمون من مشارق الأرض و مغاربها شعثا غبرا و، سواسية.. لا فرق بين غني و فقير لا يرجون إلا رحمة ربهم..جميعهم يعترفون بذنوبهم، و يذرفون دموعهم خوفا و حسرة على ما فرطوا.. كلهم يدعون ربهم طمعا في قبول حجتهم، و عتق رقابهم من النار..آملين في العودة بلا ذنب إذ يغسل الحج الذنوب كما يغسل الماء درن الأبدان..هو منظر يباهي به الله بأهل الأرض أهل السماء. و ما الحج إلا عرفة، و عرفة هي الركن الرئيس للحج. وعرفة زمان و مكان. ذلك اليوم الفريد الذي يجتمع فيه المسلمون طالبين رحمة ربهم سواءا الحاج منهم أم غير الحاج. و عرفة ذلك الموقف و المكان المتفرد في تجميعه لحجاج المسلمين.. و ما رحمة الله بقاصرة على أحد إذ شملت كل شيء. عرفة هو يوم للمغفرة و يوم للتذكرة بيوم الحشر. و أعود لقصيدة (إلى عرفات الله)، تلك القصيدة التي تعدت ذكراها المائة عام ولا تزال تتردد في موسم الحج حتى يومنا هذا.. و هذه القصيدة الشهيرة التي قامت (أم كلثوم) باختيارها لتشدو ب 25 بيتا بعدما طلبت من الشاعر (أحمد رامي) أن يعدل لها بعض الكلمات. و لها قصة طريفة ذكرها (حسين شوقي) في كتابه (أبي شوقي)..حيث كتبها شوقي اعتذارا عن تخليه عن اللحاق بالخديوي (عباس حلمي الثاني) ؛ ليؤدي فريضة الحج. ومع هذا اشتهرت كأجمل قصيدة في العصر الحديث تصف موسم الحج و رحلته و مشاعر النفس البشرية حتى زيارة المدينة المنورة، و السلام على رسول الله (صلى الله عليه و سلم) و مخاطبته.. كذلك دمجت القصيدة الشعور الوطني بالدين رافعة قيمة حب الأوطان. و للحديث بقية.

Friday, June 12, 2020

بين خوف ورجاء..رب ارجعون

الحمدُ للهِ لا كربٌ ولا ألمُ
ربٌّ كريمٌ له الأنوارُ والظُّلَمُ

شطَّ المزارُ وزاد الشوقِ في كبدي

أين الحبيبُ فإن القلب مضطرمُ

هذي المدينةُ كالفردوس مشرقةٌ

حلمٌ أراهُ أمِ الأشباح ترتسمُ؟

هذي المدينة لا دارٌ تشابهُها

من لَم يزُرها فقد زلَّت به القدمُ*

أيام و أشهر، اختصرها بقولي  "اشتقت" لزيارة المدينة المنورة و الصلاة في المسجد النبوي..شددت الرحال و عانيت حتى وصلت.. أصابني الوجد حتى جاءت ليلة الجمعة..لم أنم ساعة واحدة بعد الفجر شوقا للصلاة في المسجد النبوي ..أعددت العدة و ذهبت في الساعة الحادية عشرة صباحا..في الطريق، رأيت أناسا عائدين من جهة المسجد النبوي، فظننتهم ذاهبين لمسجد آخر مبكرا..أخذ عقلي يعدد و يبتكر أسبابا كثيرة إلا أن يكونوا قد أغلقوا المسجد النبوي مبكرا لهذا الحد..رأيت رجلا و امرأة في اتجاههم للمسجد النبوي، فاطمأن قلبي قليلا..حين اقترتب، هالني ما سمعت و رأيت، أغلقوا الحرم..لا اعتقد أنهم أغلقوه مرة ثانية بسبب تزايد الحالات الكورونا..وارد أن يكون بسبب امتلاء الحرم بالمصلين!

اقتربت أكثر، تسابقني دقات قلبي المتسارعة و إذا برجل الأمن يقول (ارجعوا) في مكبر الصوت (ارجعوا..) بلكنة لا أعلم إن كانت عربية أم أعجمية..لكنها قوية آمرة بلا رحمة (ارجعوا..). هكذا نطقها لتستقر في نفس سمعتها..و سمعتها فأخافتني خوفا لم أشعر به من قبل، و كأنه يوم الحشر و هناك من يقول (ارجعوا). و كان المسجد النبوي جنتي، و ها هو يردني عنه (ارجعي)..و ما هو إلا بقدر الله..أم إنه لن يردنا عنها إلا ذنوبنا فلم يكتب لنا الله هذه المكرمة و هذا الطمع في الأجر بألف صلاة.. و تذكرت رجعة أخرى يوم يقترب منا الموت..لن نرجع مهما دعونا و حاولنا..اليوم نستطيع أن نعمل عملا صالحا و أن نكف عن آخر سيئا..اليوم نستطيع أن نصلي بالمساجد بعدما حرمنا منها لشهور..اليوم نستطيع كل فعل بفضل الله و غدا لا نستطيع إلا الندم و عض الأنامل على ما قصرنا في جنب الله...فهلا تداركنا هذا التقصير.

(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [ المؤمنون: 99- 100].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [ المنافقون: 9-11].
في طريق عودتي ساعدت عجوزا في السير رفقة زوجها رفض رجل الأمن دخولهما مثلي. كنا على بعد أمتار، نرى الحرم و لكن الله لم يشأ..و هنا دارت بي الأفكار في طريقي، أبكي و أنا أرى حمام الحرم حولي..ألم تبشروني بالزيارة؟ ألم تشهدوا فرحي و استبشاري بكم في طريقي؟ أم إنها ذنوبي التي منعتني أن أصلي هذه الجمعة في هذا المسجد المبارك؟
( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [الأنعام : 27].
أذكر الطيور التي كانت تستعذب أنهارا من دمع أبينا آدم  فيزداد بكاءا ظنا أنها تسخر من ذنبه..و بذنب واحد نزل آدم إلى الأرض من الجنة..فهل بذنوبنا الغفيرة تلك سندخلها؟ ..إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)  [الأعراف:  23].
ألا يشبه هذا يوم القيامة؟ يوم لا يقبل منا عدل و لا شفاعة؟ و كأنني منعت اليوم عن الزيارة كمثال لما سيكون يوم القيامة..يوم لا يقبل منا عدل و لا شفاعة. سرت على غير هدى. و الله لا أذكر إلا يوم الحشر و أنا أرى العشرات من الوافدين  في المدينة المنورة يقفون في العراء و درجة الحرارة تصل إلى 45 درجة..منتظرين أمام باب المساجد ما منعهم إلا هذا الوباء أن يصلوا بمسجد رسول الله....تائهة حيرانة، هل أذهب لأحد أزور شهداء صدقوا ما عهدوا الله عليه و أتذكر الموت و كفى به واعظا؟ أم أذهب لمسجد قباء. غامرت و ما أجملها من مغامرة،  أشار السائق إلى أن قباء مزدحم الآن. قلت فلنحاول و لنصدق النية مع الله..و إذا بالزحام متوسط و عبرت الطريق تحاوطني الطيور و تطير حولي كما تفعل بطفل راح يلاعبها..رأيتها طيور المدينة تهلل لي فرحا..و دخلنا لمسجد قباء و صلينا الجمعة..وسبحانه و تعالى كتب لنا أجر عمرة..كان هذا مكتوب من قبل أن أنوي و من دون أن أدبر له..شكرت الله على نعمه، فكم من احتاج لعمرة تمحي الذنوب و لم يستطع.. و كم من سوء ظن بالله و نحن لا نعمل ماذا يخبيء لنا قدره..و كم من ذنب ننساه لكنه سبحانه لديه ملائكة يكتبون كل شيء..و كم من سبل للمغفرة و للعظة. فاستغفروا و اطمئنوا لرب غفور رحيم..
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) [الزمر 55-59].

و للحديث بقية..في رحلتي مع الفتوحات المدنية



* قصيدة ( أشواق إلى طيبة) أ. د. محمد رفعت زنجير

Saturday, May 16, 2020

#ASonnetADay




"A Sonnet A Day by Sir Patrick Stewart" playlist: https://www.youtube.com/watch?v=InIMP... "When I was a child in the 1940s, my mother would cut up slices of fruit for me (there wasn't much) and as she put it in front of me she would say, "An apple a day keeps the doctor away." How about, “A sonnet a day keeps the doctor away”? So...here we go: Sonnet 1." (via Twitter)




السونيتات:


كنت قد أبحرت في الفترة الأخيرة في مسرح عصر النهضة الإنجليزية.  سبق، و أن قرأت (سونيتات) شكسبير منذ 2008 و منها اخترت اسمي في عالم التدوين..و الآن نعيد قراءتها و تسجيلها عبر الانترنت. و قد ألهمنا فكرة قراءة قصيدة  واحدة يوميا و تسجيلها الممثل الانجليزي السيد/  باتريك ستيوارت عبر "تويتر"  . حيث بدأ نشرها مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أثناء الإغلاق التام منذ نحو شهرين. و الفنان يقرأ سونيتة واحدة يوميا و تأخذ أقل من دقيقتين في القراءة.

وسنختار النسخة المترجمة للدكتور محمد عناني -إصدار الهيئة العامة المصرية للكتاب و هي نسخة ورقية حديثة. 

و أدعو الأصدقاء و المدونين لتسجيل هذه الأعمال الخالدة بأصواتهم خاصة في فترة الحجر الصحي.  أتمنى أن تكون بادرة لشيء مفيد نستغل به الوقت أثناء هذه الجائحة. 

Wednesday, July 04, 2018

هل تذكرون أطباء سربرينتشيا؟

  إعداد وترجمة د/ إيمان الطحاوي


"على الرغم من أن الحرب قد انقضت، لكني لا زلت أحملها بداخلي و أعيش في تبعاتها".."نعم، لقد وضعت الحرب أوزارها، لكن الزمن لم يخفف الألم".."لقد تعلمت تدريجيا أن أتعايش مع هذا الألم على مر السنوات و أخيرا كان علي أن أخلق توازنا بين ألام الماضي التي لازلت أحملها، و الحاضر الذي أعيشه الآن".. " لقد خلقت نوعا من الفضاء السوريالي العجيب بين العالمين. فكلاهما لا يجتمع و لا ينفصل أيضا." 

" إن كان قدري أن أكون طبيبا أثناء الحرب، فقدري أيضا أن أكون شاهدا أتلو شهاداتي بعد هذه الجريمة".. "علينا ألا نصمت أبدا" " إننا حين نحكي قصصنا أثناء الحرب و المجازر، فإننا نوفي دينا لهؤلاء الذين قتلوا و لم يحييوا ليسردوا لنا قصتهم".." إننا بروايتنا و شهادتنا على الحرب و الانتهاكات و المجازر، نمنع مجازر مماثلة من الحدوث مستقبلا، سننقذ آخرين من أن يلقوا نفس المصير في المستقبل بطريقة ما" .." و بالنهاية، فإن مالا يتم كتابته و توثيقه يكون كأنه لم يحدث"
الدكتور إيلياز بيلاف - 2013  Dr Ilijaz Pilav


الطريق الطويل/طريق الموت:

في يوليه 1995، كان الخروج من بلدة سربرينتشيا صعبا..كان أطول طريق يمكنك ان تسير فيه لتنجو..طريق بدأه نحو 12-15 ألف رجل ذاقوا مرارة الحصار و الجوع في سربرينتشيا لنحو 3 سنوات..كانوا يبعدون عن أقرب مكان تحت سيطرة قوات البوسنة المسلمة بنحو 50 كيلومترا..و كان عليهم أن يسيروا على الأقدام منهكين في هذا الطريق سيرا على الأقدام و حاملين جرحاهم و العجائز و محملين بفزعهم تحت شمس يوليو الحارقة. كان الدكتوربيلاف واحدا ممن رحلوا..كان عليهم أن يصارعوا الموت وسط التلال و الغابات جراء طلقات المدافع و الغازات المهلوسة التي يطلقها الجنود الصرب بين الحين و الآخر..لقد استطاعوا الفرار من سربرينتشيا في الواحدة ظهرا يوم 11 يوليه 1995 حيث كانت القوات الصربية على بعد مئات الأمتار من المستشفى. و أصر د/ بيلاف رغم تعنت القوات الأممية على إخراج الجرحى معه و أن لا يتركهم وراءه في سربرينتشيا لاحتمال قتلهم على يد قوات الصرب.

 بعضهم وصل بعد أيام حيث وصل نحو 3500 رجل في 16 يوليه 1995 إلى توزلا..آخرون ضلوا الطرق و لم يصلوا إلا بعد أسابيع..و بعضهم استسلم للصرب أو قبض عليه و قتل في الطرق وسط الغابات..بعضهم مات في الطريق. وآخرون مفقودون حتى الآن. 


لا يزال يتذكر السير بين القصف، و الماء المسمم، و نيران القناصة و الألغام. يتذكر و يشهد على مجزرة، قام بها الصرب في كرافيتشا. حيث امتلأ الطريق أمامه و خلفه بالقتلى و المصابين  كانوا نحو 500-1000 مصاب و قتيل. حاول التأكد أن من لا يستطيع السير من المصابين يتم حمله و نقله.. "كان الأمر مرعبا لكن على الأقل استطعنا إنقاذ حياة بعض الجرحى." حين يتذكر الأمر يشعر بالفزع و تتغير ملامح وجهه كأنه حدث بالأمس القريب.

مسيرة السلام 2005:
أراد الدكتور بيلاف أن يحيي ذكرى الرفاق و الأقارب ممن ماتوا و ضحوا في هذه الرحلة فأنشأ مسيرة السلام في 2005..و التي كانت تعتبر في 1995 مسيرة الموت المحدق بالفارين من المجزرة إلى المجهول. حيث لم يكن معروفا لديهم أية جهة محددة يسيرون فيها،  و لا يعرفون هل لازالت تحت حكم القوات البوسنية أم سقطت مثلما سقطت سربرينتشيا بيد الصرب؟

لم ينسى الطبيب الطريق وسط حقول الألغام و لم ينسى أنات الجرحى يسمعها في الظلام و هو لا يستطيع أن يفعل لهم شيئا. 
و لم ينسى أخاه الذي كان يسأله عن معنى الحياة و الموت..لم يستطع أن يجيبه، فلم يعد هناك معنى لأي إجابة حينها..افترقا لعل أحدهم يحظي بفرصة النجاة..لكن أخاه ذهب إلى قاعدة بوتوكاري، و لم يوقفه أخوه  حينها..فلم يكن أحدهما يعلم أين طريق النجاة في هذا الموقف الحرج..و مات أخوه، و عاش هو..لا يزال السؤال يلح على ذهن الدكتور بيلاف كل يوم: هل فعل كل ما بوسعه حقا؟ هل كان هناك ثمة تصرف آخر يستطيع أن يفعله؟ كان شعورا صعبا حين فر إلى توزلا، شعور من لا يملك أملا لكنه يحاول و لا يستسلم..للحظات بكى هذا الطبيب الجراح القوي..و كشف لنا عن قلب محطم لسنوات. تغيرت نبرة صوته و كأنها تحمل ألام الألاف ممن قتلوا و كأنه يتحمل وحده مسؤلية و ذنب لا يد له فيه..و حين وصل لخط الأمان ، لم يعد يشعر بالخوف.. ربما صار شعورا باللاخوف و اللا أمان أيضا. فماذا سيحدث له أكثر مما شاهده من أهوال. لم يعد يستسلم للشعور بالفزع.. لكنه أيضا لم يشعر بالسعادة حين وصل و نجا بحياته مع آخرين..و أي سعادة تلك و هناك الألف قتلوا و فقدوا و منهم أخوه الأكبر..  يقول إنه لا يدعي البطولة المطلقة..لكنه كان صامدا حقا و بقوة لسنوات.. 

شارك في مسيرات السلام و واصل زياراته لمقبرة بوتوكاري حيث دفن ضحايا مجزرة سربرينتشيا..و هذا العام في 13 يوليه 2018، سيقلي كلمة في لندن في ذكرى المجزرة.

تعريف بالطبيب البطل:
ولد د/ بيلاف في 1965. بدأ دراسته الطبية في سراييفو و بعد تخرجه قدم له مشرفه عملا طبيا في سراييفو كجراح..لكنه قرر أن يعود لبلدته الجميلة حيث الحياة الهادئة في سربرينتشيا على الحدود الصربية البوسنية..ظن أنه لن يحتاج للعمل في سراييفو كجراح..لكن سرعان ما بدأت الحرب و احتاج مضطرا للعمل في سنوات الحرب كطبيب وجراح أثناء خدمته العسكرية. بعد الحرب، صار جراحا ماهرا و مميزا في عمله و لديه العديد من المنشورات العلمية في مجال جراحة الصدر.

بعد حصار لنحو عام، أعلنت سربرينتشيا مدينة آمنة تحت حماية قوات حفظ السلام الأممية مع بلدة زيبا ZEPA  في عام 1993.  لكنها كانت محاصرة في نفس الوقت. لم يكن قد أكمل د/ بيلاف عامين من التدريب بعد التخرج و عمره 28 عاما..يعمل بلا خبرة كبيرة و بلا معدات و لا أدوية تقريبا (خاصة المضادات الحيوية و مسكنات الألم و أدوية التخدير)..و بلا رفاق مدربين..كان د/ بيلاف بينهم طبيبا و عسكريا في ذات الوقت حيث كان يؤدي أثناء خدمته العسكرية. أخبره القائد ناصر أوريتش أن عمله الطبي مقدم على العسكري لان القائد العسكري إذا مات من المكن أن يحل محله من يليه، لكن الطبيب لا..في هذه الأوقات العصيبة كان يعالج الجرحى من مصابي الخطوط الأمية في الحرب و كان لا بد أن يتوجه ليكون طبيبا بالمستشفى الوحيد مع رفاقه الخمس. في لحظات حرجة، كان عليه أن يختار سريعا فإن شاء هرب و تنصل من المسؤلية و إن شاء بقى و تعرض للخطر مع رفاقه الخمس..خمس أطباء فقط عليهم أن يعالجوا جرحى و مرضى بكافة التخصصات في مدينة مغلقة على نحو 42 -50 ألفا معظمهم مهاجرين..تدريجيا، اعتاد الأطباء الضربات و واصلوا العمل تحت القصف لدرجة أن قذيفة داخل غرفة العلميات لم توقفه عن إتمام الجراحة التي كان يقوم بها فانتظر حتى انقشع التراب التي خلفته القذيفة ليكمل خياطة الشريان في جراحة لمصاب في الذراع و الوجه من أثر قصف سابق. . قام بعمل 3500 جراحة أثناء سنوات وجوده في سربرينتشيا.  


   
و كانت أول المساعدات الطبية من طبيب مقدام (د/ ندرت مويكانوفيتش) Dr Nedret Mujkanovic من توزلا. حيث قام بإحضار المعدات و الأدوات الجراحية اللازمة لأصدقائه الأطباء المحاصرين في سربرينتشيا. قام بتهريبها سيرا لمدة أسبوع متخطيا الألغام و مرمى نيران الجنود الصرب ليدخل سربرينتشيا في أغسطس 1992. و قضى نحو 8 أشهر في سربرينتشيا، قام فيها ب 1300 عملية جراحية. و تم منحه أعلى تكريم من الجيش البوسني لاحقا (الزنبقة الذهبية).


يقول الدكتور بيلاف: "لقد كان علي أن أقنع المصاب بأن يتحمل الألم لأطول وقت ممكن أثناء الجراحة مثل البتر مثلا أو جراحة في البطن..و أنا في قرارة نفسي أعلم أنني شخصيا لا أتحمل هذا الألم." كل هذا كان بسبب عدم وجود أدوية التخدير و التي لم تصل إلا بعد شهور من الحصار و بكميات قليلة. كان الأمر أشبه بعملية تعذيب يضطر لها الطبيب لينقذ المصاب و يقبل بها المصاب لينقذ حياته. كان المستشفى المحاصر بلا أدوية أو مستلزمات أقرب لمكان بدائي من القرون الوسطى أكثر من كونه مكان طبي في القرن العشرين. و تأخرت المواد المخدرة المستخدمة في تخدير المصابين أثناء العمليات الجراحية لكنها وصلت في قافلة لاحقة.

كان عدد المصابين يزداد مع القصف و انفجار الألغام يوما بعد يوم. و عليهم أن يتعاملوا- الأطباء الخمسة الذين بقوا من أصل 45 طبيبا كانوا في البلدة قبل الحرب- مع كل هذه الأعداد و الجراحات بخبرتهم البسيطة و بلا إمكانيات تقريبا! كان المصابين متراصين في الطرقات و الأطباء يعملون دون توقف لأيام بلا راحة. التحق بهم طبيب و تخرج آخر وقتل ثالث -  Dr Nijaz Dzanic- أثناء قصف جوي في صيف 1992..كان عليهم أن يخدموا- الخمسة- نحو  50 ألف مدنيا ممن يعيشون في سربرينتشا محاصرين من 1992 حتى 1995. عليك أن تعمل لأيام متواصلة لا تعرف فيم ليل و لا نهار و ربما تنام لساعات قصيرة لتواصل العمل.

لقد اندهش أطباء بلا حدود من العمل وسط نقص المستلزمات و المعدات في بداية الحرب..و فعلوا ما بوسعهم لإدخال الإمدادات الطبية (و التي تفنن الصرب في عرقلة دخولها حتى مع القوات الأممية عدة مرات). كان هذا بعد شهور من عزل سربرينتشيا..و كانت مساعدتهم محل تقدير كبير. 

المجزرة:
و أخيرا، جاء اليوم الحاسم.. حين بدأ الصرب في دخول سربرينتشيا...الآن، عليك أن تنقل المصابين من المستشفى قبل أن تصل قوات الصرب و التي لم تتوان عن اقتحام  المستشفيات و قتل الجرحى. عمل د/ بيلاف رفقة زملائه الأطباء بالمستشفى متواصلا لا ينام إلا ثلاث ساعات يوميا لمدة 5 أيام من 6 يوليه حتى 11 يوليه..كان القصف كل ساعة تقريبا على منتصف البلدة و مناوشات على أطراف البلدة. رفض أن يعتبر هذه هي النهاية، حاول إرسال رسالة باتصال إذاعي للقوات البوسنية (ليخبرهم بوصول قوات الصرب للبلدة) عن طريق مكتب البريد، فجاءه الرد أن القائد الآن يستريح. ربما كانت القوات الصربية تتحكم في الإشارات حينها. لا شيء لم يفعله الصرب..و رأى أنه لا أمان أو تعويل على القوات الأممية. توجه لقائد من كتيبة القوات الهولندية المسؤولة عن حماية المدنيين في سربرينتشيا طالبا حماية المستشفى و فتح البوابة و إزالة السلك الشائك ليخرج المصابين. رفض القائد طلبه بحجة أنهم غير مهيئين للتعامل مع الجرحى..ثم أجابه القائد أنه لا علاقة له بالصراع بين المسلمين و الصرب..لم يكن هناك وقت ليناقشه فهدده بفتح البوابة بالقوة..و أخيرا، سمح له القائد الأممي بإخراج الجرحى من المستشفى قبيل وصول قوات الصرب..هذا التصرف و الرد الأممي يلخص رد كل مسؤولي الأمم المتحدة حينها.. و حين صرخ أحدهم الصرب دخلوا البلدة، كان على الأطباء الخمس أن يختاروا من يستطيع من المصابين السير و من يجب حمله مع بضعة أدوية و محاليل بسيطة ليبدأ رحلة الخروج من سربرينتشيا. رحلة الطريق الطويل.



أحد جنود هولندا من القوات الأممية قال مدافعا عن نفسه حين أدين بالتورط و التواطوء مع قوات الصرب قبيل مجزرة سربرينتشيا. قال إنه من الصعب تحديد من هم الرجال الطيبون و من هم الأشرار..و بناء على تبريره، فهو لم يكن مخطئا حين تراخى أو تواطأ مع قوات صربيا حين تسلمت بلدة سربرينتشيا التي كانت تحت حماية الأمم المتحدة و ارتكبت المجزرة.. 


**في كتابها (مشفى حرب: قصة حقيقية للجراحة و البقاء) المنشور في 2003..تعرض لنا الطبيبة و الصحفية الأمريكية (شيري فينك) الفائزة بجائزة بوليتزر تجربة أطباء خمس احتجزوا مع نحو 50 ألفا من رجال و نساء و أطفال في أبريل 1992 في سربرينتسيا حتى 1995. و كان عليهم أن يكونوا الملجأ الطبي الوحيد للجرحى دون وجود جراح واحد بينهم في مستشفى صغير معد فقط لخدمة بلدة صغيرة يسكنها أقل من عشرة ألاف فإذا بها فجأة ملجأ لنحو خمسين ألفا و لسنوات.. و بمساعدة من ثلاثة أطباء آخرين أحدهم من أطباء بلا حدود..و الآخر جراح من البوسنة كان عليه أن يعبر الطرق  و حقول الألغام ليصل لهم..استطاعت هذه المجموعة الصغيرة أن تعبر أزمة استمرت لأربع أعوام و نصف..كانت على أشدها حين احتل الصرب سربرينتشيا في يوليه 1995. و كانت أصعب الأوقات المصيرية حين يقرر الطبيب أن هناك أمل من أن  يعالج هذا الجريح و أن عليه أن يترك ذاك الجريح ليموت. 

كان الأمل في ألا يحدث هجوم بسبب وجود القوات الأممية و أحد أطباء منظمة أطباء بلا حدود..كان أملا خادعا لم يصدقه حتى من تعلقوا به..فلا الأمم المتحدة حمتهم و لا الصرب خافوا من سوء صورتهم أمام العالم منذ بدءوا الحرب. اعملوا آلة القتل و كانت مجزرة سربرينتشيا. 

Sunday, February 04, 2018

طارق رمضان.. التدوينة قبل الأخيرة

الواقع أن هذه قد تكون التدوينة قبل الأخيرة التي ساكتبها في سلسلة عن طارق رمضان. فعلى مدى سنوات ربما عقد من الزمان، عرفت عنه و تابعت الكثير من لقاءاته و محاضراته و ما يكتب و أنشطته على موقعه و قرأت بعضا من كتبه.


الرجل الآن صار في موقف لا يحسد عليه و هو قانونيا في موضع "اتهام". و مبلغ علمنا أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

(1) فإن كان بريئا فالحمد لله. كما قالت السيدة عائشة حين ظهرت براءتها من ذاك الاتهام، و لم تحمد إلا الله.
    و بعدها، يجب أن تكون هناك وقفة مع المهللين فرحا باتهام الرجل قبل أن تثبت تهمته أو براءته. و وقفة قانونية ضد (كل) من اتهموه ظلما. و في النهاية، نحتاج لوقفة مع الرجل نفسه، فكان عليه أن  يكون أكثر  حذرا و يبتعد حتى عن الشبهات -إن صدقت بعض الادعاءات-. لقد وضع اتهامه الأخير فرصة للإعلاميين العابثين بأن يطعنوا فيه و يضعوا دينه في موضع اتهام أمام كل هؤلاء المتربصين للأسف. و "غلطة العالم بألف".

(2) و إن لم يكن بريئا- لا قدر الله- ، و ثبت الاتهام بالاغتصاب، و هذا كبيرة لأنه زنا.  أن يكون رجل دين أو مفكر ينشر العلم و لا يعمل به، بل  يقترف المنكرات و الكبائر مرة بعد مرة. حينها، سيبدو أن هناك خلل ما و مشاكل كثيرة. المشكلة الكبرى هي أنه حينها سيواجه ذنوبا مع الله و مع أسرته و مع المجتمع.  ذنب الخداع لمن يتابعونه و يتعلمون منه. فكبر مقتا أن يفعل المسلم نقيض ما يقوله و يعلمه للناس على مدى سنوات. و مشكلة كبرى أنه قد يكون بهذه الهشاشة فيقع في الخطايا و لا يلتفت لعقله و لا يردعه ضميره و لا ينهاه عقله. و هو في نفس الوقت مفكر و متحدث لبق و محاور عنيد!  و حينها ستكون المشكلة فينا نحن أيضا (كيف صدقناه؟). و لهذا حديث آخر.  

Wednesday, July 05, 2017

عزيزي جوجل ..أنت لا تعرف كيف كانت سوريا قبل الحرب.


يجيبكم السيد (جوجل) قائلا: كانت موطنًا كأي بلد آخر..هل حقا كانت كذلك؟


فاجأني موقع البحث الشهير (جوجل) بمشاركته مع مبادرة  المفوضية العليا للاجئين..لم يفاجئني تعاونهما و لا  ما يدعوان إليه من تبصير لحال اللاجئين السوريين بعد الثورة السورية في 2011. فهذه فكرة تعاون و تعريف ممتازة بدأت منذ سنوات..جوجل و ويكيبديا و و تويتر و فيسبوك و غيرهم من المواقع والمحركات تنبهك لمعلومة و أزمة اللاجئين بطريقة مميزة.

فلندخل معا هذه القوقعة لنعرف كيف كان حال شعب سوريا قبل الثورة..

لكن ما لم يعجبني و فاجئني حقا هو استخدام (جوجل) و (المفوضية العليا للاجئين) لبعض الحقائق الزائفة لحال السوريين أو حال (سوريا) قبل (الثورة)..هي حاليا أزمة..لكن أذكر قرائي أنها بدأت ثورة و رغم ما حدث من أزمات لكنها بإذن الله ستنجح يوم تحقق أهدافها كثورة.

 حيث يقول جوجل: بدأ الاحتجاج السلمي في العام 2011 وسرعان ما تصاعدت الأحداث إلى صراع دموي.

تعالوا  معي و انظروا كيف كانت سوريا كما جاء؟!

يقول السيد جوجل:


وفي العام 2010، كانت أهمّ عمليات البحث في سوريا عن Arab Idol
 Bodybuilding
 Summer Fashion
وكانت مقاطع الفيديو عن نادي برشلونة الأكثر رواجًا على  YOUTUBE

و سأسلم فرضا أن معدلات البحث الإلكترونية هي مؤشر ل (الحياة) و (السلام) الذين يعيشهما الشعوب. فهل هذا يسعدك أن يكون حال السوريين؟ هذا دليل على فراغ أو هروب و خوف من البحث عن شيء أكثر إفادة وسط قمع إعلامي و سياسي لسنوات..رغم محاولات التحايل و الوصول للمحجوب و الممنوع بتقنيات إلكترونية مختلفة..أبرزها منع  فيسبوك مثلا.

و أما البحث عن موضة ملابس الصيف..و عن اكتمال بناء الجسد و كماله..فهذا من باب الخيال..انظر يا (جوجل) معي للأجساد الفقيرة النحيلة التي ترتدي الملابس البالية في مدن الجزيرة السورية و هي الحسكة و دير الزور و الرقة (تقارير اقتصادية قبل 2010).
(كانت الهجرة الأكثر درامية تلك التي حدثت بسبب القحط بين عامي 2006 و2009 .وبحسب مجلة البيئة والتنمية؛ فقد "أشارت تقديرات الحكومة السورية وبعثة تقييم  الاحتياجات الموفدة من الأمم  المتحدة إلى أن أكثرمن 800 ألف شخص من الذين تأثروا بالجفاف فقدوا معظم مصادر دخلهم وهم يعيشون في ضنك شديد.)( مجلة التمية العدد212)
.بل انظر إلى مستوى الفقر في سوريا في بلد لا تشهد حربا خارجية في 2010 لكنها تشهد قمعا و ظلما داخليا لا حدود لهما لعقود..انتهى به لحد الانفجار في وجه الطاغية ..لحد (الثورة)..حين نكل بأطفال درعا البسطاء. مثلما فعل أبوه الطاغية الأسد الأب في حماة..فهل يبحث المخنوق المكبل بالأغلال و الفقر و الظلم لعقود من الزمن عن كمال الأجسام و موضة الصيف؟ أم  تراه يبحث عن برامج المسابقات التافهة لمجرد تضييع الوقت؟

و غاب عن الموقع أن هذا النمط من البحث يمثل الفئة التي تصل إلى الانترنت في وسريا..أي إنها غير ممثلة لشعب سوريا..غير ممثلة لكل الشعب..غالبا هي فئة بعض المترفين و المنعمين الذين يبحثون عن الكمال و الجمال و الترفيه..و ربما بعضهم يبحث بسبب الفراغ السياسي و الفكري و حالهم لا يمثل هذا فعليا.. نصيحة: لا تصدق محركات البحث بصورة كاملة..بل صدق ما تراه بنفسك..بل تعال و انظر معي إلى الشعب الكادح..الشعب الصامت..كيف كان..و كيف كان يرجو و يأمل..نعم إنك أحسن وصفا بالأرقام و الصور حين عرضت ما خلفته الحرب أو الأزمة..لكنها لم تكن أهداف و لا أحلام هذا الشعب يوما ما لا في 2011 و لا قبله على مر عقود.

هل يصمتون لعقود ثم يخوضون حربا كهذه بإرادتهم؟ بالطبع، لا ..أجبروا عليها أم اضطروا لها...المهم، أن الحال كما وصف جوجل بالشراكة مع المفوضية العليا لأرقام مخيفة و أوحوال لا تسطاع معها العيش دون تعاون و دون تبرع..

يصف جوجل الشعب أنه كان (سعيدا) يعيش في (سلام).

في الماضي القريب، كان السلام يعمّ سوريا
قبل نشوب (الأزمة) عام 2011، كانت سوريا دولة نابضة ب (الحياة)..

هذا التعريف (السلام و الحياة) يحتاج منا لمجلدات..لقد كان الشعب يرزح تحت حكم المعتقلات و ما تدمر من اببعيد...و يشهد علينا رفات ألاف القتلى في مجازر على مر عقود من حكم الأسد و ابنه..فأي حياة تلك و كل بيت له أب أو ابن أو جار اعتقل أو قتل..هذه ليست (حياة). و للأمانة حياة السوريين الآن في هذه المجاز ليست (حياة)..و أدعو الله أن يفرجها عنهم عاجلا.
أما السلام فتعريفه لن يتفق عليه أحد..فلا سوريا كانت في سلام داخلي لأنها لم تكن تشعر بالحياة..حتى مع رحيل الأسد الأب، و وعود الأسد الابن (بشار) المخادعة..كانت كحلم ليلة صيف..انتهت بنفس ما كان عليه أبوه..و ما (إعلان دمشق) منا ببعيد. و ما اعتقالات و تضيقات النظام إلا نوع من اللا سلام الداخلي الذي استمر لعشر سنوات ثم بدأت (ألثورة) و بدأ بشار الأسد التنكيل و افتعال الأزمة باعتقال الأطفال و قتل المتظاهرين السلميين لشهور ثم المجازر و براميل البارود. 
 و لنلق نظرة على العقد الأول من حكم بشار الأسد لنعرف من منظمة هيومان رايتس واتش..كيف كان السوريون يعيشون بدون أي  (سلام) أو (حياة).

سوريا 2008
خرجت سوريا من عزلتها الدولية في عام 2008 ، ولكن سجلها في مجال حقوق الإنسان ما زال سيئا جدا. اعتقلت السلطات السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وفرضت رقابة على المواقع الإلكترونية، واعتقلت المدونين، وفرضت حظر السفر. ولا يزال قانون الطوارئ ، الذي تم فرضه في عام 1963 ساري المفعول، وتواصل الأجهزة الأمنية السورية المتعددة احتجاز الأشخاص دون أوامر اعتقال.

حالة حقوق الإنسان في سوريا خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد _ HRW





UNHCR


لهذا فقد انتهى العرض الجيد لأحوال اللاجئين بهذا السؤال: كيف يمكنني مساعدة اللاجئين السوريين؟
و هذه هي الإجابة: إليك 3 خطوات لإحداث فرق الآن  (انضم) (تبرع) (شارك)

https://donate.unhcr.org/int-en/searching-syria/

البحث عن سوريا  https://searchingforsyria.org/ar/what-was-syria-like-before-the-war

بعض المراجع و البيانات:

(الحسكة).. وجهة نظر كردية: من الفقر المدقع.... إلى زمن الإغاثة!




محافظة الحسكة... المحافظة الغنية المنسية، بجميع مدنها ظلمت في عهد نظام الأسد، الذي أفقرها إلى حد الجوع ، وأذلّ أهلها بجميع مكوناتهم وأعراقهم وطوائفهم، وعملت مخابراته على التفريق بينهم. وقد كان للمكون الكردي النصيب الأكبر من الاضطهاد والظلم من خلال تطبيق القوانين الاستثنائية بحقهم، ناهيك عدم الاعتراف بوجودهم كقومية ثانية في البلاد؛ من خلال تجريد حوالي 400 الف نسمة من الجنسية السورية، وحرمانهم من حق العمل والتمّلك، وأحيانا الدراسة والتعليم. 

عاشت (الحسكة) في عهد الأسدين الأب والابن، تحت سطوة الأجهزة الأمنية التي سرقتها، وقامت بالسطو على الأراضي الزراعية، وأمعنت في اغتصاب المنطقة من خلال سياسات زراعية واقتصادية ممنهجة بغرض إفقارها، و هي المحافظة التي كانت تسمى "سلة سورية الغذائية وخزان طاقتها" و كان يحلو للبعض أن يطلق عليها: "محافظة العطاء"، فأصبحت في عداد المدن المنكوبة على أثر الهجرات المتلاحقة لآهلها الذين هجروا مناطقهم، إلى جنوب درعا وريف دمشق وحلب بحثا عن لقمة العيش، ما عرف حينذاك ب "مخيمات البؤس او العشوائيات"، لذلك ثار أهلها عندما اندلعت شرارة الثورة ضد حكم بشار الأسد، وهبّوا لنصرة جميع المدن السورية، على الرغم أن أبناء الشعب الكردي هبوا بانتفاضتهم ضد ظلم النظام في عام 2004 ولكن أخمدت؛ فقامت المظاهرات السلمية في كل مدنها بشكل دائم، ولكنها ظلت محافظة آمنة من خلال سياسة النظام الممنهجة لتحييد بعض المناطق والمكوّنات، للعب على وتر حماية الأقليات، وكذلك كانت هناك توجه عند الجيش الحر لأنذاك بعدم دخول المحافظة و جعلها مناطق آمنة، وكذلك تشكلت قوات الحماية الكوردية لحماية المدن بعد انسحاب الاجهزة الامنية من أغلب المدن ما عدا مدينتي (القامشلي) و(الحسكة)، وأصبحت المنطقة إلى حد ما مناطق لاستقبال عشرات الآلاف من النازحين السوريين الفارين من الدمار والموت من مدن حمص وحماه وحلب وريف دمشق وديرالزور، حيث استقبل أهالي الجزيرة هذه الأعداد وعملوا على تأمين أوضاعهم، رغم ما يعانيه أهل المنطقة أصلا من عوز وفقر وأحوال معيشية قاسية


في تقرير لهيئة التخطيط الإقليمي يعتبر مؤشر الحرمان من فرص التنمية والتطور تركيباً لثلاثة مؤشرات تنموية أخذتها الحكومة من بيانات المكتب المركزي للإحصاء في عام 2009، لتعبر عن جوانب هامة من واقع مناطق وقرى محافظات سورية.

تعبر هذه البيانات التي سننشرها هنا عن واقع التنمية بأبعاد ثلاثة الفقر والبطالة والحرمان من التعليم، قبل الأزمة السورية. اختلفت المعطيات اليوم كثيراً، وتدهورت مناطق بأكملها لتخرج من كل إمكانيات التعليم والتشغيل، بينما الفقر فقد وسع خارطته إلى الحد الأقصى ليشمل بمستوياته جميع المناطق السورية، والغالبية العظمى من السوريين.
أهم ما تشير إليه البيانات أن المناطق السورية كافة تعاني من جانب من جوانب الحرمان، فحتى المناطق التي تصنفها الحكومة بمرتبة (أ) أي الأقل حرماناً والأعلى فرصاً، يرفعها جانب من جوانب التنمية، بينما تشهد جوانب أخرى انخفاضاً كبيراً. فإذا ما انخفضت البطالة، انخفض التعليم، والعكس بالعكس ما يشير إلى الخلل الذي يشمل المناطق كافة.. ويدل على فشل مشروع التنمية في سورية بأبعاده..

(الجزيرة السورية) في المرتبة الأولى ثم من..؟
لدى محافظتي الحسكة والرقة في الجزيرة السورية أعلى مؤشرات الحرمان وأكثر نسبة من المناطق المحرومة، أما دير الزور فتشهد معاملات فقر مرتفعة جداً كما في موحسن 0,86 مؤشر فجوة الفقر، ومؤشرات حرمان تعليم مرتفعة 0,56 في موحسن، 0,52 هجين، 0,49 في مركز منطقة البوكمال. لتكون الجزيرة السورية بمحافظاتها الثلاث هي المنطقة التي تتركز فيها أعلى معاملات الحرمان.. فمن يليها؟

• تعتبر محافظة حلب هي المحافظة الثالثة في نسب المناطق المحرومة من الإجمالي.
• 
تعتبر محافظة اللاذقية أكثر المحافظات التي تشهد ارتفاعاً في معامل الفقر بعد محافظات الجزيرة، على الرغم من نسب التعليم المرتفعة...

التقرير العالمي 2009_ سوريا _ Human Rights Watch


العقد الضائع


حالة حقوق الإنسان في سوريا خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد

حالة حقوق الإنسان في سوريا خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد _ HRW
ABC NEWS (2000-2011)

The rise of Syria's controversial president Bashar al-Assad


Upon his father's death in 2000, Assad -- who had risen to the rank of colonel in the Syrian army -- had already consolidated support in the military and the Baath political party, according to a 2015 BBC report, becoming the commander and secretary general of the two, respectively.
The Syrian Constitution was then amended to lower the minimum age to assume the presidency to 34, Assad’s age at the time.
In July 2000, Assad was voted to a seven-year term as president winning 97 percent support in an election in which he was the only candidate. Assad was elected to a second term in 2007 and a third term in 2014.
When he took office in 2000, he promised to be a reformer. But he soon began to crack down on those presenting opposition to his rule, including political opposition, journalists and human rightsactivists, according to Human Rights Watch.
The Syrian civil war, which is still ongoing, began with protests in March 2011 over the detainment of young boys who had painted anti-Assad and anti-government graffiti on their school walls, according to the Associated Press.
The protests in the months that followed, which called for greater reforms and President Assad to step down from power, became increasingly violent as there were reports of security forces opening fire. In December 2011, the U.N. had estimated that since March more than 4,000 people, including children, had been killed as a result of the military crackdown on protests.

http://abcnews.go.com/Politics/rise-syrias-controversial-president-bashar-al-assad/story?id=46649146

Syrian Reform: What Lies Beneath

by Farid N. Ghadry
Middle East Quarterly
Winter 2005, pp. 61-70

Tools of Dictatorship

First and foremost, foreign policymakers must recognize the nature of Syria's autocracy. Not every dictatorship is identical. In each country, rulers use different tools to ensure their absolute power. Identifying and removing these tools are keys to weakening despots and reducing the threats they pose to their own people and their neighbors.

The nature and strength of Syria's dictatorship have evolved over time. Beginning in late 1949, a series of military rulers, none lasting more than a few years, dominated Syria.

Monday, July 03, 2017

سربرينتشا.. الذكرى الثانية و العشرين

مسيرة سربرينتشا:

يبدأ صباح اليوم، الاثنين، المشاركون في مسيرة السلام السنوية اليوم التوجه نحو بلدة (قرية) بوتوكاري، حيث دفن ضحايا مجزرة سريبرينيتشا..ليصلون يوم 11 يوليه لحضور الجنازة الجماهيرية فى الذكرى الثانية والعشرين للمجزرة.
وتنظم المسيرة كل عام للتذكير بالمذبحة التى قتل فيها حوالى 8 الاف من البوسنيين ودفن اولئك الذين عثر على رفاتهم فى العام الماضى. وتقول وسائل الاعلام المحلية انه سيتم دفن حوالى 70 ضحية هذا العام.
و خلال رحلتهم سوف يمر المسيرون عبر عدد من المناطق الاخرى التى قتل فيها البوسنيون خلال حرب 1992 - 1995 من اجل تقديم التعبير عن احترامهم لهم.

"روحي تريد هذا، أريد أن أتقدم باحترامي للضحايا، والأشخاص الذين فقدوا أرواحهم في جميع أنحاء البوسنة والهرسك، لقد ا توفي زوجي وأشعر بالأمهات اللواتي فقدن أطفالهن، فأنا أم،" نقلت وكالة أنباء الأناضول عن رميزة سماجيتش التي انضمت إلى مسيرة سراييفو للمرة الخامسة.

وقال محمد بابيتش": "لقد سجل هذا العام 68 مشاركا، واصغرهم 17 عاما، و أكبرهم 65 عاما. لدينا مشتركون من كرواتيا وصربيا ومن جميع انحاء البوسنة والهرسك". ومن المتوقع أن يشارك أكثر من 5 الاف شخص فى مسيرة السلام السنوية من نيزوك يوم 8 يوليو المقبل. وقد نظمت المسيرة الأولى في عام 2005، بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لمذابح عام 1995، لإحياء ذكرى الآلاف الذين قتلوا على مسافة 100 كيلومتر سيرا على الأقدام إلى نيزوك هربا من سريبرينيتشا بعد سقوطها على قوات صرب البوسنة.

لا تنسوا هولندا المشاركة في الجريمة:

يأتي هذا أيضا بعد أيام من إدانة محكمة لقوات القاعدة الهولندية التابعة للأمم المتحدة و إعلان مسؤوليتها(جزئيا) عن المعركة:
كدت محكمة استئناف هولندية، الثلاثاء، أن هولندا مسؤولة جزئيًا عن مقتل نحو 300 مسلم طردوا من قاعدة هولندية تابعة للأمم المتحدة بعد أن اجتاحت قوات صرب البوسنة منطقة سربرنيتشا المحيطة بالقاعدة خلال الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة.

ويؤيد قرار محكمة الاستئناف في لاهاي قرارًا صدر عام 2014 بأن قوات حفظ السلام الهولندية كان بوسعها أن تدرك أن الرجال الذين لجأوا إلى القاعدة في قرية بوتوكاري سيتعرضون للقتل على يد قوات صرب البوسنة إذا أجبرتهم على الرحيل، وهو ما حدث بالفعل.

To shoot an Elephant!